تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

شهد قطاع غزة منذ فجر اليوم تصعيدًا عسكريًا خطيرًا أدى إلى سقوط 50 شهيدًا فلسطينيًا على الأقل بنيران وقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفق ما أفادت به مصادر طبية في مستشفيات القطاع. وأكدت المصادر أن من بين الشهداء 26 في مدينة غزة وحدها، فيما لا تزال أعداد الجرحى في ارتفاع متواصل، وسط أوضاع إنسانية وصحية مأساوية تعصف بالقطاع المحاصر.

قصف مكثف منذ ساعات الفجر

بدأت طائرات الاحتلال منذ ساعات الفجر الأولى شنّ سلسلة غارات عنيفة استهدفت أحياء سكنية في مدينة غزة ومناطق أخرى في شمال ووسط القطاع. وبحسب شهود عيان، فإن القصف تركز على منازل مأهولة بالسكان، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا معظمهم من الأطفال والنساء. كما استُخدمت المدفعية الثقيلة في قصف أطراف مدينة غزة ومخيمات اللاجئين، في مشهد وصفه السكان بأنه "الأعنف منذ أسابيع".

حصيلة الشهداء والجرحى

وفقًا لإحصاءات رسمية من مستشفيات غزة، ارتفع عدد الشهداء إلى 50 شهيدًا منذ فجر اليوم، بينهم 26 شهيدًا في مدينة غزة فقط، بينما توزع البقية على مناطق شمالي القطاع مثل جباليا وبيت لاهيا، إضافة إلى خان يونس ورفح جنوبًا. كما تجاوز عدد المصابين مئات الجرحى، بينهم حالات خطيرة تعاني من حروق وبتر أطراف وإصابات مباشرة في الرأس والصدر.

استهداف منازل وأحياء سكنية

أفاد الدفاع المدني في غزة بأن الطائرات الحربية استهدفت ثلاثة منازل على الأقل في حي الزيتون وحي الشجاعية، مما تسبب في تدميرها فوق رؤوس ساكنيها. وأكدت الطواقم الميدانية أن عمليات البحث عن ناجين لا تزال جارية تحت الركام، حيث يُخشى من وجود عائلات كاملة ما زالت مفقودة.

انهيار المنظومة الصحية في غزة

تواجه مستشفيات غزة ضغطًا هائلًا مع توافد أعداد كبيرة من الشهداء والمصابين. وقالت وزارة الصحة إن المنظومة الصحية تعيش حالة انهيار شبه كامل بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي المتواصل، ما يهدد حياة مئات المرضى في أقسام العناية المركزة وغرف العمليات. كما ناشدت الوزارة المنظمات الدولية التدخل العاجل لتوفير الوقود اللازم لتشغيل المولدات.

الاحتلال يزعم استهداف "مواقع للمقاومة"

من جهته، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن غاراته منذ الفجر استهدفت ما وصفها بـ"مواقع عسكرية ومخازن سلاح تابعة للفصائل الفلسطينية"، إلا أن الواقع على الأرض يُظهر أن معظم الضربات وقعت في قلب الأحياء السكنية المكتظة، وهو ما تسبب في ارتفاع عدد الشهداء بشكل كبير.

تنديد فلسطيني واسع

أدانت الفصائل الفلسطينية في غزة هذا التصعيد، مؤكدة أن استهداف المدنيين جريمة حرب موصوفة تستدعي تدخل المجتمع الدولي. وقالت حركة حماس إن "الاحتلال يواصل سياسة الإبادة الجماعية بحق شعبنا في غزة، ولن تمر جرائمه دون رد". كما شددت حركة الجهاد الإسلامي على أن دماء الشهداء ستظل وقودًا لمواصلة المقاومة حتى إنهاء الاحتلال.

ردود فعل عربية ودولية

أثار التصعيد الأخير موجة غضب عربية وإسلامية، حيث دعت دول عربية إلى وقف فوري لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات الطبية. كما أصدرت منظمات حقوقية بيانات عاجلة تطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتحمل مسؤولياتهما لوقف العدوان على غزة. ومع ذلك، لا تزال المواقف الدولية متباينة، بين دعوات للتهدئة ودعم غير مشروط لإسرائيل من بعض القوى الكبرى.

الوضع الإنساني الكارثي في غزة

مع استمرار القصف وسقوط المزيد من الشهداء، يعيش سكان غزة أوضاعًا إنسانية قاسية. فقد نزحت مئات العائلات من المناطق المستهدفة إلى مدارس تابعة لوكالة الأونروا بحثًا عن مأوى، في حين تفتقر هذه المراكز لأبسط مقومات الحياة مثل المياه الصالحة للشرب والمواد الغذائية. كما يتخوف السكان من استمرار التصعيد ما يعني مضاعفة أعداد الضحايا في الساعات القادمة.

هل يشهد القطاع تصعيدًا أوسع؟

يرى مراقبون أن هذا التصعيد قد يكون مقدمة لمرحلة جديدة من العدوان الإسرائيلي، خصوصًا مع استهداف واسع النطاق لأحياء مكتظة. بينما تشير بعض التقديرات إلى أن الاحتلال يحاول الضغط على الفصائل الفلسطينية عبر تكثيف الغارات، دون استبعاد احتمال توسيع العملية العسكرية إذا لم تتحقق أهدافه المعلنة

منذ فجر اليوم وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، دفع قطاع غزة ثمنًا باهظًا بتشييع 50 شهيدًا بينهم 26 في مدينة غزة، فيما يواجه الجرحى والمصابين مصيرًا مجهولًا داخل مستشفيات عاجزة عن استيعاب المزيد. وبينما يبرر الاحتلال غاراته بأنها ضد "مواقع للمقاومة"، يتضح أن المدنيين هم الضحية الأكبر لهذا العدوان المستمر. ومع تفاقم الأزمة الإنسانية وغياب موقف دولي حاسم، يبقى مستقبل غزة مفتوحًا على المزيد من الدماء والدمار.