سميح خلف يكتب: الحرب بين مفهوم المشاغلة والمواجهة ( هل لكم بالتاريخ عبرة؟ )

profile
سميح خلف كاتب ومحلل سياسي
  • clock 17 أغسطس 2025, 4:37:34 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
غزة

لم يكن التاريخ ببعيد عمّا يحدث اليوم سواء على ساحة غزة أو الضفة أو دول شرق البحر المتوسط أو ما يُسمّى دول الطوق أيضًا، ومركزية ما يحدث هي فلسطين وبؤرتها الآن (غزة).


في تاريخ التجربة الفلسطينية سقطات كبرى منذ ما يُسمّى الطلقة الأولى في 1965م، ولكن في الحقيقة كانت قبلها طلقات وطلقات. وهذا ما أكدته لتصحيح التاريخ، ومن قالوا يقولون وما زالوا يقولون بأنها كانت الطلقة الأولى في العصر المعاصر، وبذلك هذا المفهوم نفى التجربة الفلسطينية المسلحة ما قبل ذلك من تفجير خزان زوهر في الخمسينات من قبل المواطن المتمرد على الواقع والواقع الحزبي (أبو جهاد) الذي كان متداولًا في ذلك الوقت. وهذا أكدته في أكثر من مقال سابق، وقبل أن تؤكده وتوثقه الأخت أم جهاد الوزير في مقابلتها مع قناة العربية قبل يوم (خط المواجهة)، وما ذكرته أيضًا عن خلاف بين أبو عمار وأبو جهاد حول هذه النقطة (ومذكرات أبو جهاد) الذي اضطر فيها أبو جهاد إلى حرق كل ما طُبع من مذكراته. لا أريد أن أخوض هنا في مناطق فراغ لم تتحدث فيها أم جهاد، بل اقتصر حديثها على الخلاف مع عرفات، ولكن كان الخلاف أعمق بكثير بعد الخروج من بيروت، وهذا كان مرتبطًا ببرنامج عرفات وسياسته. والقصة طويلة هنا أدت إلى اغتيال أبو جهاد.

 

لكي لا أطيل عليكم في هذا المقال المتشعّب والمتوسع، إذا أطلقنا أفكارنا لسرد تاريخ هذه التجربة، وباختصار شديد وتقليص للأفكار، فقد تحول برنامج منظمة التحرير منذ عام 1973 وإرهاصاته ما قبل ذلك ليس إعداد برنامج وعتاد وتدريبًا لقضية (التحرير)، بل بمعنى التحريك السياسي تحت مبدأ الاعتراف بمنظمة التحرير. وبالتالي هذا كان مفهوم (المشاغلة)، وكانت محطة من المحطات أدت إلى فشل وفشل وفشل ..

 

أما المحطة الثانية فهي حرب الجنوب في 1982، والتي تحدث فيها أبو عمار عن (يا وحدنا يا وحدنا). فوقف العالم ودول الإقليم متفرجين على اجتياح بيروت وحصارها وتدمير ضاحيتها الجنوبية والجنوب. أما دول (الصمود والتصدي) التي شُكّلت بعد كامب ديفيد فلم يكن لها أثر إسنادي أو مواجهة مع الاحتلال (الغزو).

 

وما أكثر المحطات التي اعتمد فيها أسلوب المشاغلة أو التحريك للتذكير بأن هناك تمثيلًا للشعب الفلسطيني. وبتوافق انطلقت المبادرات الأولى وتلتها الأخرى، وآخرها المبادرة العربية.

 

أما عن برنامج منظمة التحرير الذي اعتادت عليه القيادة الفلسطينية وهو خيار السلام، فقد أدى إلى اضمحلال القوات العسكرية والقتالية، واستثمار المال الممنوح لمنظمة التحرير أو المقاومة ـ أو كما تسمّوها في ذلك الوقت ـ لم يُستثمر في بناء قوات بهدف التحرير، بل في التحريك والمشاغلة ببعض قذائف من الجنوب اللبناني على أحراش كريات شمونة، والاهتمام ببناء الأجهزة والبيروقراطية في الجيش. وخاصة عندما تسلم زمام الأمور في قيادة الجيش أولئك الذين بقوا من بقايا الجيوش العربية من مصر وسوريا والعراق (طبعًا فلسطينيين). فنمت حالة البيروقراطية والتسيّب وتصريف المال لأغراض غير بناء قوات قتالية بعتادها المتطور. تاريخ قد يُكتب فيه كتب ورسائل دكتوراه.

