منطقة المواصي… من ملاذ آمن إلى ساحة استهداف

عاجل: 6 شهداء بقصف طائرات مسيّرة إسرائيلية خيام نازحين في منطقة المواصي بخان يونس جنوبي قطاع غزة

profile
  • clock 20 أغسطس 2025, 1:28:11 م
  • eye 414
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

أعلن مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، اليوم الأربعاء، عن وصول جثامين ستة شهداء وعدد من الجرحى بينهم أطفال ونساء، بعد استهداف طائرات مسيّرة إسرائيلية لخيام النازحين في منطقة المواصي الساحلية غرب المدينة. ويأتي هذا الاستهداف في وقت يشهد فيه القطاع واحدة من أعنف الموجات العدوانية منذ اندلاع الحرب، وسط تحذيرات متكررة من منظمات حقوقية ودولية من تفاقم الكارثة الإنسانية.

تفاصيل الاستهداف

بحسب المصادر الطبية في مجمع ناصر، فقد نفذت طائرات مسيّرة إسرائيلية عدة غارات دقيقة على تجمع من الخيام التي تأوي مئات العائلات النازحة في منطقة المواصي، ما أدى إلى اشتعال النيران في بعض الخيام وانهيار عدد آخر على رؤوس ساكنيها. وأكد شهود عيان أن الغارات وقعت بشكل مفاجئ، فيما كان السكان يحاولون الحصول على مؤن غذائية ومياه للشرب.

وقد سارعت فرق الإسعاف إلى نقل المصابين إلى مستشفى ناصر وسط صعوبات كبيرة بسبب الدمار ونقص سيارات الإسعاف والوقود. وأشار الأطباء إلى أن عدد الشهداء مرشح للارتفاع نظرًا لوجود إصابات حرجة بين الجرحى.

منطقة المواصي… من ملاذ آمن إلى ساحة استهداف

منطقة المواصي غرب خان يونس كانت خلال الأشهر الماضية من أبرز الوجهات التي لجأ إليها عشرات آلاف النازحين الفلسطينيين الفارين من القصف المدمر في مناطق أخرى من القطاع. وقد أقيمت هناك مخيمات عشوائية من الخيام البلاستيكية والمهترئة، لتشكل ملاذًا هشًّا يحاول النازحون من خلاله الاحتماء من نيران الحرب.

لكن الاستهداف الأخير أظهر بوضوح أن حتى هذه المناطق الساحلية التي وُصفت بـ"الأكثر أمنًا نسبيًا"، لم تعد بمنأى عن القصف الإسرائيلي. وبات المدنيون يواجهون الموت في أي مكان يظنون أنه آمن.

أبعاد إنسانية كارثية

استهداف خيام النازحين في المواصي يفتح الباب أمام كارثة إنسانية جديدة، إذ إن المخيمات تضم أعدادًا ضخمة من العائلات التي تعاني أساسًا من نقص الغذاء والدواء والمياه النظيفة. ومع سقوط مزيد من الضحايا، يصبح الوضع أكثر تعقيدًا، خاصة مع الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية في جنوب القطاع.

وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن استهداف المدنيين والنازحين يفاقم المأساة ويجعل آلاف الأسر في خان يونس تعيش ظروفًا لا تُطاق، حيث لا مأوى ولا غذاء ولا أمان.

دور مجمع ناصر الطبي

يُعتبر مجمع ناصر الطبي في خان يونس المستشفى الأكبر في جنوب غزة، لكنه يواجه ضغطًا هائلًا مع تزايد أعداد الشهداء والجرحى يومًا بعد يوم. ويعاني المستشفى من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، إضافة إلى أزمة حادة في الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية وأجهزة الإنعاش.

أطباء المجمع أكدوا أن استهداف الخيام يضاعف الأعباء عليهم، حيث يصل الجرحى بأعداد كبيرة في وقت قصير، ما يفوق قدرة الأقسام على الاستيعاب. كما أن غياب الدعم الدولي الفعلي يزيد من احتمالات وقوع وفيات إضافية بين المصابين.

شهادات من النازحين

قال أحد النازحين الذين نجوا من الاستهداف: "كنا نظن أن المواصي منطقة آمنة، جئنا إليها بعد أن دُمرت منازلنا في حي الزيتون بغزة. لكن اليوم فقدتُ اثنين من أطفالي في لحظة واحدة، ولم أعد أعرف إلى أين يمكن أن نذهب."

وأضاف آخر: "الخيام تحترق بسرعة، لم نتمكن من إنقاذ كل من كان بداخلها. المشهد كان مروّعًا، صرخات الأطفال والنساء ملأت المكان."

ردود الأفعال

أدان ناشطون ومؤسسات حقوقية محلية استهداف خيام النازحين، معتبرين أن ما جرى يرقى إلى جريمة حرب مكتملة الأركان. وطالبت هذه الجهات المجتمع الدولي بضرورة التدخل العاجل لوقف استهداف المدنيين، وبتوفير ممرات إنسانية آمنة لإخلاء الجرحى والمرضى إلى خارج القطاع.

من جانبها، أشارت تقارير إعلامية إلى أن القصف على المواصي يثير قلق المنظمات الدولية التي كانت قد صنّفتها سابقًا كـ"منطقة آمنة نسبية"، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية وجود أي مكان آمن بالفعل في غزة.

البعد السياسي والعسكري

يرى مراقبون أن استهداف خيام النازحين في خان يونس يعكس سياسة إسرائيلية واضحة تهدف إلى الضغط على المدنيين الفلسطينيين ودفعهم لمزيد من النزوح في ظروف قاسية، بهدف تفكيك النسيج الاجتماعي للقطاع وخلق أزمات إنسانية مركبة.

كما يُنظر إلى هذا الاستهداف على أنه رسالة بأن الاحتلال لا يميز بين مقاتلين ومدنيين، وهو ما يضاعف الانتقادات الدولية لإسرائيل التي تواجه بالفعل اتهامات متزايدة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

تحذيرات من تفشي الأمراض

مع تكدس الجثامين في المستشفيات وصعوبة دفن الشهداء بشكل عاجل، حذّر مختصون صحيون من أن الوضع قد يؤدي إلى تفشي الأوبئة والأمراض المعدية داخل المخيمات المزدحمة، خاصة في ظل غياب الرعاية الصحية والمياه النظيفة.

حادثة استهداف خيام النازحين في منطقة المواصي بخان يونس، والتي أسفرت عن استشهاد ستة مدنيين على الأقل وفق ما أعلنه مجمع ناصر الطبي، تمثل جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات التي يتعرض لها سكان قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.

هذه الجريمة تعكس بوضوح حجم الخطر الذي يواجهه المدنيون يوميًا، وتؤكد أن لا مكان آمن في غزة مهما كان بعيدًا عن خطوط المواجهة. ومع استمرار القصف والحصار، يظل المشهد الإنساني في القطاع مفتوحًا على مزيد من الكوارث ما لم يتدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل وحاسم.

التعليقات (0)