البعد الاقتصادي والإنساني

طالبان تؤكد لواشنطن تمسكها باستقلال أفغانستان وسلامة أراضيها

profile
  • clock 21 سبتمبر 2025, 9:43:44 ص
  • eye 423
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

أعلن نائب المتحدث باسم حركة طالبان في تصريح عاجل، أن الحركة أوضحت للولايات المتحدة خلال جميع المفاوضات السابقة أن استقلال أفغانستان وسلامة أراضيها يمثلان أولوية قصوى لا يمكن التنازل عنها.

وأكد أن واشنطن بدورها تعهدت بعدم استخدام القوة أو التهديد ضد أفغانستان، معتبرًا أن التزامها بهذا التعهد أمر في غاية الأهمية للحفاظ على الاستقرار والعلاقات بين الطرفين.

خلفية المفاوضات بين طالبان وواشنطن

منذ سيطرة حركة طالبان على السلطة في أغسطس 2021 بعد انسحاب القوات الأمريكية من كابول، دخل الطرفان في سلسلة من المحادثات غير المباشرة حول ملفات متعددة، أبرزها:

الاعتراف الدولي بالحكومة الأفغانية الجديدة.

الملف الأمني ومنع استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ضد الغرب.

العقوبات الاقتصادية المفروضة على طالبان.

المساعدات الإنسانية وتجميد الأصول الأفغانية في الخارج.

ورغم أن واشنطن لم تعترف رسميًا بحكومة طالبان حتى الآن، إلا أن قنوات التواصل مستمرة، خاصة فيما يتعلق بالشق الأمني ومكافحة الإرهاب.

استقلال أفغانستان.. محور أساسي لطالبان

تشدد طالبان في كل بياناتها وتصريحاتها على أن استقلال أفغانستان وسيادتها خط أحمر، وترفض أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية. وتعتبر الحركة أن أي محاولة أمريكية للضغط العسكري أو التهديد الأمني ستعيد الأوضاع إلى مربع الصراع، وهو ما تسعى لتجنبه.

ويرى محللون أن هذه التصريحات تعكس رغبة طالبان في ترسيخ صورة الدولة المستقلة، بعد عقدين من الاحتلال الأمريكي، وإرسال رسائل واضحة بأن أي تعاون مع واشنطن يجب أن يستند إلى مبدأ الندية والاحترام المتبادل.

التزامات واشنطن ومخاوفها

من جانبها، تعهدت الولايات المتحدة، وفق ما نقله المسؤول في طالبان، بعدم استخدام القوة أو التهديد ضد أفغانستان. إلا أن هناك مخاوف أمريكية مستمرة بشأن نشاط بعض الجماعات المسلحة مثل "تنظيم الدولة" داخل الأراضي الأفغانية.

كما تضع واشنطن شروطًا لأي تقارب مع طالبان، أبرزها:

ضمان حقوق المرأة والأقليات.

منع عودة أفغانستان كملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية.

تشكيل حكومة أكثر شمولية تضم أطرافًا غير طالبان.

لكن طالبان ترى أن هذه الشروط تمثل تدخلًا خارجيًا، وتؤكد أن النظام السياسي والشؤون الاجتماعية شأن داخلي أفغاني بحت.

البعد الاقتصادي والإنساني

من الملفات الأكثر تعقيدًا في العلاقة بين طالبان وواشنطن هو الجانب الاقتصادي، حيث ما تزال الأصول الأفغانية المجمدة في البنوك الأمريكية تمثل ورقة ضغط كبيرة. وتشير تقارير إلى أن أكثر من 7 مليارات دولار من الاحتياطات الأفغانية ما زالت مجمدة، ما يعيق قدرة طالبان على إدارة اقتصاد البلاد.

وتطالب طالبان بإلغاء العقوبات وإطلاق هذه الأموال من أجل إعادة إعمار البلاد، بينما ترد واشنطن بأن الإفراج عنها مشروط بضمانات تتعلق بالشفافية والحوكمة وحقوق الإنسان.

انعكاسات التصريحات على الداخل الأفغاني

تصريحات طالبان الأخيرة قد يكون لها تأثير مباشر على الشارع الأفغاني، الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة ونقص حاد في الخدمات الأساسية. إذ قد ينظر المواطنون إلى هذه المواقف على أنها محاولة من الحركة لتأكيد السيادة الوطنية، لكنها في الوقت نفسه قد تزيد من تعقيد العلاقة مع الغرب، ما يعني استمرار الأزمات الاقتصادية.

الموقف الإقليمي والدولي

تلعب دول الجوار الأفغاني مثل باكستان وإيران والصين وروسيا دورًا محوريًا في رسم ملامح مستقبل العلاقة بين طالبان وواشنطن. فهذه الدول تتابع عن كثب أي تفاهمات بين الطرفين، وتسعى في بعض الأحيان للتوسط لتخفيف التوترات.

ويرى مراقبون أن طالبان قد تستخدم علاقاتها الإقليمية كورقة ضغط على الولايات المتحدة، في ظل تقاربها مع موسكو وبكين، خاصة بعد دعوات متكررة لضم أفغانستان إلى مشاريع اقتصادية كبرى مثل "مبادرة الحزام والطريق" الصينية.

قراءة سياسية للتصريحات

تصريحات نائب المتحدث باسم طالبان تعكس:

إصرار الحركة على إبراز استقلالها السياسي وعدم خضوعها لأي تهديد خارجي.

تذكير واشنطن بتعهداتها السابقة التي نصت على عدم اللجوء إلى القوة ضد أفغانستان.

رسالة داخلية إلى الشعب الأفغاني بأنها تدافع عن سيادة البلاد.

ورقة تفاوضية لتحسين موقعها في أي محادثات مستقبلية حول الاقتصاد أو الاعتراف الدولي.

تحديات مستقبلية

رغم التصريحات الإيجابية، إلا أن العلاقة بين طالبان وواشنطن ستظل معقدة بفعل عدة عوامل:

غياب الثقة التاريخي بين الطرفين.

تضارب الأولويات، حيث تركز واشنطن على ملف حقوق الإنسان بينما تركز طالبان على السيادة والاعتراف الدولي.

استمرار نشاط جماعات مسلحة في أفغانستان يمثل تهديدًا للاستقرار.

الضغوط الاقتصادية الداخلية التي قد تدفع طالبان لمواقف أكثر تشددًا.

التعليقات (0)