 

المهم هنا في المحطة الثالثة هو التحاق ياسر عرفات بالقطار الأمريكي، وهذا هو التعبير الذي أطلقه عرفات تلبية لدعوات فيليب حبيب المبعوث الأمريكي. وكان عرفات على يقين ومعلومات ربما كانت مبكرة قبل الاجتياح بشهرين، عندما قال في اجتماع للقيادة العسكرية: "إننا ذاهبون في القطار الأمريكي لحكم ذاتي" (اختصارًا).


الطريف في هذا الموضوع أن قوات منظمة التحرير التي خرجت وتخلت عن أدنى مهمة لها في مفاهيم حركات التحرر وهي المشاغلة، كانوا 15000. فهل هذا فعلا كان هو جيش التحرير لفلسطين؟ وللإنصاف كان هناك كوادر عظيمة ومناضلة، ولكن كان هناك البلطجية والمدمنون الذين تعودوا على التسكع في شارع الحمرا والمناطق الأخرى (شبيحة). فهل هذا جيش التحرير لفلسطين؟
 

عندما وقعوا أوسلو وذهبوا إلى أرض الوطن اضطر فؤاد الشوبكي ـ رحمه الله ـ أن يغذي تلك القوات بالتعداد من فلسطينيين مقيمين في مصر وسوريا لتكبير العدد. وفيما بعد خضعوا في غزة والضفة لـ 45 يومًا تدريبًا على الأسلحة الخفيفة ومهام الشرطة ورتب مالية.

 

أما اليوم، فكما قلت، فهو التاريخ يعيد نفسه في المشاغلة. هذه المرة ليست من المقاومة الفلسطينية، بل من جبهة الإسناد الإقليمية التي ـ للإنصاف ـ دربت ودعمت وزودت أيضًا بالمعلومات للمقاومة الفلسطينية كحزب الله وإيران وساحات أخرى. ونسجل كل الاحترام والتقدير للجبهة اليمنية التي ما زالت تدك عمق دولة الكيان متآزرة مع المقاومة الفلسطينية في غزة ليومنا هذا. وأذكر بذلك الاجتماع في بيروت الذي جمع قادة المقاومة وسماحة الشيخ حسن نصر الله رحمه الله، لينبثق عنه مفهوم (وحدة الساحات) في المواجهة مع المشروع الصهيوني.
 

بعد السابع من أكتوبر كان الجميع يتوقع إشعال الشمال الفلسطيني واجتياح قوات الرضوان للشمال متوافقة مع عمق الضربة وقوتها التي انطلقت من غزة، وأن تتحرك صواريخ المقاومة العراقية واليمنية. هكذا كان يتصور نتنياهو المواجهة إذا ما قرر الهجوم على غزة. فعندها سأل نتنياهو ما قبل هجوم السابع من أكتوبر: هل يمكن إذا اشتعلت الحرب في غزة أن تتقدم قوات الرضوان إلى الشمال؟ فأجابه رئيس الأركان: "لا أعتقد ذلك، بل سيعتمد حزب الله على المشاغلة". وهذا ثبت فعليًا بعد اجتياح غزة وأداء حزب الله، إذ كانت كل عملياته على أبراج الاتصالات والمراقبة التي هي على الحدود بين فلسطين المحتلة وجنوب لبنان، وهي تلك المشاغلة. وهذا التردد هو الذي قسم ظهر البعير، بالإضافة إلى معطيات كثيرة أدت إلى انكسار حزب الله ووضع سلاحه الآن تحت المساومة الأمريكية والدولة اللبنانية.


أما إيران فأعتقد كان لديها حسابات إقليمية ودولية دقيقة جدًا منعتها من الدخول مباشرة. ولكن كالعادة هذا التردد جعلها أولًا وأخيرًا تحت الاستهداف بذريعة تزويد الحوثيين بالسلاح وحزب الله. ووقعت أيضًا في فخ المشاغلة. وقد تكون مصالح إيران تختلف نسبيًا عما تريده الساحات الأخرى في اليمن ولبنان وغزة، فالأكثر أهمية لإيران هو نفوذها في العراق.

