استثمارات أوروبية أخرى تنسحب من إسرائيل

صندوق التقاعد الدانماركي يستبعد استثماراته في إسرائيل بسبب حرب غزة

profile
  • clock 25 سبتمبر 2025, 12:58:25 م
  • eye 419
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
استثمارات أوروبية أخرى تنسحب من إسرائيل

محمد خميس

في خطوة جديدة تعكس تصاعد حملة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل على خلفية الحرب المستمرة ضد غزة وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، أعلن صندوق التقاعد الدانماركي "أكاديميكر بنسيون" اليوم الأربعاء عن قراره استبعاد الأصول الإسرائيلية من محفظته الاستثمارية، بما في ذلك الشركات المملوكة أو الخاضعة لسيطرة الحكومة الإسرائيلية.

القرار جاء بعد مراجعة دقيقة لتأثير الحرب على القيم الأخلاقية التي يتبناها الصندوق، وخاصة فيما يتعلق بالالتزام بحقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية الدولية. وتقدر قيمة الصندوق بـ 157 مليار كرونة دانماركية (24.77 مليار دولار)، ويدير معاشات فئات أكاديمية تشمل المعلمين وأساتذة الجامعات في الدانمارك.

موقف صندوق التقاعد الدانماركي

قال الرئيس التنفيذي للصندوق، جينز مونش هولست، في تصريحات نقلتها وكالة رويترز:
"يأتي القرار تقييماً لقدرة إسرائيل على صون حقوق الإنسان، ولا يمكننا كمؤسسة مالية مسؤولة الاستمرار في الاستثمار في أصول تتعارض مع المبادئ الأساسية للعدالة الدولية."

وأضاف أن ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، سواء في غزة التي تعاني من حرب إبادة أو في الضفة الغربية حيث تتسع رقعة الاستيطان غير القانوني، لم يعد يتماشى مع سياسات الاستثمار المسؤولة المعتمدة من قبل الصندوق.

استثمارات أوروبية أخرى تنسحب من إسرائيل

خطوة الدانمارك ليست معزولة، بل تأتي بعد سلسلة قرارات مشابهة اتخذتها صناديق أوروبية أخرى، أبرزها:

صندوق الثروة السيادية النرويجي الذي تبلغ قيمته نحو تريليوني دولار، حيث أعلن في وقت سابق تقليص استثماراته في شركات إسرائيلية متورطة في بناء المستوطنات.

قرارات من بنوك وشركات أوروبية أصغر حجماً بوقف التعاملات المالية مع شركات مرتبطة بمشاريع استيطانية أو أنشطة عسكرية إسرائيلية.

هذه القرارات تعكس تصاعد الضغوط الاقتصادية على تل أبيب، في وقت تواجه فيه عزلة سياسية ودبلوماسية متنامية بسبب استمرار الحرب على غزة وتجاهل قرارات المجتمع الدولي.

الوضع الإنساني في غزة وتأثيره على القرارات الاقتصادية

الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 65 ألف شهيد معظمهم من المدنيين، إضافة إلى مئات آلاف الجرحى والنازحين، بحسب السلطات الصحية المحلية. كما تشهد غزة مجاعة واسعة النطاق تهدد حياة مئات الآلاف، في ظل الحصار الشديد ونقص الغذاء والدواء.

هذه المآسي الإنسانية دفعت منظمات دولية، بينها الأمم المتحدة، إلى اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية. وقد أصدرت محكمة العدل الدولية في وقت سابق حكماً وصفت فيه احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والمستوطنات المقامة عليها بأنه غير قانوني، مطالبة تل أبيب بالانسحاب الفوري، وهو ما رفضته الحكومة الإسرائيلية.

البعد القانوني والأخلاقي للقرار

يرى محللون أن قرار صندوق التقاعد الدانماركي يعكس التزاماً متزايداً في أوروبا بربط الاستثمار بالمعايير الأخلاقية، خاصة في ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان. فمع تزايد التقارير الدولية التي توثق الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، أصبح من الصعب على المؤسسات المالية الكبرى تبرير استمرار ضخ الأموال في الاقتصاد الإسرائيلي.

كما أن تجاهل إسرائيل لقرارات محكمة العدل الدولية، واستمرارها في سياسات الاستيطان والتهجير القسري، جعلها عرضة لانتقادات غير مسبوقة في الأوساط الأوروبية، ليس فقط على المستوى الشعبي وإنما كذلك بين الحكومات والمؤسسات.

التأثير المحتمل على الاقتصاد الإسرائيلي

يشير خبراء إلى أن مثل هذه القرارات قد لا تؤدي فوراً إلى انهيار اقتصادي في إسرائيل، لكنها تُعد مؤشرات خطيرة على تراجع الثقة العالمية في استقرارها الاقتصادي والسياسي.

المؤسسات المالية العالمية، خصوصاً في أوروبا، أصبحت أكثر حذراً في ضخ استثمارات جديدة.

قد تتوسع القرارات لتشمل قطاعات استراتيجية مثل التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية.

الانسحابات المتتالية تضعف صورة إسرائيل كوجهة آمنة للاستثمار طويل الأجل.

ويرى مراقبون أن هذا الضغط الاقتصادي ربما يُضاف إلى الضغوط السياسية والدبلوماسية التي تحاول كبح العدوان الإسرائيلي وإجبار تل أبيب على احترام القانون الدولي.

ردود الفعل الإسرائيلية المتوقعة

حتى الآن، لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة الإسرائيلية على قرار صندوق التقاعد الدانماركي، لكن من المرجح أن تصفه تل أبيب بأنه "قرار غير عادل ومتحيز"، كما فعلت مع قرارات سابقة من صناديق أوروبية.

وغالباً ما تلجأ إسرائيل في مثل هذه الحالات إلى شن حملات ضغط سياسية وإعلامية لإقناع الحكومات الأوروبية بالعدول عن هذه الخطوات. غير أن التوجه المتنامي في أوروبا نحو الاستثمار المسؤول اجتماعياً يجعل من الصعب تغيير هذا المسار.

هل هي بداية مقاطعة أوسع؟

القرار الدانماركي يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين أوروبا وإسرائيل. فمع استمرار الحرب وغياب أي أفق لحل سياسي، قد نرى المزيد من الصناديق والمؤسسات المالية الأوروبية تتجه نحو مقاطعة استثمارات إسرائيل.

هذا الاتجاه يعزز حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، التي تنشط منذ سنوات للضغط على إسرائيل لوقف احتلالها وانتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني.

التعليقات (0)