د.رامي أبو زبيدة يكشف:

ثغرات محتملة ومخاوف استراتيجية: إسرائيل قلقة من تفاهمات واشنطن وطهران النووية

profile
  • clock 30 أبريل 2025, 12:30:07 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أكد الدكتور رامي أبو زبيدة، الكاتب والباحث بالشأن العسكري والأمني ورئيس تحرير موقع "180 تحقيقات"، أن الحالة الإسرائيلية تشهد استنفارًا واضحًا داخل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، خاصةً في ضوء ورود معلومات وتقارير عبرية تشير إلى اقتراب موعد توقيع اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة. ويرى أبو زبيدة أن هذا التطور يثير قلقًا بالغًا لدى الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا مباشراً.

وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية، وخاصة برئاسة بنيامين نتنياهو، تعارض بشدة أي اتفاق لا يؤدي إلى تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني. وتشير المصادر العبرية ومراكز الأبحاث إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتابع بقلق مسار المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن، خاصة مع الشعور المتزايد بأن المفاوضات باتت تتقدم بوتيرة سريعة نحو اتفاق لا يُرضي طموحات الكيان الإسرائيلي في تحجيم القدرات النووية الإيرانية.

مخاوف من اتفاق "سيء" يهدد أمن الكيان

بحسب أبو زبيدة، فإن هناك شعورًا متصاعدًا داخل الأوساط الأمنية الإسرائيلية بأن الولايات المتحدة قد تكون في طريقها لإبرام اتفاق نووي "سيء" من وجهة نظر إسرائيل، لأنه لا يمنع إيران من الوصول إلى حافة امتلاك السلاح النووي. هذه المخاوف تنبع من عدة عوامل، أبرزها أن واشنطن، حتى الآن، لا تُشارك تل أبيب بالمعلومات الكافية حول تفاصيل المفاوضات الجوهرية، ما يثير شكوكًا حول شفافية العملية التفاوضية وانعكاساتها المحتملة على الأمن الإسرائيلي.

وأضاف أن إسرائيل قلقة من المقاربة الأميركية التي تميل إلى الحلول الدبلوماسية وتبتعد عن التصعيد العسكري، فيما تفضل تل أبيب الخيار العسكري الاستباقي أو حتى تغيير النظام الإيراني كحل جذري يمنع طهران من تهديد الكيان.

المخاوف الإسرائيلية من ثغرات الاتفاق

تخشى إسرائيل، وفق ما أوضحه أبو زبيدة، أن يحتوي الاتفاق المرتقب على ثغرات تُمكن إيران من الاحتفاظ بقدرات نووية متقدمة، أو أن يتجاهل قضايا تعتبرها إسرائيل حيوية واستراتيجية مثل برنامج الصواريخ البالستية، ودعم إيران لفصائل المقاومة. كما ترى إسرائيل أن امتلاك إيران لسلاح نووي أو حتى الاقتراب منه سيقوّض تفوقها العسكري في المنطقة، ويحد من قدرتها على الردع، ويقيّد تحركاتها ضد ما تعتبره تهديدات إيرانية مباشرة أو غير مباشرة.

موقف نتنياهو: تشدد متجذر ومعارضة متصاعدة

يشير أبو زبيدة إلى أن ردّة فعل الحكومة الإسرائيلية، وخاصة بقيادة نتنياهو، ستكون معارضة شديدة لأي اتفاق يُنظر إليه على أنه لا يخدم أمن الكيان. فنتنياهو معروف بمواقفه المتشددة تجاه البرنامج النووي الإيراني، وكان من أشد المعارضين للاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015 في عهد إدارة أوباما، ولعب دورًا رئيسيًا في دفع الرئيس السابق دونالد ترامب للانسحاب منه عام 2018.

ويتوقع أبو زبيدة أن تبذل حكومة نتنياهو جهودًا دبلوماسية وسياسية كبيرة للضغط على إدارة ترامب الحالية (في حال كانت هي من تقود المفاوضات) من أجل عدم توقيع اتفاق لا يُراعي الشروط الإسرائيلية، أو لتضمين الاتفاق بنودًا أكثر صرامة تتضمن تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل.

إسرائيل تلوّح بالخيار العسكري وتجهّز لسيناريوهات ميدانية

إلى جانب التحركات السياسية، يرى الدكتور أبو زبيدة أن إسرائيل تستعد لخيارات أخرى، من بينها الخيار العسكري، في حال لم يُلبِّ الاتفاق النووي طموحاتها الأمنية. وتشير التقارير إلى أن الجيش الإسرائيلي يعمل منذ فترة على تحديث خططه العسكرية وزيادة جاهزيته لاحتمال تنفيذ ضربة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.

كما يعتمد الكيان في استراتيجيته على أجهزة الاستخبارات الخارجية مثل الموساد، التي تعمل على تقويض البرنامج النووي الإيراني عبر عمليات غير مباشرة، تشمل اغتيالات وتخريب منشآت.

ومع ذلك، يعتبر أبو زبيدة أن توجيه ضربة مباشرة للمفاعلات النووية الإيرانية هو قرار بالغ الخطورة والتعقيد، رغم أن إسرائيل لم تستبعده يوماً وتؤكد دائمًا على احتفاظها بحق الدفاع عن نفسها بكافة الوسائل. إلا أن هذا القرار يتوقف على عدة عوامل، منها طبيعة الاتفاق المرتقب، ومدى دعم الولايات المتحدة للخطوة، ومدى قدرة إسرائيل على تحمل تداعيات الرد الإيراني.

الحسابات المعقدة لعمل عسكري مباشر

يشير أبو زبيدة إلى أن تنفيذ عمل عسكري كبير ضد إيران دون ضوء أخضر أميركي أو تنسيق مسبق مع واشنطن قد يؤدي إلى توترات حادة في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. فحتى إدارة ترامب، رغم موقفها المتشدد تجاه إيران، أبدت في بعض الأحيان تحفظًا على الخطط الإسرائيلية لضرب إيران، مفضّلة إعطاء فرصة للمسارات الدبلوماسية.

ويضيف أن تقدير العواقب يفرض على إسرائيل تحليلًا دقيقًا لرد الفعل الإيراني المحتمل، سواء بشكل مباشر أو عبر أذرعها الإقليمية، مما قد يقود إلى صراع إقليمي واسع وغير محسوب العواقب. وبالتالي، يتطلب أي قرار بضربة عسكرية تقييمًا استراتيجيًا عميقًا لقدرة طهران على الرد وإمكانية حسم أو إدارة الصراع بشكل فعّال.

شكوك حول جدوى الضربة العسكرية

وفي ختام تحليله، يشير الدكتور رامي أبو زبيدة إلى وجود جدل داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وخبراء الدفاع حول فعالية الضربة العسكرية في تدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، خاصةً مع انتشار المنشآت النووية وتحصينها داخل أعماق الأرض. فقد لا تؤدي أي ضربة عسكرية إلا إلى تأخير البرنامج مؤقتًا، وربما تدفع إيران نحو خطوات أكثر تطرفًا في المستقبل.

ويخلص إلى أن كل هذه السيناريوهات لا تزال مفتوحة، وتُبقي إسرائيل في حالة تأهب واستنفار دائمين، ريثما تتضح تفاصيل الاتفاق النووي المرتقب ومسارات التحرك الأميركي في هذا الملف الشائك.

التعليقات (0)