 

بنظرة إلى الواقع اليوم، كما ردد عرفات في بيروت (يا وحدنا يا وحدنا)، أُحرقت غزة كما أُحرقت الأندلس، أيضًا غرناطة. وما زالت المقاومة مشتعلة لهذا اليوم وغدًا وبعد غد. والمهم هنا أنّ شريحة كبيرة من الشعب الفلسطيني والنظام الرسمي العربي وقوى دولية لن تكون بأي حال من الأحوال تصب لصالح المشروع الفلسطيني المقاوم، بل تصب لمصلحة نظرية أمن الاحتلال. وهي التي استوعبها نتنياهو في طموحاته الأبعد في حلمه الذي لم ولن يتحقق في إسرائيل الكبرى.


أُحرقت غرناطة بعد توقيع الملكة ايزابيلا والرهبان والقساوسة على الحفاظ على حقوق المسلمين، وحلفت ايزابيلا على الإنجيل لكي لا تُخلّ بالاتفاقية أو العهد وتلتزم به من ثمانين بندًا بحفظ حقوق أهل الأندلس العرب المسلمين وأمنهم وسلامتهم وممارسة طقوسهم. ولكن بعد ذلك طلبت ايزابيلا من راعي الكنيسة الكاثوليكية أن يغفر الله لها إذا اخترقت الاتفاقية، وطلبت منه الإذن بذلك، فأجابها راعي الكنيسة بأن الله سيغفر لكِ. وبعدها حصلت مذابح وحرق المسلمين وصكوك الغفران في الأندلس.

 

هذا ما يطالبون به اليوم من تسليم السلاح قبل الوصول إلى حل سياسي يؤدي إلى دولة فلسطينية وتثبيت الهوية الفلسطينية على الأرض. ولكم في التاريخ الحديث أيضًا ما حدث في صبرا وشاتيلا ودير ياسين وكفر قاسم ومذابح أخرى وحرق عائلات بكاملها في الضفة وغزة .. هل لكم في التاريخ عبرة؟؟
الحرب بين مفهوم المشاغلة والمواجهة ( هل لكم بالتاريخ عبرة؟ )

 

لم يكن التاريخ ببعيد عمّا يحدث اليوم سواء على ساحة غزة أو الضفة أو دول شرق البحر المتوسط أو ما يُسمّى دول الطوق أيضًا، ومركزية ما يحدث هي فلسطين وبؤرتها الآن (غزة).


في تاريخ التجربة الفلسطينية سقطات كبرى منذ ما يُسمّى الطلقة الأولى في 1965م، ولكن في الحقيقة كانت قبلها طلقات وطلقات. وهذا ما أكدته لتصحيح التاريخ، ومن قالوا يقولون وما زالوا يقولون بأنها كانت الطلقة الأولى في العصر المعاصر، وبذلك هذا المفهوم نفى التجربة الفلسطينية المسلحة ما قبل ذلك من تفجير خزان زوهر في الخمسينات من قبل المواطن المتمرد على الواقع والواقع الحزبي (أبو جهاد) الذي كان متداولًا في ذلك الوقت. وهذا أكدته في أكثر من مقال سابق، وقبل أن تؤكده وتوثقه الأخت أم جهاد الوزير في مقابلتها مع قناة العربية قبل يوم (خط المواجهة)، وما ذكرته أيضًا عن خلاف بين أبو عمار وأبو جهاد حول هذه النقطة (ومذكرات أبو جهاد) الذي اضطر فيها أبو جهاد إلى حرق كل ما طُبع من مذكراته. لا أريد أن أخوض هنا في مناطق فراغ لم تتحدث فيها أم جهاد، بل اقتصر حديثها على الخلاف مع عرفات، ولكن كان الخلاف أعمق بكثير بعد الخروج من بيروت، وهذا كان مرتبطًا ببرنامج عرفات وسياسته. والقصة طويلة هنا أدت إلى اغتيال أبو جهاد.

