ضرغام القاضي يكتب: فتاح

profile
ضرغام القاضي صحفي عراقي
  • clock 19 يونيو 2025, 1:44:44 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تُعد الحرب المحتملة أو المتصاعدة بين إيران وإسرائيل واحدة من أكثر الصراعات الإقليمية تعقيدًا وخطورة في الشرق الأوسط، لما تحمله من أبعاد جيوسياسية ودينية وعسكرية تؤثر ليس فقط على المنطقة، بل على الأمن والسلم العالميين. فمع كل تصعيد جديد، تلوح في الأفق ملامح حرب إقليمية قد لا تبقى محصورة بين طرفين، بل تمتد لتشمل حلفاء ووكلاء في ساحات متداخلة.

جذور التوتر بين طهران وتل أبيب ليست وليدة اللحظة، بل تعود لعقود من التصادم الأيديولوجي والسياسي. تنظر إسرائيل إلى المشروع النووي الإيراني بوصفه تهديدًا وجوديًا، وتعتبر النفوذ الإيراني المتنامي في العراق وسوريا ولبنان بمثابة طوق خانق لأمنها القومي. بالمقابل، ترى إيران في إسرائيل كيانًا احتلاليًا، وتتبنى دعم فصائل مقاومة في مقدمتها “حزب الله” في لبنان و”حماس” في غزة، ضمن استراتيجية “الممانعة” التي تعلن التصدي للهيمنة الغربية والإسرائيلية في المنطقة.

ومع مرور الوقت، تطورت هذه المواجهة إلى حرب “من نوع آخر”: عمليات اغتيال طالت علماء نوويين إيرانيين، هجمات سيبرانية عطلت منشآت حساسة، وضربات جوية إسرائيلية متكررة استهدفت مواقع عسكرية داخل سوريا، يعتقد أنها تابعة لإيران أو موالية لها. هذا “الصراع في الظل” يتوسع ببطء لكنه بثبات، ممهّدًا لمواجهة قد لا تبقى سرّية إلى الأبد.

التطورات المتسارعة في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد حرب غزة 2024، واشتداد الاشتباكات في جنوب لبنان وسوريا، زادت من سخونة المشهد. تصريحات المسؤولين من الجانبين تنذر بأن خطوط الرجعة بدأت تضيق، بينما يحذر مراقبون من أن “شرارة واحدة” قد تكفي لإشعال صراع إقليمي واسع.

القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا والصين، تراقب الوضع عن كثب، كلٌ من زاويته. فواشنطن تحاول كبح جماح التصعيد عبر قنوات دبلوماسية وأمنية، دون أن تخفي دعمها التقليدي لإسرائيل. أما موسكو، التي ترتبط بعلاقات متشابكة مع طهران ودمشق، فتحاول الموازنة بين الحفاظ على نفوذها من جهة، وتجنب انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة من جهة أخرى.

في ظل هذه المعادلة المعقدة، تبدو السيناريوهات مفتوحة: من استمرار الصراع منخفض الشدة، إلى اشتعال حرب مباشرة محدودة أو شاملة، أو حتى تسوية مؤقتة تفرضها توازنات الردع. لكن ما هو مؤكد، أن الشرق الأوسط يقف على حافة مفترق طرق، حيث الكلمة الأخيرة ستكون للميدان، لا للطاولات الدبلوماسية


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)