تعيين دافيد زيني رئيسًا للشاباك: انقلاب نتنياهو على المؤسسة الأمنية وتفكيك الداخل الصهيوني

profile
رامي أبو زبيدة كاتب وباحث بالشأن العسكري والامني
  • clock 24 مايو 2025, 10:37:02 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في خطوة غير مسبوقة ومثيرة للجدل، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تعيين اللواء المتقاعد دافيد زيني رئيسًا جديدًا لجهاز الأمن العام (الشاباك)، خلفًا لـ"رونين بار"، رغم اعتراضات قضائية وعسكرية واسعة، وتحذيرات من تفجر أزمة وطنية داخل كيان الاحتلال.

تجاوز رئيس الأركان وتفكيك المنظومة العسكرية

في مشهد يعكس خطورة ما يجري داخل مؤسسات الاحتلال، أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال "إيال زامير" تسريح دافيد زيني من الخدمة فورًا، وذلك بعد أن أجرى محادثات مباشرة مع نتنياهو دون علمه، في سابقة لم تحدث من قبل.

رئيس الوزراء الأسبق "إيهود باراك" قال:

"لا أعرف وضعًا يكون فيه رئيس حكومة يتحدث مباشرة مع كبار ضباط الجيش دون تنسيق مع رئيس الأركان... ما جرى هو تمرد على القانون، وسابقة خطيرة تُمثّل لحظة دستورية كارثية".

تصريحات باراك تكشف أن نتنياهو يتصرّف كمن يعلن الحرب على مؤسسات الدولة من الداخل، خصوصًا حين أصرّ على التعيين رغم أن المحكمة العليا كانت قد أبطلت قرار إقالة رونين بار واعتبرته غير قانوني.

تعيين غير قانوني ومشبوه بتضارب مصالح

أعلنت المحكمة العليا للاحتلال أن تعيين زيني اتُّخذ دون المرور باللجنة الاستشارية المختصة، ودون تقديم أي أساس واقعي مقنع، بل تم دون عقد جلسة استماع لرئيس الشاباك الحالي، كما ينص القانون.

وأكدت أن القرار يشوبه تضارب مصالح صارخ، خاصة أن نتنياهو شخصيًا متورط في ملفات فساد وتحقيقات تطال مقربين منه، وهو ما يجعل أي تعيين أمني بهذا الحجم مثيرًا للريبة.

في تطور لافت، أرسل رئيس جامعة تل أبيب رسالة شديدة اللهجة إلى زيني جاء فيها:

"تعيينك سيؤدي إلى حرب أهلية... عليك سحب ترشيحك لتفادي كارثة وطنية واقتصادية، خاصة مع إعلان القطاعات الاقتصادية نيتها الإضراب في حال تجاهلت الحكومة قرارات القضاء".

هذه الرسالة، من أحد رموز "النخبة الأكاديمية" في الكيان، تعكس حالة التمرد المدني المتصاعد ضد سلوك حكومة اليمين الفاشي، الذي بات يرى في قرارات القضاء مجرد اقتراحات لا ملزمة.

نتنياهو يُحكم قبضته على الدولة العميقة

بتعيين زيني، يصبح نتنياهو قد بسط سيطرته على ثلاثة أذرع أمنية خطيرة:

  • الجيش: عبر تعيين حلفائه في المواقع القيادية.
    الشرطة: التي تخضع لوزير "الأمن القومي" إيتمار بن غفير، المتطرف المعروف.
    الشاباك: عبر فرض زيني، المقرّب من عائلته.

صحيفة "معاريف" العبرية علقت على هذا التمركز قائلة:

"بتعيين دافيد زيني، يكون نتنياهو قد سيطر على الجيش والشرطة والشاباك معًا".

زيني والشاباك: من صائد المقاومين إلى أداة في يد العائلة الحاكمة

جهاز الشاباك، المسؤول عن ملاحقة نشطاء المقاومة الفلسطينية في الضفة والداخل، يقوده اليوم ضابط عسكري يفتقر للتجربة الاستخباراتية، ويُنظر إليه على أنه "عيْن سارة نتنياهو في الجهاز"، لا كمسؤول أمني مستقل.
بالتالي، بات الشاباك مُهيأً لأن يتحوّل إلى جهاز رقابي مسيّس يُستخدم لملاحقة الخصوم الداخليين من العلمانيين واليساريين، أكثر من كونه يتعامل مع ما تسميه "التهديدات الأمنية".

ما يجري اليوم داخل كيان الاحتلال يُعبّر عن تشظٍّ داخلي عميق، وانهيار للثقة بين مكونات الدولة، وصراع بين الجهاز القضائي والعسكري من جهة، وحكومة الاستيطان الديني من جهة أخرى.

تعيين دافيد زيني ليس مجرد خلاف إداري، بل هو تجسيد حيّ لمرحلة تغوّل السلطة السياسية على الأجهزة الأمنية والقضائية. وهو في جوهره معركة وجود بين مشروعين داخل الكيان:

  • مشروع ديني شمولي يعبث بمؤسسات الدولة لمصلحة زعيم واحد.
  • ومشروع علماني ليبرالي يرى أن "إسرائيل" على وشك التحوّل إلى إيران يهودية بنسخة صهيونية.

في هذه اللحظة الحرجة، زيني لا يُنقذ الشاباك، بل يُعلن انهياره المهني وتحوله إلى أداة بيد السلطة. وربما يكون آخر من يقود الجهاز قبل أن تلتهمه النيران التي أشعلها نتنياهو.

وكما قال إيهود باراك:

"آن الأوان لعصيان مدني شامل، فالحكومة خرقت تفويضها، ودهست سلطة القضاء... هذا واجب وطني وأخلاقي على كل مواطن".

التعليقات (0)