لكي لا أطيل عليكم في هذا المقال المتشعّب والمتوسع، إذا أطلقنا أفكارنا لسرد تاريخ هذه التجربة، وباختصار شديد وتقليص للأفكار، فقد تحول برنامج منظمة التحرير منذ عام 1973 وإرهاصاته ما قبل ذلك ليس إعداد برنامج وعتاد وتدريبًا لقضية (التحرير)، بل بمعنى التحريك السياسي تحت مبدأ الاعتراف بمنظمة التحرير. وبالتالي هذا كان مفهوم (المشاغلة)، وكانت محطة من المحطات أدت إلى فشل وفشل وفشل ..

أما المحطة الثانية فهي حرب الجنوب في 1982، والتي تحدث فيها أبو عمار عن (يا وحدنا يا وحدنا). فوقف العالم ودول الإقليم متفرجين على اجتياح بيروت وحصارها وتدمير ضاحيتها الجنوبية والجنوب. أما دول (الصمود والتصدي) التي شُكّلت بعد كامب ديفيد فلم يكن لها أثر إسنادي أو مواجهة مع الاحتلال (الغزو).

وما أكثر المحطات التي اعتمد فيها أسلوب المشاغلة أو التحريك للتذكير بأن هناك تمثيلًا للشعب الفلسطيني. وبتوافق انطلقت المبادرات الأولى وتلتها الأخرى، وآخرها المبادرة العربية.

أما عن برنامج منظمة التحرير الذي اعتادت عليه القيادة الفلسطينية وهو خيار السلام، فقد أدى إلى اضمحلال القوات العسكرية والقتالية، واستثمار المال الممنوح لمنظمة التحرير أو المقاومة ـ أو كما تسمّوها في ذلك الوقت ـ لم يُستثمر في بناء قوات بهدف التحرير، بل في التحريك والمشاغلة ببعض قذائف من الجنوب اللبناني على أحراش كريات شمونة، والاهتمام ببناء الأجهزة والبيروقراطية في الجيش. وخاصة عندما تسلم زمام الأمور في قيادة الجيش أولئك الذين بقوا من بقايا الجيوش العربية من مصر وسوريا والعراق (طبعًا فلسطينيين). فنمت حالة البيروقراطية والتسيّب وتصريف المال لأغراض غير بناء قوات قتالية بعتادها المتطور. تاريخ قد يُكتب فيه كتب ورسائل دكتوراه.

المهم هنا في المحطة الثالثة هو التحاق ياسر عرفات بالقطار الأمريكي، وهذا هو التعبير الذي أطلقه عرفات تلبية لدعوات فيليب حبيب المبعوث الأمريكي. وكان عرفات على يقين ومعلومات ربما كانت مبكرة قبل الاجتياح بشهرين، عندما قال في اجتماع للقيادة العسكرية: "إننا ذاهبون في القطار الأمريكي لحكم ذاتي" (اختصارًا).
الطريف في هذا الموضوع أن قوات منظمة التحرير التي خرجت وتخلت عن أدنى مهمة لها في مفاهيم حركات التحرر وهي المشاغلة، كانوا 15000. فهل هذا فعلا كان هو جيش التحرير لفلسطين؟ وللإنصاف كان هناك كوادر عظيمة ومناضلة، ولكن كان هناك البلطجية والمدمنون الذين تعودوا على التسكع في شارع الحمرا والمناطق الأخرى (شبيحة). فهل هذا جيش التحرير لفلسطين؟
عندما وقعوا أوسلو وذهبوا إلى أرض الوطن اضطر فؤاد الشوبكي ـ رحمه الله ـ أن يغذي تلك القوات بالتعداد من فلسطينيين مقيمين في مصر وسوريا لتكبير العدد. وفيما بعد خضعوا في غزة والضفة لـ 45 يومًا تدريبًا على الأسلحة الخفيفة ومهام الشرطة ورتب مالية.

