-
℃ 11 تركيا
-
13 يونيو 2025
سميح خلف: رفع العقوبات عن سوريا تمّ بصفقة ثلاثية لرسم شرق أوسط جديد
في تصريح خاص لـ«180 تحقيقات»
سميح خلف: رفع العقوبات عن سوريا تمّ بصفقة ثلاثية لرسم شرق أوسط جديد
-
14 مايو 2025, 2:43:30 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني سميح خلف
قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني سميح خلف إنّ رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا يأتي في سياق تحوّلات استراتيجية تقودها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالتنسيق مع كلّ من تركيا وإسرائيل، بهدف إعادة رسم المشهد السياسي في سوريا، وترسيخ نموذج جديد للشرق الأوسط، تكون فيه القوى الثلاث هي الفاعل الأساسي.
وأوضح خلف في تصريحات خاصة لـ«180 تحقيقات»، أن ما يجري الآن هو استكمال لمسار بدأ منذ عام 2011، مع اندلاع ما سُمّي بالربيع العربي، ومحاولة الإطاحة بالنظام السوري بقيادة بشار الأسد، عبر تحالفات إقليمية ودولية متعددة. وأضاف أن الحرب كانت "مؤلمة على جميع الأطراف ومكونات الشعب السوري"، وأن النظام السوري السابق قد سقط بالفعل، مع تولّي أحمد الشرع السلطة، بدعم من قوى إقليمية وهيئة تحرير الشام، وبتدخلات دولية مباشرة.
تحول استراتيجي في الملف السوري
وأشار خلف إلى أن قرار رفع العقوبات عن سوريا لا يُفهم إلا في سياق سياسات ترامب القائمة على الصفقات، موضحًا أن الرئيس الأمريكي الجديد "يؤمن بعقد صفقات تجارية تحت مظلة شعار 'أمريكا أولاً'، ويحاول احتواء كل الصراعات سواء مع الصين أو في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط أو في الملف الإيراني".
ولفت إلى أن هذا التحوّل جاء "من خلال الوساطة التركية، التي وصفها ترامب بأنها تمثل 'أولاد أردوغان'"، مؤكدًا أن "النظام الجديد أتى بمشاركة فعلية في صناعة الحدث وانهيار النظام السابق".
وتابع خلف: "إسرائيل أيضًا لها بصمات في سوريا، ونتنياهو يتحدث علنًا بأنه ساهم في الإطاحة ببشار الأسد، ويقدّم نفسه كمن يصنع شرقًا أوسط جديدًا"، معتبرًا أن هناك توافقًا ثلاثيًا بين إسرائيل وتركيا وأمريكا على "نموذج جديد للمنطقة" يقوم على "تغيير ديموغرافي وجغرافي في سوريا، واحتلال الجولان، ومصادر المياه، وجبل الشيخ، ومناطق في جنوب سوريا".
لقاءات سرية وتفاهمات إقليمية
ونوّه خلف إلى أن نتنياهو يطرح نفسه حاميًا للأقليات في سوريا، كالدروز والعلويين، ويعتبر إسرائيل شريكًا مع تركيا في إدارة الملف السوري، مستدلًا على ذلك بالمحادثات التي جرت بين تركيا وإسرائيل في أذربيجان، بهدف تجنّب أي تماس مباشر بين قوات الطرفين داخل الأراضي السورية.
كما شدد على أن ترامب يعتبر أردوغان "صديقًا شخصيًا" وحليفًا موثوقًا، وهو ما ساعد في تمرير رفع العقوبات على سوريا، بعد ضغط تركي وسعودي مشترك، خاصة من قبل ولي العهد السعودي، في إطار إيمان ترامب بمنطق الصفقات.
وكشف خلف أن النظام السوري الجديد عرض، عبر وسطاء من وزارة الخارجية السورية، توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، وصفقة شاملة مع إدارة ترامب، تشمل عقود استثمار في قطاعي المعادن والطاقة والبنية التحتية في سوريا، مقابل رفع العقوبات.
وتابع: "حتى الأمريكيين الآن يسيطرون على آبار نفط في شمال شرق سوريا وفي مناطق داخل البلاد، ما يعكس وجود ترتيبات مسبقة ومصالح مشتركة يجري توظيفها لتمكين النظام الجديد من البقاء".
رفع العقوبات فرصة للحياة
واعتبر خلف أن رفع العقوبات الأمريكية من شأنه "أن يعطي النظام الجديد في سوريا فرصة للحياة"، محذّرًا من أن غياب الدعم الاقتصادي سيؤدي إلى "إحياء فكرة تقسيم سوريا إلى دول متعددة". كما أشار إلى أن تركيا ترى مصلحة مباشرة في دعم الحكومة السورية الجديدة اقتصاديًا، بما يضمن تقليص نفوذ حزب العمال الكردي الذي "أعلن مؤخرًا تسليم سلاحه"، مما يمنح أنقرة نفوذًا أكبر داخل الأراضي السورية، ويحقق "حلما تركيا قديما منذ عهد أردوغان".
وشدد خلف على أن فكرة رفع العقوبات تصبّ في مصلحة ترسيخ أدوات الحكم لدى النظام الجديد، في ظل تدهور اقتصادي وفوضى ورثها عن النظام السابق، قائلاً: "نحن لا نعفي النظام السابق من أخطاء كبرى، لكن لدينا ملاحظات على كيفية انهياره".
وفيما يتعلّق بالأبعاد الإسرائيلية، أكد خلف أن مناطق في سوريا لا تزال محتلة من قبل إسرائيل، وأن وزير الحرب الإسرائيلي صرّح بأن الاحتلال سيستمر في جبل الشيخ والجولان، إلا أن النظام السوري الجديد أبدى استعداده لمنح إسرائيل "شريطًا أمنيًا" في الجنوب، ضمن صفقة أوسع تشمل التعاون في محاربة الإرهاب.
وأوضح أن الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع أبلغ السعودية بالتزامه بمحاربة الإرهاب، وهو ما نال دعم ترامب، الذي وصف الشرع بأنه "رئيس رائع" وأكد أن لدى سوريا "فرصة جديدة يجب أن تُستثمر".
وحذر "خلف" من أن الدخول في اتفاقات التطبيع، والرغبة السورية واللبنانية في تحسين العلاقات مع الإدارة الأمريكية، سيؤدي إلى إخراج كل دول الطوق من الصراع مع المشروع الصهيوني، ووهذا بمثابة إضعاف بل تعقيدات أمام حركة النضال الوطني الفلسطينية وعلى حسابها بمنطق التاريخ والجغرافيا والقومية.
رفع العقوبات يتزامن مع زيارة ترامب
ويأتي هذا التطور في رفع العقوبات عن سوريا بالتزامن مع جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المنطقة، والتي تشمل قطر والسعودية والإمارات، وسط تقارير تفيد بأن قرار رفع العقوبات جرى التفاهم عليه خلال محادثات غير معلنة مع أطراف إقليمية ودولية. وتُظهر المعطيات أن الإدارة الأمريكية تسعى لتوظيف هذا الملف سياسيًا، ضمن خطة ترامب لتسوية أزمات الشرق الأوسط عبر "صفقات شاملة" تعيد ترتيب التحالفات، وتدفع باتجاه تطبيع عربي مع إسرائيل، وتثبيت أنظمة موالية تضمن مصالح واشنطن الاستراتيجية في الإقليم.







