-
℃ 11 تركيا
-
21 يونيو 2025
تحليل عسكري: بين نسق الضربات الإيرانية ومدى تأثيرها على "إسرائيل"
تحليل عسكري: بين نسق الضربات الإيرانية ومدى تأثيرها على "إسرائيل"
-
20 يونيو 2025, 8:53:17 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رامي أبو زبيدة – باحث في الشأن العسكري والأمني
تشير المعطيات الميدانية والتحليل العسكري المتسلسل إلى أن الجهد الإيراني الصاروخي في إطار "الوعد الصادق" يتسم بقدر عالٍ من الاستمرارية العملياتية، لكنه لا يزال محكومًا باعتبارات الردع المحدود، لا التصعيد الشامل.
ففي أعقاب الضربة الاستباقية الإسرائيلية الناجحة ضد منشآت استراتيجية داخل إيران، دخلت طهران مرحلة رد محسوب وليس شامل، عبر موجات صاروخية يومية تُنفذ بنسق ثابت يتراوح بين 30 إلى 50 صاروخًا في اليوم، على موجتين أو ثلاث، وهو نمط يمكن اعتباره أقرب إلى حرب استنزاف مُوجهة منه إلى ضربة استراتيجية كبرى.
تكتيك الهجمات الإيرانية:ذ
التشويش بالمسيرات: تستمر إيران باستخدام المسيّرات كعنصر تشتيت وتشويش، بهدف إشغال منظومات الرصد والاعتراض، وتقويض فاعلية الطيران الإسرائيلي.
تنويع الرأس الحربي: الرؤوس التفجيرية المستخدمة ليست ثابتة من حيث القوة أو التصميم، حيث سُجل استخدام رؤوس متشظية ذات قنابل فرعية، وأخرى تقليدية، ما يوحي بأن هناك اختبارات ميدانية أو رسائل تكتيكية متفاوتة.
المدى والدقة: الصواريخ تُطلق من مدى بعيد، وغالبًا ما تصل إلى العمق الاستراتيجي، لكن دقة الإصابة ما زالت غير موثقة بدقة عسكرية، ولا تخرج عن إطار التقديرات.
هل المبالغة الإعلامية مُبررة؟
رغم وجود إنجاز عملياتي إيراني – خاصة في قدرة الصواريخ على تجاوز القبة الحديدية والوصول إلى أهداف حساسة كـ مبنى البورصة في تل أبيب ومقرات عسكرية – إلا أن تأثير الضربات لا يرقى بعد إلى مستوى التغيير الاستراتيجي أو الخسائر الكبرى.
لا تزال الخسائر البشرية الإسرائيلية ضمن النطاق المتوقع لحرب من هذا النوع.
المنظومة السياسية والعسكرية الإسرائيلية تبدو مستعدة لقبول هذا المستوى من الخسائر – على الأقل في المدى القريب – في ظل اعتبار الصراع مع إيران "وجوديًا".
نقطة ضعف الحملة الإيرانية:
غياب التأثير التراكمي الحاد على الجبهة الداخلية الإسرائيلية حتى الآن، وعدم وضوح الهدف العملياتي النهائي للحملة، يعزز قناعة بأن هذه الهجمات تمثل رسائل ردع مدروسة أكثر من كونها خطة حرب كسر إرادة. وهذا يفسر سبب عدم توحيد نوعية الصواريخ أو اعتماد نمط تصاعدي في القوة التدميرية.
الاقتصاد والحرب الطويلة:
من منظور عسكري واقتصادي، إسرائيل مدعومة من واشنطن والغرب، والحديث عن خسائر اقتصادية – حتى لو قدرت بمليارات الشواقل – لا يزال في إطار الخسائر التشغيلية المؤقتة.
ومع وجود احتياطيات استراتيجية، وبنية تحتية رقمية وخدماتية مرنة، فإن التأثير الاقتصادي سيظل محدودًا ما لم تستمر الضربات لفترة طويلة وتصل إلى مراكز ثقل البنية الصناعية والعسكرية.
المطلوب إيرانياً – عسكريًا:
زيادة الكلفة البشرية للإسرائيليين عبر استهداف المراكز المدنية والرمزية (بدقة أكبر).
الانتقال من الرد المحدود إلى الضغط الاستراتيجي المركب في حال دخلت الولايات المتحدة المعركة.
الحفاظ على نسق الضربات اليومية بوتيرة متصاعدة وموجهة، مع استنزاف الدفاعات الجوية.
الضربات الإيرانية تُظهر تطورًا لوجستيًا وتكتيكيًا ملحوظًا، لكن الحرب لا تزال في مرحلة عضّ الأصابع وليس كسر العظم. ما لم تزداد تكلفة الحرب على المجتمع الإسرائيلي – نفسيًا وبشريًا – وتتعطل الحياة في العمق الإسرائيلي فعليًا، ستبقى تل أبيب تراهن على عامل الوقت والتفوق الجوي، مدعومة باقتصاد مرن وحلف دولي قوي.
وعليه، فإن التحول الحاسم في ميزان الصراع مرهون بقدرة إيران على الارتقاء من مستوى الردع إلى مستوى الردع المعطِّل.

.jpeg)







