-
℃ 11 تركيا
-
12 يونيو 2025
تسفي برئيل: بعد تنفيذ مهمتهم كنصب تذكاري للفشل فإن المخطوفين أصبحوا عبئا أخلاقيا
من صحافة العدو
تسفي برئيل: بعد تنفيذ مهمتهم كنصب تذكاري للفشل فإن المخطوفين أصبحوا عبئا أخلاقيا
-
23 مايو 2025, 7:30:39 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
هآرتس - المحلل السياسي تسفي برئيل
أجيال من الاسرائيليين سيحملون وصمة العار المنقوشة على جبيننا في هذه الايام، التي نواصل فيها عمليات القصف والتجويع وطرد اشخاص عاجزين. ماذا اصبحنا؟ كيف يمكننا العيش مع هذه الافعال؟، هذا ما قاله بانفعال ميخائيل سفارد (“هآرتس”، 18/5). هذه الدهشة هي أمر غريب، لأن الجواب ليس معقد كثيرا. نحن نعيش مع انفسنا بشكل ممتاز. كان يجب علينا فقط تغيير الرواية، وكل شيء كان سيكون على ما يرام. الصدمة التي اعمت العيون، التي تسبب بها الفشل الذريع والحزن العميق، اغرقتنا في انتقام توراتي، يعتمد على معادلة تحقيق العدل باسم الذين تم قتلهم واغتصابهم واختطافهم، هذا انتقام دموي وطني، ليس فقط من القتلة الذين قاموا بالتخطيط والمبادرة الى وتنفيذ الفظائع. الشعب (الضحية) كله قام بمحاسبة تاريخية للشعب القاتل وفقا لنظرية العدل المطلق. المشكلة الجمالية هي أن الانتقام وتصفية الحساب هي غريزة متوحشة تميز الثقافات والشعوب البربرية.
لقد قمنا بتغطية الانتقام بعباءة العقلانية، عباءة مصطلحات مثل “الاستراتيجية” و”الامن” و”تدمير البنى التحتية” من اجل أن نعطيه المبرر الموضوعي البارد الذي يسمح لنا “العيش بسلام” مع ما ظهر لنا في المرآة، أو بالاحرى، كي لا نضطر الى النظر الى المرآة، هكذا تطورت الرواية الجديدة، التي تطالب بالنصر المطلق الذي يضمن الامن المطلق. انتقام كوني لا يوجد له انتهاء صلاحية وتنقصه مقاييس رياضيات دقيقة مثل عدد الوفيات المطلوب من اجل تحقيق الغرض، بل “معركة قوية” تؤدي الى الاستسلام وتقديمها بشكل مزور على أنها هدف حقيقي قابل للتحقق ومحدد بزمن، باسم هذه العقلانية الخبيثة يمكننا القيام باكثر الاعمال اجراما شريطة تحديدها كاستراتيجية. التجويع حتى الموت، قتل مئات المدنيين من النساء والاطفال والشيوخ، تدمير المستشفيات، منع العلاج، كل ذلك لا يعتبر انتقام، بل خطوات عسكرية محسوبة جيدا، وتستند الى معايير علمية يوفرها الذكاء الصناعي على اعتبار أنها جديرة بدولة تنتمي لعائلة الشعوب.
من الآن فصاعدا يمكن النظر الى المرآة برضا، لأنه لا توجد حاجة الى أن يكون هناك ما يمنع رؤية حجم الدمار والتدمير الذي نفعله لسكان غزة، بالعكس. ومثلما نشر صور التدمير في موانيء الحوثيين وتسوية القرى في جنوب لبنان وعرض اشلاء جثث “قادة كبار” من حماس أو حزب الله اثبت لنا قوة الانجازات، فان الجمهور في اسرائيل يحق له الحصول على صورة كاملة عن اقتراب الانتصار في غزة. اجلبوا لنا صور الاطفال الذين يموتون بسبب الجوع، وغرف العمليات المدمرة، والنساء اللواتي لا يمكنهن ارضاع الاطفال، والسكان الذين يجرون اغراضهم على البهائم، وسنصدق بأننا قمنا بخطوة اخرى على طريق النصر، الجيد في هذه الرواية هو أنه لا يوجد فيها أي مكان للمخطوفين. في الاصل صورهم أخذت تبهت على اعمدة الكهرباء ولوحات الاعلانات.
تفاصيل المفاوضات حول صفقة تحريرهم مضنية، لم يعد بالامكان متابعة الوفود التي تذهب وتأتي من قطر، القاهرة وواشنطن، ولم يعد يهم ما اذا بقي 21 أو 24 أو 10 مخطوفين على قيد الحياة، مقابل الجثث، كمبدأ وطني، نحن غير مستعدين لدفع الثمن. ربما بعد اربعين سنة، هذا اذا تذكرنا، سننفعل عند العثور على رفاتهم في احد الانفاق، كما انفعلنا للحظة من اعادة رفات تسفي فيلدمان من سوريا بعد 43 سنة، من نفذوا المهمة كنصب تذكاري للفشل والاهمال، فان تحريرهم لم يعد مهما، لأنهم الآن هم فقط عبء اخلاقي في الحرب الكاذبة، التي الاخلاق فيها تعتبر تهديد للنصر. هذه هي الطريقة للعيش بسلام مع انفسنا، وليس لأنه يجب علينا تقديم تفسير لأي أحد.










