في تصريح خاص لـ«180 تحقيقات»

د. محمد خليل مصلح: رفع العقوبات عن سوريا رسالة استقرار إقليمي ومحاولة لفك ارتباطها بإيران

profile
عبدالرحمن كمال كاتب صحفي
  • clock 14 مايو 2025, 5:51:36 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد خليل مصلح

قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد خليل مصلح إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا قد يعود إلى الموقفين السعودي والتركي، موضحًا أن ترامب يسعى إلى كسب ثقة كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطوة تعكس اهتمامًا أمريكيًا بإعادة الاستقرار للمنطقة، وإبعاد سوريا عن إيران وضمها إلى مجموعة ما يُسمى بدول الاعتدال، والانتقال بها من حالة الثورة والصراع إلى دولة مستقرة.

صياغة جديدة للعلاقة مع إسرائيل

وأضاف مصلح، في تصريحات خاصة لـ«180 تحقيقات»، أن رفع العقوبات قد يمثل بداية إعادة صياغة العلاقة بين سوريا والكيان الإسرائيلي، بعيدًا عن الاشتباك التاريخي، وربما على قاعدة فصل المسارات وتغليب المصالح الوطنية السورية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام مفاوضات غير مباشرة وانسحاب تدريجي من الأراضي السورية المحتلة بعد سقوط الأسد.

وأكد أن موقع سوريا لا يمكن فصله عن الاحتضان التركي، وأن طموحات أنقرة في إقامة علاقة وثيقة مع دمشق مرتبطة جزئيًا بمحاولات أردوغان تطويق إسرائيل ولعب دور إقليمي مؤثر عبر التقدم نحو حدودها بشكل غير مباشر.

ترامب بين الغريزة والفرصة

وأوضح مصلح أن الرئيس ترامب رجل تحكمه الغريزة ومقتنص للفرص، ومن خلال قراره برفع العقوبات يحاول إحياء الدولة السورية وإقصاء روسيا وإيران من المشهد، في سياق قد يندرج ضمن تسوية دولية للصراع الروسي الأوكراني. لكنه في الوقت نفسه يقدم مكاسب مباشرة لزعيمين يقول علنًا إنه يحترمهما: أردوغان ومحمد بن سلمان.

وأشار إلى أن هذا التحرك من ترامب يتزامن مع محاولة لفرض تصور جديد على نتنياهو بخصوص الاحتلال الإسرائيلي للجولان، ووقف الهجمات على سوريا، وضرورة التوصل إلى حل مرحلي بشأن غزة، مع إمكانية رسم مخرج سياسي يشمل وقف الحرب.

تقاطع المصالح السعودية والتركية

ولفت مصلح إلى أن ترامب يحاول الإمساك بخيوط اللعبة السياسية في المنطقة عبر ثلاث زوايا: الأولى من خلال محمد بن سلمان وملف التطبيع، والثانية عبر أردوغان كزعيم إقليمي فاعل، والثالثة تتعلق بإعادة ضبط العلاقة مع الكيان الصهيوني دون إعطاء الأفضلية لنتنياهو، معتبرًا أن فريق ترامب بدأ ينظر إلى نتنياهو كعقبة أمام رغبات الرئيس الأميركي، مما قد يدفعه إلى ممارسة ضغط أكبر عليه لتقديم تنازلات تسمح بإنجاز ملف التطبيع بما يلائم رؤية السعودية.

دور أحمد الشرع في المرحلة المقبلة

وبيّن مصلح أن الرئيس السوري أحمد الشرع يملك الآن أوراق قوة من خلال التحالف مع تركيا والسعودية، وقد صرح سابقًا بوجود مفاوضات غير مباشرة مع الكيان الإسرائيلي حول التطورات بعد سقوط الأسد، معتبرًا أن رفع العقوبات سيدفعه بقوة إلى مسار المفاوضات.

التنافس الدولي ومساحة المناورة السورية

كما أشار إلى أن سوريا لا تتحرك بمعزل عن تحالفات استراتيجية، لا سيما ضمن المحور التركي، ما يمنحها فرصة استثمار أي موقف دولي داعم مثل رفع العقوبات وتقديم المساعدات لإعادة الإعمار، مبينًا أن الضرر على تركيا سيكون محدودًا بل ربما يعود عليها بالنفع، خصوصًا في سياق التنافس الفرنسي-الأميركي واستعداد باريس للاعتراف بفلسطين وخلافها المتصاعد مع الكيان.

الصراع مع الكيان في قلب المعادلة

وأكد مصلح أن الصراع مع الكيان الصهيوني والحرب على غزة يمثلان جزءًا لا يتجزأ من أي استقرار محتمل في المنطقة، وهو الجسر الذي ينبغي العبور منه لتحقيق أهداف ترامب. ورجّح أن نشهد تجميدًا للصراع بدلًا من حله، وأن رفع العقوبات عن سوريا قد يكون جزءًا من هذا التجميد، في ظل بقاء حكومة نتنياهو، مرجحًا أن يكون الحد الأقصى الممكن حاليًا هو حل مؤقت دون تطبيع سعودي رسمي، بانتظار لحظة سياسية مواتية تسمح لمحمد بن سلمان بوضع "ختمه" على حل يُظهره كزعيم للمنطقة.

مستقبل نتنياهو والاحتمالات الإسرائيلية

ورأى أن انهيار حكومة نتنياهو وصعود المعارضة قد يفتح آفاقًا لحل الدولتين وفق قاعدة أوسلو، مع احتمال عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة وتعديلات على شكل مشاركة حماس في الحكم. لكنه حذّر من سيناريوهات أكثر خطورة، منها اندلاع صراع داخلي في الكيان قد يتطور إلى حرب أهلية، تستدعي تدخلًا خارجيًا لحماية الدور الوظيفي لإسرائيل.

من يحمي الدور الوظيفي لإسرائيل؟

وختم مصلح بالقول إن مستقبل الدور الوظيفي للكيان الصهيوني مرهون بعوامل خارجية، خاصة بالدور العربي والإسلامي وقدرته على التأثير في الرأي العام الأمريكي ومؤسسات صنع القرار، مؤكدًا أن تركيا، بما تملكه من نفوذ سياسي وعسكري وتاريخي، قادرة أكثر من غيرها على أداء هذا الدور الحيوي.

رفع العقوبات يتزامن مع زيارة ترامب

ويأتي هذا التطور في رفع العقوبات عن سوريا بالتزامن مع جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المنطقة، والتي تشمل قطر والسعودية والإمارات، وسط تقارير تفيد بأن قرار رفع العقوبات جرى التفاهم عليه خلال محادثات غير معلنة مع أطراف إقليمية ودولية. وتُظهر المعطيات أن الإدارة الأمريكية تسعى لتوظيف هذا الملف سياسيًا، ضمن خطة ترامب لتسوية أزمات الشرق الأوسط عبر "صفقات شاملة" تعيد ترتيب التحالفات، وتدفع باتجاه تطبيع عربي مع إسرائيل، وتثبيت أنظمة موالية تضمن مصالح واشنطن الاستراتيجية في الإقليم.

التعليقات (0)