عصام دربالة.. شهيد الاتزان وقائد البناء (2-8)

إسلام الغمري يكتب: خطوات أولى نحو القيادة.. البذور التي أنبتت رجل المواقف

profile
د إسلام الغمري سياسي مصري
  • clock 9 أغسطس 2025, 12:44:38 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

مقدمة السلسلة

في المقال الأول من هذه السلسلة “حين تُصبح الشهادة صوت العقل في زمن الجنون”، استعرضنا ملامح الاتزان والحكمة في شخصية القائد الشهيد الدكتور عصام دربالة، وكيف جمع بين الثبات على المبدأ والقدرة على البناء في أحلك الظروف.

واليوم، نعود خطوة إلى الوراء لنقرأ البدايات الأولى… تلك الجذور التي غرست في قلبه وعقله قيم القيادة الراشدة وروح الفريق، قبل أن يشتد عوده ويصبح أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في مصر.

التكوين المبكر… وميلاد البذرة

لم يُولد القادة الكبار فجأة، وإنما هم حصيلة مسار طويل من التربية والتجارب. كانت الطفولة المبكرة لعصام دربالة حافلة بملامح الشخصية القيادية: الانضباط، الجدّية، والميل لتحمّل المسؤولية.

في بيئته الأولى، تعلّم أن الانتصار الحقيقي ليس بالصوت العالي، بل بالفعل المؤثر. رأى كيف يُحترم الكبار الذين يوفون بوعودهم، ويتجنّبون الظلم، ويتحملون تبعات مواقفهم، فكبر وهو يرى المروءة والصدق رأس مال القائد.

الوعي المبكر بالقيم

منذ صغره، كان حريصًا على أن يكون موضع ثقة من حوله. لم يكن يرضى بالغش أو التلاعب، ورفض أن يُساير الخطأ ولو في صغائر الأمور.

كان قلبه معلقًا بالقيم، يدافع عن الضعيف، ويعترض على ما يراه ظلمًا، حتى لو جلب له ذلك المتاعب.

روح الفريق قبل موقع القيادة

من سماته المبكرة ميله للعمل الجماعي، لا من باب إخفاء دوره، بل من باب أن النجاح الجماعي أقوى أثرًا من الإنجاز الفردي.

كان يستمع للجميع، ويأخذ ما يراه صوابًا ولو جاء من أصغرهم سنًا، وهي سمة بقيت معه حتى آخر أيامه.

ملامح الانضباط الذاتي

حتى في سنواته الأولى، كان يلتزم بالنظام، ويُتقن إدارة وقته. لم يكن يعرف الفوضى في سلوكه، ولا الارتجال في قراراته. كان يرى أن القائد الذي لا يضبط نفسه لا يستطيع أن يضبط من حوله.

القيمة التي لم تفارقه

القيمة الأبرز التي لازمته منذ صغره هي رفض الاستبداد بالرأي. كان يرى أن فرض الرأي بالقوة هو بداية انهيار أي جماعة أو كيان. ولذلك، تعلّم أن الشورى ليست مجرد آلية لاتخاذ القرار، بل ثقافة تُعزز الثقة وتُنمّي الإبداع.

من البذرة إلى الغرس

هذه الملامح المبكرة لم تكن مجرد صفات عابرة لطفل واعد، بل كانت بذورًا نمت مع الزمن، وغذّتها التجارب، حتى صارت شجرة ثابتة الجذور.

كان واضحًا أن هذا الفتى، إذا أُحسن توجيهه، سيصبح قائدًا مختلفًا… قائدًا يوازن بين العقل والقلب، وبين الحزم والرحمة.

خلاصة المقال

قبل أن يعرفه الناس خطيبًا مفوّهًا أو مفكرًا استراتيجيًا، كان عصام دربالة طفلًا وشابًا يملك مخزونًا من القيم الراسخة. هذه القيم كانت نواة مشروعه القيادي الذي سيبرز لاحقًا في محطات أكثر حسمًا.

تمهيد للمقال التالي:

في المقال الثالث من السلسلة، “من القرية إلى الجامعة… البدايات التي صنعت الوعي”، سننتقل إلى مرحلة مفصلية في حياة عصام دربالة، حيث التحولات الفكرية والتجارب الجامعية التي صاغت وعيه ورسخت خياراته.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)