-
℃ 11 تركيا
-
15 يونيو 2025
مصر: المؤبد للمتهم بهتك عرض طفل البحيرة
بعد عام من حفظ التحقيقات
مصر: المؤبد للمتهم بهتك عرض طفل البحيرة
-
30 أبريل 2025, 12:36:12 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قضت الدائرة الأولى بمحكمة جنايات دمنهور، المنعقدة في إيتاي البارود بمحافظة البحيرة شمال مصر، بالسجن المؤبد على المتهم "ص.ك" (79 عامًا)، المسؤول المالي بإحدى المدارس الخاصة الشهيرة، بعد إدانته بجريمة هتك عرض طفل في الخامسة من عمره داخل الحضانة التابعة للمدرسة. القضية، التي أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، عُرفت إعلاميًا باسم "قضية طفل دمنهور"، وشكلت اختبارًا حقيقيًا لآليات حماية الطفولة في المؤسسات التعليمية.
وقائع الجريمة: اتهام بالاعتداء داخل أسوار المدرسة
بدأت فصول القضية في فبراير 2024، حين أبلغت أسرة الطفل ياسين عن تعرض ابنها لاعتداء جنسي داخل مدرسته الخاصة. ووفقًا لأقوال والديه، وقع الحادث أثناء اليوم الدراسي، ووجهت أصابع الاتهام إلى المسؤول المالي بالمدرسة، الذي يعمل في مبنى إداري يفصل بينه وبين قسم الحضانة بمسافة تُقدَّر بخمسين مترًا.
النيابة العامة تولت التحقيقات، واستجوبت والدي الطفل، ومديرة المدرسة، وعددًا من العاملين، قبل أن تحفظ القضية مؤقتًا في يناير 2025، بسبب ما اعتُبر حينها "ضعف الأدلة". إلا أن الأسرة تقدمت بتظلم إلى النائب العام، الذي قرر إعادة فتح التحقيق.
المواجهات مع المتهم: الطفل تعرف عليه مرتين ثم تراجع
كشفت التحقيقات عن إجراء خمس مواجهات بين الطفل والمتهم، تمكن خلالها ياسين من التعرف عليه في أول مواجهتين "للوهلة الأولى"، إلا أنه فشل في التعرف عليه لاحقًا بعد أن غيّر المتهم مظهره، بخلع نظارته الطبية والكوفية. رغم ذلك، رأت النيابة أن مجمل أقوال الطفل ووالدته، وشهادات العاملين بالمدرسة، تمثل قرائن قوية على ارتكاب الجريمة.
المتهم، الذي أنكر الاتهام طوال فترة التحقيقات، أرجع تغيبه عن الجلسات إلى ظروفه الصحية، مؤكدًا أنه أجرى عملية قلب مفتوح، وأصرّ على نفي أي علاقة له بالحادث، أو بأسر الضحية.
المحكمة تستمع للأم وتقرر تعديل القيد والوصف
شهدت جلسات المحكمة أجواء مشحونة وتضامنًا شعبيًا واسعًا مع أسرة المجني عليه، وسط إجراءات أمنية مشددة. وفي موقف نادر، طلبت والدة الطفل الكلمة أمام هيئة المحكمة، حيث سردت معاناتها في إثبات الواقعة، وقالت إن القضية تعرضت للحفظ أكثر من مرة قبل أن تعاد إلى الجنايات، مشيرة إلى آثار نفسية عميقة لحقت بابنها جراء الاعتداء.
استمعت المحكمة كذلك لدفاع المتهم الذي طالب بالبراءة "لعدم وجود أدلة قطعية"، إلا أن هيئة المحكمة قررت تعديل القيد والوصف القانوني للجريمة إلى "هتك عرض طفل عمدًا وبالقوة"، ما أدى إلى تشديد العقوبة لتصل إلى السجن المؤبد.
دعم قانوني من الدولة.. وحضور القومي للأمومة والطفولة
على الصعيد القانوني، تدخل المجلس القومي للأمومة والطفولة، حيث كلفت رئيسة المجلس، الدكتورة سحر السنباطي، اثنين من محامي وحدة الدعم القانوني بحضور الجلسات، ومتابعة مجريات التحقيقات، لضمان حصول الطفل على حقوقه القانونية الكاملة.
هذا التدخل الرسمي لاقى ترحيبًا واسعًا من الأسرة ومنظمات حقوقية، خاصة في ظل الانتقادات الموجهة إلى بعض جوانب سير التحقيقات في المراحل الأولى، والمطالبات بإحالة أطراف إضافيين إلى المحاكمة.
خلافات داخل قاعة المحكمة.. ومطالب بإعادة التحقيق
الجلسات شهدت أيضًا جدلًا داخل هيئة الدفاع عن الطفل، حيث رفض المحامي عصام مهنا – الذي قدم نفسه كممثل حصري للأسرة – منح أي من المحامين الآخرين حق الحديث أمام المحكمة. وأثار ذلك استياء بعض المحامين المتضامنين، الذين طالبوا بإعادة فتح التحقيقات، وندب قاضي تحقيق مستقل، بدعوى وجود متهمين آخرين لم تشملهم لائحة الاتهام.
وبالرغم من هذه الخلافات، قررت المحكمة المضي قدمًا في القضية، واعتمدت الرواية الأساسية المدعومة بتحقيقات النيابة وشهادات الشهود.
نهاية قانونية.. وبداية لمعركة التعافي النفسي
بهذا الحكم، تكون العدالة قد قالت كلمتها في واحدة من أبشع جرائم الاعتداء الجنسي داخل المؤسسات التعليمية. إلا أن كثيرين يرون أن الحكم القضائي لا يمثل نهاية القصة، بل بداية لمشوار تعافي طويل لطفل لم يتجاوز الخامسة من عمره، فُجِع في براءته داخل المكان الذي يفترض أن يكون الأكثر أمانًا.
قضية ياسين أعادت فتح النقاش حول آليات حماية الأطفال في المدارس، وأهمية الفحص الدقيق للعاملين بها، والدور الذي يجب أن تلعبه الجهات الرقابية في الوقاية من مثل هذه الجرائم.









