-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
تحليل بـ"فايننشال تايمز": خطر صدام تركي إسرائيلي يلوح في الأفق
تحليل بـ"فايننشال تايمز": خطر صدام تركي إسرائيلي يلوح في الأفق
-
5 يوليو 2025, 1:15:13 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
قدمت الكاتبة والباحثة أصلو آيدنتاشباش، مديرة مشروع تركيا في مؤسسة بروكينجز، في مقالها المنشور في فايننشال تايمز قراءة تحليلية لآثار الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران، مؤكدة أن أخطر نتيجة قد لا تكون جولة جديدة مع إيران بل انزلاق نحو منافسة شرسة بين تركيا وإسرائيل.
أوضحت الكاتبة، التي أن الحرب التي استمرت 12 يومًا أعادت رسم موازين القوى في الشرق الأوسط: إسرائيل خرجت منها أكثر جرأة وهي تتصرف كقوة مهيمنة تسعى لإعادة تشكيل الإقليم، في حين باتت إيران أضعف وتناضل من أجل البقاء، بينما تبدو الولايات المتحدة مترددة في الانخراط في صراع طويل آخر. في هذه الفوضى، تنشأ مواجهة جديدة أكثر خطورة بين قوتين كبيرتين، كلاهما حليف لواشنطن.
تصاعد التوترات الثنائية
تشرح الكاتبة أن المزاج في أنقرة تغيّر بوضوح. وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لخّص ذلك حين قال في قمة منظمة التعاون الإسلامي: «لا يوجد مشكلة فلسطينية أو لبنانية أو سورية أو إيرانية، بل هناك مشكلة إسرائيلية».
هذه العبارة تلخص التحول: من حليف سابق إلى خصم ثم إلى عدو معلن. أنقرة باتت منزعجة من هوية إسرائيل الجديدة كقوة إقليمية مهيمنة، وهو دور طالما طمح إليه الرئيس رجب طيب أردوغان. حتى الحليف القومي دولت بهتشلي، اتهم إسرائيل بمحاولة «تطويق الأناضول» وزعزعة استقرار تركيا. واللافت أن هذه الأفكار لم تعد محصورة في صحافة الإثارة بل باتت سائدة في البيروقراطية والإعلام التركي.
مخاوف متبادلة عميقة
في المقابل، ترصد الكاتبة في إسرائيل قلقًا مشابهًا: دوائر أمنية هناك باتت ترى النفوذ التركي في المنطقة تهديدًا بعيد المدى «أخطر من إيران». أردوغان أعلن دعمه الصريح لحماس، ما أثار غضب حكومة نتنياهو وأدى إلى تبادل تصريحات لاذعة وإلى تعزيز التعاون الإسرائيلي مع أكراد سوريا، الذين تعتبرهم أنقرة خصومًا وجوديين.
هنا تكشف الكاتبة عن أن التنافس ليس فقط سياسيًا أو عسكريًا، بل أيضًا أيديولوجي. حكومة أردوغان تمزج قومية تركية و"شعبوية" إسلامية سنية في إطار مشروع «قرن تركيا» الذي يعد بدور تركي خارجي واسع. في إسرائيل، تحالف يميني متطرف يرى هو الآخر مصير إسرائيل في الهيمنة العسكرية على غزة ولبنان وسوريا. هاتان الرؤيتان لا تتركان مساحة كبيرة للتسوية أو التفاهم.
سوريا مسرح المواجهة
تحدد الكاتبة سوريا كالساحة الأكثر قابلية للاشتعال المباشر. بعد انهيار نظام الأسد أواخر 2024، سعت كل من تركيا وإسرائيل لترتيب النظام الجديد. أنقرة عززت نفوذها من خلال دعم حلفائها والسعي لتثبيت حكم مركزي موالٍ لها، بينما تسيطر فعليًا على أجزاء كبيرة من شمال سوريا. إسرائيل كثفت ضرباتها الجوية وأعلنت دعمها لاستقلال الأكراد والدروز، متوجسة من جذور جهادية في حكم دمشق الجديد.
وتروي الكاتبة أن التوتر بلغ ذروته في أبريل حين قصفت إسرائيل موقعًا كان مخصصًا لإنشاء قاعدة تركية. ورغم وجود خط عسكري ساخن بين الجانبين، فإن الحوار الدبلوماسي الأوسع متجمّد. في الوقت ذاته، استخلصت أنقرة دروسًا من حرب إسرائيل وإيران الأخيرة، خاصة في ما يخص تفوق إسرائيل الاستخباراتي والجوي، وتعمل على معالجة نقاط ضعفها.
خطر إقليمي جديد
تنتهي الكاتبة بتحذير لواشنطن: على الرئيس ترامب أن يستخدم علاقاته الجيدة مع نتنياهو وأردوغان لإدارة هذا التصادم. صحيح أن إنهاء حرب غزة قد يخفف من شكاوى تركيا، لكن المنافسة بين الدولتين لن تزول على المدى الطويل.
لعدة عقود، نظرت الولايات المتحدة إلى تركيا وإسرائيل كحليفين أساسيين وركيزتين لاستقرار المنطقة، لكن الآن – مع ضعف إيران – أصبحت هاتان الركيزتان تتواجهان مباشرة. هذا التنافس، برأي الكاتبة، قد يكون اختبار الشرق الأوسط القادم، وواشنطن مطالبة بالاستعداد له، بدلًا من تجاهل إشاراته المبكرة.
قراءة أعمق للأبعاد
ما يقدمه هذا التحليل في فايننشال تايمز يكشف زيف الروايات التبسيطية التي تعد بأن إسرائيل يمكن أن تصبح عضوًا طبيعيًا في المنطقة من خلال اتفاقات التطبيع وحدها. حتى في غياب تهديد مباشر من إيران، يتبلور صراع جديد مع دولة مركزية مثل تركيا، يعكس انعدام الثقة البنيوي وتضارب الطموحات الجيوسياسية في الإقليم.
إنه تذكير صارخ بأن «السلام الإقليمي» المزعوم ليس إلا هدنة مؤقتة في شبكة معقدة من الخصومات القومية والأيديولوجية، وأن المنطقة ستظل محكومة بتنافس القوى الكبرى فيها، مهما جرى تسويقه من وعود بانبثاق «شرق أوسط جديد».






