-
℃ 11 تركيا
-
4 أغسطس 2025
شراكة تتجدد: اتفاقية تجارة حرة بين بريطانيا وتركيا تدخل مرحلة التحديث والتوسع
جولة أولى ناجحة
شراكة تتجدد: اتفاقية تجارة حرة بين بريطانيا وتركيا تدخل مرحلة التحديث والتوسع
-
3 أغسطس 2025, 3:54:42 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
في تصريح جديد لوكالة "الأناضول"، أكد كنان بوليو، القنصل العام البريطاني في إسطنبول والمفوض التجاري للمملكة المتحدة في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، أن عملية تحديث اتفاقية التجارة الحرة بين بريطانيا وتركيا تمضي قدمًا بخطى ثابتة، مشيرًا إلى أن الجولة الأولى من المفاوضات انتهت بنجاح. وأوضح بوليو أن هذه الجولة تناولت ملفات مهمة، في مقدمتها تجارة السلع والاستدامة، تمهيدًا للجولة المقبلة المقررة قبل نهاية العام، والتي ستُركّز على رسم خارطة طريق لتوسيع التعاون في قطاعات حيوية مثل الخدمات والابتكار.
بوليو وصف هذه الخطوة بأنها "مثال رائع على ما ينبغي أن تكون عليه اتفاقية تجارية حديثة بين شريكين مهمين"، مضيفًا أن العلاقة بين أنقرة ولندن تشهد تواصلًا مستمرًا على مستوى الشركات والمؤسسات، وهو ما يُترجم إلى تعاون فعّال في مجالات الطاقة والنمو الاقتصادي.
أرقام ضخمة وواقع متغير
وفق بوليو، فقد تجاوز حجم التبادل التجاري بين المملكة المتحدة وتركيا 27 مليار جنيه إسترليني (نحو 36 مليار دولار)، مما يجعل تركيا واحدة من أبرز الشركاء التجاريين لبريطانيا. هذا الزخم في التبادل يعكس رغبة الطرفين في تطوير العلاقات لتتناسب مع المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، لا سيما بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تاريخيًا، تعود العلاقات التجارية بين البلدين لعقود، لكنها شهدت نقلة نوعية في ديسمبر 2020، حين وقّع الطرفان اتفاقية تجارة حرة دخلت حيّز التنفيذ في يناير 2021. وقد هدفت هذه الاتفاقية في نسختها الأولية إلى تفادي الانقطاع في سلاسل التوريد بعد "البريكست"، وركّزت بالأساس على السلع الصناعية.
لكن هذه الصيغة المبدئية، ورغم أهميتها، بدت محدودة في ظل عالم سريع التغيّر، لا سيما أنها لم تغطِّ بالقدر الكافي قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والخدمات الرقمية. ومن هنا تنبع الحاجة إلى تحديث الاتفاقية بشكل يواكب تحولات الاقتصاد العالمي، ويُسهم في صياغة نموذج حديث لاتفاقيات التجارة الحرة.
ما بعد التحديث: نحو نموذج عالمي
بحسب بوليو، فإن التحديث المرتقب سيُتيح لبريطانيا وتركيا تصميم نموذج عالمي جديد في مجال التجارة الحرة، قائم على الشمول والمرونة، وقادر على الصمود أمام التحديات الجيوسياسية والاقتصادية. وسيركّز هذا النموذج على ملفات حيوية، أبرزها: الاقتصاد الرقمي، الابتكار، الطاقة النظيفة، والاستدامة.
ويأتي هذا التوجه في وقت تتطلع فيه الحكومات إلى تنويع شراكاتها التجارية لتقليل الاعتماد على شركاء تقليديين، وبناء منظومات اقتصادية متكاملة تُعزز من الاستقرار والنمو على المدى البعيد.
من الاقتصاد إلى الأمن
اللافت أن الشراكة البريطانية التركية لم تعد تقتصر على الاقتصاد فقط، بل اتخذت بعدًا استراتيجيًا متعدد المحاور. ففي هذا السياق، أشار بوليو إلى مذكرة التفاهم الموقعة مؤخرًا بين الجانبين، والتي تتيح لتركيا استخدام طائرات "يوروفايتر تايفون"، موضحًا أن ثلث هذه الطائرات سيُنتج داخل بريطانيا، ما يُوفر فرصًا اقتصادية كبيرة ويدعم التعاون في مجالَي الدفاع والأمن.
كما أكد القنصل البريطاني أن هذا التعاون العسكري يتكامل مع شراكة وثيقة في مجال الطاقة النظيفة، بما يحقق أهداف الطرفين في النمو المستدام ويعزز من مكانة هذه الشراكة بوصفها نموذجًا للتعاون الثنائي في قطاعات المستقبل، وليس فقط التجارة التقليدية.
مع استمرار مفاوضات تحديث الاتفاقية، يتضح أن العلاقة بين لندن وأنقرة تتجه نحو مرحلة جديدة تتجاوز المصالح التجارية إلى آفاق أرحب تشمل التكنولوجيا والدفاع والطاقة. وإذا ما اكتمل هذا المشروع كما يُخطط له، فسيكون أحد أكثر اتفاقيات التجارة الحرة تطورًا في المنطقة، ويؤسس لتحالف استراتيجي طويل الأمد بين بلدين يتشاركان تحديات الحاضر وطموحات المستقبل.









