ضغوط أمريكية سرية لفرض اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا قبل سبتمبر

profile
  • clock 31 أغسطس 2025, 1:28:48 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كشفت مصادر إسرائيلية رفيعة أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تكثف ضغوطها في اتجاه ترتيب تفاهم أمني أو صيغة "عدم اعتداء" بين إسرائيل وسوريا خلال الأسابيع المقبلة، على أن يكون الاتفاق جاهزاً قبل انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في النصف الثاني من سبتمبر. ونقلت مجلة "إيبوك" الاقتصادية العبرية عن هذه المصادر قولها إن واشنطن تضع ثقلاً سياسياً وإعلامياً كبيراً من أجل إنجاز تفاهم يقدَّم باعتباره خطوة تاريخية في الشرق الأوسط، في إطار سعي ترامب لتحقيق مكاسب سياسية ملموسة يمكن توظيفها في الداخل الأمريكي.

وتشير دوائر القرار في تل أبيب إلى أن الضغوط الأمريكية تواجه عقبات جدية، خصوصاً أن إسرائيل ترفض بشكل قاطع الانسحاب من قمة جبل الشيخ أو التراجع عن التوسعات التي قامت بها في المنطقة العازلة بعد سقوط نظام بشار الأسد. وبحسب هذه المصادر، فإن هذه النقطة تمثل محور الخلاف الأساسي الذي يعرقل أي تقدم، مع أن واشنطن تروّج لفكرة أن اتفاقاً أمنياً يشمل نزع السلاح في جنوب سوريا، ومنع تركيا من بناء قواعد عسكرية هناك، قد يحقق لإسرائيل مكاسب استراتيجية واسعة ويمنحها مبرراً إضافياً أمام الرأي العام الدولي.

ممر إنساني للدروز

إحدى النقاط التي يجري التفاوض حولها – وفق التسريبات – هي السماح بفتح ممر إنساني من الأراضي الإسرائيلية إلى محافظة السويداء التي تضم الكتلة الأكبر من الدروز في سوريا. وترى واشنطن وتل أبيب أن هذه الخطوة يمكن أن تُسوَّق على أنها ذات طابع إنساني، لكنها في جوهرها تخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية وتضمن نفوذاً إضافياً في الجنوب السوري.

في المقابل، يتمسك الرئيس السوري أحمد الشرع بموقف مغاير تماماً، إذ يصر على أن أي اتفاق يجب أن يبدأ بانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي السورية المحتلة، والعودة إلى "اتفاقية فصل القوات" الموقعة عام 1974. وهو شرط ترى فيه إسرائيل عودة إلى المربع الأول، فيما تعتبره دمشق أساساً لا يمكن التنازل عنه إذا كانت المفاوضات ستُمنح أي شرعية داخل الشارع السوري.

شرعية هشة ومكاسب مشروطة

المصادر الأمنية الإسرائيلية لا تخفي أنها تنظر إلى الشرع باعتباره شخصية متأرجحة بين القوة والضعف. فهو يمتلك – وفق تقييمها – نفوذاً على قطاعات واسعة من الشارع السوري السني، ما يمنحه قدراً من الشرعية الداخلية، لكنه يفتقد القدرة الفعلية على ضبط الفصائل الجهادية المسلحة التي تتحرك خارج سيطرة الدولة. هذا التوازن المربك يجعله قوياً في مواجهة بعض القوى الداخلية، لكنه ضعيف أمام التحديات الاقتصادية الكارثية التي تواجه سوريا بعد الحرب.

ومن وجهة نظر إسرائيلية، فإن هذه المعادلة المعقدة تجعل أي تنازل كبير تجاه تل أبيب تهديداً مباشراً لشرعية الشرع في الداخل السوري، بينما يدفعه الانهيار الاقتصادي والافتقار إلى الاستثمارات الأجنبية نحو خيارات اضطرارية قد تُفضي إلى تقديم تنازلات مضبوطة أو الدخول في اتفاقات اضطرارية. هذا الوضع يمنح واشنطن أملاً بأن لحظة الضعف يمكن أن تكون مدخلاً لفرض اتفاق يخدم مصالحها ويظهر في الإعلام كإنجاز دبلوماسي للرئيس ترامب.

مكاسب ترامب المؤجلة

مصادر سياسية في تل أبيب رجّحت أن البيت الأبيض سيواصل حتى انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة بذل أقصى جهد سياسي ودبلوماسي من أجل تضييق هوة الخلافات بين إسرائيل وسوريا والوصول إلى صيغة مقبولة يمكن الإعلان عنها في نيويورك. وتؤكد هذه المصادر أن ترامب يريد اتفاقاً سريعاً يُضاف إلى رصيده السياسي باعتباره الرجل الذي فرض معادلات جديدة في الشرق الأوسط.

لكن في الوقت ذاته، تواصل إسرائيل تنفيذ عمليات عسكرية واستخباراتية في العمق السوري، مستندة إلى ما تسميه "حرية العمل الأمني" لمواجهة الجماعات المسلحة، وهو ما يكرس معادلة تقول إن تل أبيب مستعدة للتفاوض والضغط السياسي، لكنها لن تتخلى عن خيار القوة العسكرية في أي لحظة، سواء فشلت المفاوضات أو استمرت.

التعليقات (0)