ضغوط إقليمية على حماس لقبول خطة ترامب رغم فضيحة التلاعب الإسرائيلي

profile
  • clock 1 أكتوبر 2025, 9:54:48 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

قال موقع "أكسيوس" الأمريكي إن قطر ومصر وتركيا دخلت على خط الضغوط المكثفة على قيادة حركة حماس، بهدف دفعها نحو القبول بـ"خطة ترامب" التي قدمها الرئيس الأمريكي لوقف الحرب على قطاع غزة. وبحسب ما نقلته مصادر مطلعة على سير المفاوضات، فإن مسؤولين من الدول الثلاث عقدوا اجتماعين متتاليين مع وفد من قيادة حماس في العاصمة القطرية الدوحة خلال اليومين الماضيين، وأبلغوا الحركة برسالة واضحة وصريحة مفادها أن تبنّي المبادرة الأمريكية قد يشكل نقطة تحول مركزية في مسار إنهاء القتال. هذه الضغوط، التي جاءت من دول طالما قدمت نفسها كوسطاء أو داعمين للمقاومة الفلسطينية، تطرح تساؤلات حول طبيعة الصفقة التي يجري دفع حماس إليها، خصوصًا بعدما اتضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نسف جوهر الخطة التي تفاهم عليها ترامب مع الحكام العرب والمسلمين.

رد حماس وتحفظات محتملة

وفد حركة حماس، وفقًا للمصادر ذاتها، لم يرفض المقترح بشكل قاطع، بل أكد أنه سيتعامل معه "بمسؤولية عالية"، وأنه سيشرع في مشاورات موسعة مع الفصائل الفلسطينية الأخرى لتقديم رد رسمي في أقرب وقت ممكن. هذا الموقف يعكس إدراك الحركة لحساسية الظرف الراهن، لكنه لا ينفي وجود هواجس حقيقية من أن تكون الخطة مجرد غطاء لاستمرار الاحتلال. وفي تقدير جهات سياسية إسرائيلية، فإن حماس قد تعلن قبولها المبدئي ببعض بنود المبادرة، لكنها ستطرح تحفظات أساسية تتعلق بآليات التنفيذ والضمانات الدولية، في محاولة لتعديل صيغة الاتفاق أو على الأقل تقليل كلفته السياسية على المقاومة.

لكن المفارقة الكبرى تكمن في أن كل هذا الحراك يجري بينما يعرف الجميع أن نتنياهو أدخل تعديلات جوهرية على خطة ترامب، بحيث بات الانسحاب الإسرائيلي من غزة مرتبطًا بنزع سلاح حماس وبوجود "منطقة أمنية" تبقي قوات الاحتلال داخل القطاع إلى أجل غير مسمى. بهذا المعنى، فإن الضغوط على حماس للقبول بالمبادرة تبدو أقرب إلى محاولة انتزاع تنازل من طرف واحد، بينما الطرف الآخر أعاد صياغة الاتفاق وفق مصالحه الخاصة.

الدور القطري والتركي والمصري

في السياق نفسه، خرج رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بتصريحات حاول من خلالها منح الخطة طابعًا عمليًا، قائلاً إن الهدف المركزي منها هو إنهاء الحرب. لكنه اعترف في الوقت ذاته بأن ما عُرض حتى الآن لا يتجاوز مبادئ عامة تحتاج إلى نقاش معمق حول آليات التنفيذ. الوزير القطري شدد على أن المرحلة الحالية بالغة الأهمية وتشمل مفاوضات معقدة، داعيًا إلى البناء على ما تحقق حتى الآن بما يخدم الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية في غزة.

هذه اللغة تعكس مزيجًا من الواقعية والضغط، فهي تعترف بأن الخطة غير مكتملة وتفتقر إلى الضمانات، لكنها في الوقت نفسه تدفع حماس نحو الانخراط فيها باعتبارها المسار الوحيد المتاح حاليًا. غير أن ما يغيب عن هذا الخطاب هو أن الأساس الذي تفاهم عليه الحكام العرب والمسلمون مع ترامب قد تم إلغاؤه فعليًا بقرارات نتنياهو، الأمر الذي يجعل المفاوضات الجارية محكومة منذ البداية بمعادلة مختلة.

فضيحة التواطؤ السياسي

الجانب الأخطر في هذا المشهد يتمثل في الإهانة السياسية التي تعرض لها حكام العرب والمسلمين، بعدما رحبوا علنًا بجهود ترامب وأشادوا بتعهده بالانسحاب الإسرائيلي الكامل ومنع تهجير الفلسطينيين، ليتضح لاحقًا أن نتنياهو عدّل الخطة بما ينسف تلك التعهدات. ورغم ذلك، لم يصدر عن هذه الدول أي موقف حقيقي يعترض على التغييرات، بل استمرت في ممارسة الضغط على الطرف الفلسطيني الأضعف. هذا التناقض يكشف أن الحديث عن "خطة سلام" لا يعدو كونه غطاءً سياسيًا لإعادة إنتاج الاحتلال بوجه جديد، مع مشاركة أطراف عربية وإسلامية في فرضه على الشعب الفلسطيني.

في النهاية، تبدو الضغوط الحالية على حماس جزءًا من مسرحية سياسية أكبر، حيث يسعى ترامب إلى الظهور كزعيم عالمي قادر على إنهاء الحرب، بينما يفرض نتنياهو شروطه الفعلية على الأرض، وتتكفل العواصم العربية بتهيئة الطريق عبر ممارسة الضغط على الفلسطينيين. وبين هذه الدوائر المتقاطعة، يصبح الحديث عن سلام عادل أو تسوية متوازنة مجرد وهم، وتبقى الإهانة مضاعفة: إهانة لشعوب المنطقة التي ترى قادتها يتواطأون في تمرير خطة مشوهة، وإهانة لحكامهم الذين فقدوا حتى القدرة على الاعتراض بعدما أُسقطت تفاهماتهم علنًا على يد نتنياهو.
 

التعليقات (0)