باراك يعلن سقوط "سايكس بيكو": الاحتلال يعيد ترسيم حدوده بالتوسع في سوريا ولبنان و"ربما أبعد"

profile
  • clock 31 أغسطس 2025, 12:28:03 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

في خطوة اعتبرها كثيرون تحديًا صارخًا للتوازنات الإقليمية، أطلق المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا ولبنان، توم باراك، تصريحات مثيرة للجدل قال فيها إن إسرائيل لم تعد ترى في حدود "سايكس بيكو" أي التزام، معتبرًا أن ما جرى بعد السابع من أكتوبر قد قلب قواعد اللعبة رأسًا على عقب. 

باراك، وفي مقابلة مع الإعلامي ماريو نوفال، لم يكتفِ بالتشكيك في شرعية تلك الحدود التاريخية، بل ذهب أبعد من ذلك حين أعلن أن إسرائيل ترى لنفسها الحق في التوسع داخل لبنان وسوريا وربما أبعد، إذا ما اعتبرت ذلك ضروريًا لـ"حماية أمنها"، على حد وصفه. هذه اللغة الواضحة تنذر بإعادة إنتاج مشهد استعماري جديد بغطاء أمريكي مباشر، وتفتح الباب أمام احتمالات خطيرة قد تعيد المنطقة إلى حالة من الفوضى الدائمة.

إسقاط الماضي الاستعماري

المثير في تصريحات باراك أنها لم تقتصر على تسويغ الأطماع الإسرائيلية، بل جاءت متزامنة مع هجوم مباشر على اتفاقية سايكس بيكو التاريخية الموقعة عام 1916 بين بريطانيا وفرنسا، والتي رسمت خرائط النفوذ في المنطقة عقب سقوط الدولة العثمانية. 

وصف باراك تلك الاتفاقية بأنها "خطأ إمبريالي كلّف الأجيال الكثير"، مؤكّدًا أن عصر التدخل الغربي المباشر قد انتهى، وأن القوى الخارجية لم تعد قادرة على فرض خرائطها القديمة على شعوب المنطقة. لكن المفارقة هنا أن هذا "النقد" لسايكس بيكو يبدو أقرب إلى تبرير مخططات إسرائيل للتوسع وإعادة ترسيم الحدود بالقوة، وهو ما يجعل من هذه التصريحات بمثابة غطاء سياسي لمحاولات الاحتلال فرض واقع جديد على حساب الشعوب العربية.

رؤية أمريكية جديدة؟

باراك حرص أيضًا على تسويق فكرة أن السياسة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب لم تعد قائمة على التدخل المباشر أو فرض الإملاءات، وإنما على ما أسماه "الحلول الإقليمية" والشراكات المبنية على الاحترام المتبادل. وأكد أن مستقبل الشرق الأوسط، من وجهة النظر الأمريكية الجديدة، يجب أن يُرسم بأيدي شعوبه لا عبر خرائط مصطنعة قادمة من الخارج. هذه الرسالة قد تبدو براقة للوهلة الأولى، لكنها تتناقض جذريًا مع مضمون التصريحات التي تمنح إسرائيل الحق في تجاوز حدود رسمها المجتمع الدولي قبل أكثر من قرن. بمعنى آخر، فإن واشنطن تطرح نفسها كوسيط "محايد"، بينما في الواقع تعطي الغطاء لأكثر مشاريع التوسع خطورة في المنطقة.

ردود فعل متباينة

ولم تمر تصريحات باراك دون ضجة، إذ اعتبرها البعض مؤشرًا على تحول جذري في النهج الأمريكي تجاه الشرق الأوسط، ومحاولة لطي صفحة الإرث الغربي القديم لصالح ترتيبات إقليمية جديدة. في المقابل، حذّر آخرون من أن هذه التصريحات قد تُفجّر مزيدًا من التوترات، خصوصًا أن أي محاولة لتجاوز الحدود التاريخية بين الدول لن تُواجَه بالترحيب، بل ستفتح بابًا لصراعات دامية. ما بين من يراها إعلانًا عن "خريطة جديدة" للمنطقة، ومن يتوجّس منها كجرس إنذار لتصعيد غير مسبوق، تبقى الحقيقة أن واشنطن، ومن خلفها تل أبيب، تسعيان لإعادة رسم الشرق الأوسط وفق مصالحهما، ولو على أنقاض الشعوب.

التعليقات (0)