-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
حيدر المرشدي يكتب: الطفل العراقي متلقي فاعل اوجدلية التقلي والمشاركة في المسرح
حيدر المرشدي يكتب: الطفل العراقي متلقي فاعل اوجدلية التقلي والمشاركة في المسرح
-
30 يوليو 2025, 10:47:47 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
حيدر المرشدي
حيدر المرشدي /العراق
اعتاد الكثير من صناع مسرح الطفل في العراق منذ عقود أن يخاطبوا الطفل بوصفه كائنآ متلقيآ سلبيآ يجلس في قاعة المسرح ليشاهد وينفعل وربما يضحك أو يصفق لكن دون أن يطلب منه أن يعيد التفكير أو أن يشارك أو أن يعيد إنتاج التجربة في هذا المقال نحاول قلب هذه المعادلة والانطلاق من فرضية جريئة مفادها الطفل العراقي ليس مجرد مشاهد بل شريك حقيقي في بناء العرض المسرحي حين يمنح الفرصة المناسبة.
الطفل ليس متلقيآ بريئآ
يبدو من السهل تصنيف الطفل كمتلقي بريء لا يحمل إلا فضولآ بسيطآ أو خيالآ هشآ لكن التجربة العراقية تقول غير ذلك فالطفل الذي عاش أزمات الحرب والتهجير والانقطاع والتهميش هو طفل ذو وعي فطري مختلف مزيج من الرغبة في الفهم والحذر من الخطاب والحساسية من الزيف.
وبذلك فإن المسرح الذي يقدم له يجب أن يتجاوز فكرة التوجيه المباشر أو الإرشاد الأخلاقي ويتعامل معه على أنه فاعل درامي يمتلك موقفآ حتى إن لم يعبر عنه شفهيآ
التلقي بوصفه مشاركة مقاربة جديدة.
وما نقترحه هنا هو مقاربة تربوية فنية ترى أن الطفل داخل العرض المسرحي ليس مجرد مستقبل بل هو
متفاعل شعوري يعيش داخل الحدث لا خارجه
مفسر لحظي يكون تأويله الخاص أثناء العرض
مشارك محتمل يمكن إشراكه جسديآ أو رمزيآ داخل العرض
صانع توقعات يسبق العرض أحيانآ بخياله
وهذه المقاربة تفتح الباب أمام شكل جديد من المسرح يمكن أن نطلق عليه مسرح التلقي التفاعلي للطفل وهو نوع من المسرح لا ينتهي عند الخشبة بل يبدأ منها
تجارب عراقية مبكرة للتفاعل.
ورغم أن الفكرة لم تنظر بشكل صريح من قبل إلا أن بعض التجارب المسرحية العراقية حملت هذا الوعي بشكل ضمني مثل عروض استخدمت تقنية الأسئلة المباشرة للطفل داخل العرض
وعروض دمجت الجمهور في اتخاذ قرارات الشخصية
(خاصة في المسرح المدرسي)
عروض سمحت للطفل بالمشاركة في بعض المشاهد ك كومبارس درامي
هذه التجارب رغم بدائيتها تمثل نواة حقيقية لمسرح طفل قائم على مبدأ المشاركة لا المشاهدة فقط
الطفل العراقي ذاكرة حاضرة في التلقي
ما يميز الطفل العراقي اليوم عن غيره من أطفال المنطقة هو أن وعيه مثقل بتجربة سياسية واجتماعية مركبة جعلت من خياله ليس مجرد وسيلة للهروب بل أداة للبقاء وهذا ما يجعل من إدماجه في العرض المسرحي ليس فقط تقنيآ بل وجوديآ
فالطفل الذي شاهد منزله يدمر أو مدرسته تغلق أو أباه يغيب لا يمكن أن يعامل كمتلق بريء بل كمشاهد يفكر ويتذكر ويقارن
من أجل مسرح يبنى بالتلقي لا عليه
لذا فإننا نقترح في هذا المقال ملامح استراتيجية مسرحية جديدة يمكن أن تشكل ما يعرف بـ..مسرح الطفل العراقي المعاصر وهي تحويل الخشبة إلى مساحة مفتوحة بين المؤدين والجمهور
كتابة نصوص قابلة للتعديل الآني وفق ردود فعل الجمهور الأطفال
التفاعل الحي مع تعليقات وأسئلة الأطفال أثناء العرض
تشجيع الأطفال على إعادة تمثيل العرض من وجهة نظرهم بعد انتهائه
خلق عروض ارتجالية بناء على أفكار الأطفال أنفسهم
الطفل كمؤلف مستتر
إن جوهر هذا المقال يكمن في أن الطفل العراقي وهو يشاهد المسرح لا يتلقاه كما هو بل يعيد تأليفه داخليآ وفقآ لذاكرته وهواجسه وأحلامه إنه بكلمات أخرى مؤلف مستتر للعمل المسرحي
فهل نمنحه حقة في التأليف
وهل يجرؤ مسرح الطفل في العراق أن يسلم بعض سلطته إلى الجمهور الصغير
إن الإجابة على هذه الأسئلة قد تعيد تشكيل العلاقة بين المسرح والطفولة وتكتب فصلا جديدآ من مسرح لا يخاطب الطفل بل ينصت له.

.jpg)