أما اليوم، فكما قلت، فهو التاريخ يعيد نفسه في المشاغلة. هذه المرة ليست من المقاومة الفلسطينية، بل من جبهة الإسناد الإقليمية التي ـ للإنصاف ـ دربت ودعمت وزودت أيضًا بالمعلومات للمقاومة الفلسطينية كحزب الله وإيران وساحات أخرى. ونسجل كل الاحترام والتقدير للجبهة اليمنية التي ما زالت تدك عمق دولة الكيان متآزرة مع المقاومة الفلسطينية في غزة ليومنا هذا. وأذكر بذلك الاجتماع في بيروت الذي جمع قادة المقاومة وسماحة الشيخ حسن نصر الله رحمه الله، لينبثق عنه مفهوم (وحدة الساحات) في المواجهة مع المشروع الصهيوني.
بعد السابع من أكتوبر كان الجميع يتوقع إشعال الشمال الفلسطيني واجتياح قوات الرضوان للشمال متوافقة مع عمق الضربة وقوتها التي انطلقت من غزة، وأن تتحرك صواريخ المقاومة العراقية واليمنية. هكذا كان يتصور نتنياهو المواجهة إذا ما قرر الهجوم على غزة. فعندها سأل نتنياهو ما قبل هجوم السابع من أكتوبر: هل يمكن إذا اشتعلت الحرب في غزة أن تتقدم قوات الرضوان إلى الشمال؟ فأجابه رئيس الأركان: "لا أعتقد ذلك، بل سيعتمد حزب الله على المشاغلة". وهذا ثبت فعليًا بعد اجتياح غزة وأداء حزب الله، إذ كانت كل عملياته على أبراج الاتصالات والمراقبة التي هي على الحدود بين فلسطين المحتلة وجنوب لبنان، وهي تلك المشاغلة. وهذا التردد هو الذي قسم ظهر البعير، بالإضافة إلى معطيات كثيرة أدت إلى انكسار حزب الله ووضع سلاحه الآن تحت المساومة الأمريكية والدولة اللبنانية.
أما إيران فأعتقد كان لديها حسابات إقليمية ودولية دقيقة جدًا منعتها من الدخول مباشرة. ولكن كالعادة هذا التردد جعلها أولًا وأخيرًا تحت الاستهداف بذريعة تزويد الحوثيين بالسلاح وحزب الله. ووقعت أيضًا في فخ المشاغلة. وقد تكون مصالح إيران تختلف نسبيًا عما تريده الساحات الأخرى في اليمن ولبنان وغزة، فالأكثر أهمية لإيران هو نفوذها في العراق.

بنظرة إلى الواقع اليوم، كما ردد عرفات في بيروت (يا وحدنا يا وحدنا)، أُحرقت غزة كما أُحرقت الأندلس، أيضًا غرناطة. وما زالت المقاومة مشتعلة لهذا اليوم وغدًا وبعد غد. والمهم هنا أنّ شريحة كبيرة من الشعب الفلسطيني والنظام الرسمي العربي وقوى دولية لن تكون بأي حال من الأحوال تصب لصالح المشروع الفلسطيني المقاوم، بل تصب لمصلحة نظرية أمن الاحتلال. وهي التي استوعبها نتنياهو في طموحاته الأبعد في حلمه الذي لم ولن يتحقق في إسرائيل الكبرى.
أُحرقت غرناطة بعد توقيع الملكة ايزابيلا والرهبان والقساوسة على الحفاظ على حقوق المسلمين، وحلفت ايزابيلا على الإنجيل لكي لا تُخلّ بالاتفاقية أو العهد وتلتزم به من ثمانين بندًا بحفظ حقوق أهل الأندلس العرب المسلمين وأمنهم وسلامتهم وممارسة طقوسهم. ولكن بعد ذلك طلبت ايزابيلا من راعي الكنيسة الكاثوليكية أن يغفر الله لها إذا اخترقت الاتفاقية، وطلبت منه الإذن بذلك، فأجابها راعي الكنيسة بأن الله سيغفر لكِ. وبعدها حصلت مذابح وحرق المسلمين وصكوك الغفران في الأندلس.

هذا ما يطالبون به اليوم من تسليم السلاح قبل الوصول إلى حل سياسي يؤدي إلى دولة فلسطينية وتثبيت الهوية الفلسطينية على الأرض. ولكم في التاريخ الحديث أيضًا ما حدث في صبرا وشاتيلا ودير ياسين وكفر قاسم ومذابح أخرى وحرق عائلات بكاملها في الضفة وغزة .. هل لكم في التاريخ عبرة؟؟

التعليقات (0)