-
℃ 11 تركيا
-
13 يونيو 2025
تحالفات إماراتية مقلقة: دعم ميليشيات حفتر والدعم السريع يهدد أمن السودان وليبيا ومصر
تصعيد ميداني في مثلث العوينات
تحالفات إماراتية مقلقة: دعم ميليشيات حفتر والدعم السريع يهدد أمن السودان وليبيا ومصر
-
11 يونيو 2025, 3:06:48 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمروي المصري
في تطور خطير على الحدود الثلاثية بين السودان ومصر وليبيا، أعلن الجيش السوداني انسحابه من منطقة العوينات، في خطوة وصفها بأنها "إعادة تموضع" في إطار ترتيبات عسكرية لصد العدوان. جاء ذلك بعد أن أعلنت ميليشيات الدعم السريع سيطرتها على مثلث العوينات، متهمة الجيش السوداني بمهاجمة دوريات ليبية. في المقابل، اتهم الجيش السوداني قوات حفتر بدعم الهجوم مباشرة، وهي سابقة لم تحدث منذ اندلاع الحرب بين الجيش وميليشيات الدعم السريع في أبريل 2023.
وفي بيان غير مسبوق من حيث النبرة والوضوح، اتهم الجيش السوداني كتيبة السلفية التابعة لقوات حفتر بتقديم إسناد مباشر لميليشيات الدعم السريع، والمشاركة في الهجوم على مواقعه الحدودية، مؤكداً أن هذا التدخل يشكل "انتهاكاً صارخاً للسيادة السودانية" و"تعدياً سافراً على السودان وشعبه". الجيش اعتبر أن ما جرى هو جزء من "المؤامرة الدولية والإقليمية" على البلاد، ملمحاً إلى أدوار خارجية يتصدرها حلف غير معلن بين حفتر والدعم السريع بدعم من أطراف إقليمية نافذة.
اتهامات سودانية مباشرة: حفتر والإمارات شركاء في العدوان
وزارة الخارجية السودانية بدورها وصفت التدخل الليبي بأنه تصعيد خطير، معتبرة أن حدود السودان مع ليبيا تحوّلت إلى ممر رئيسي لتهريب الأسلحة والمرتزقة لصالح الدعم السريع. وأضافت أن "الهزائم المتتالية" التي مُنيت بها قوات الدعم السريع دفعتها إلى طلب الإسناد المباشر من حفتر. وفي الوقت الذي نفت فيه قوات حفتر أي صلة بالهجوم، وردّت بالقول إن قوات سودانية هي من بادرت بمهاجمة دورية ليبية، فإن المعطيات الميدانية والتسجيلات المصورة تشير إلى تورط مباشر، سواء عبر الغارات أو الدعم اللوجستي.
يُذكر أن الحكومة السودانية، منذ بدايات الحرب، سبق وأن اتهمت الإمارات بتوفير دعم جوي مباشر عبر الطائرات المسيّرة لصالح ميليشيات الدعم السريع، فضلاً عن تمويل عمليات تسليح معقدة شملت تمرير شحنات سلاح عبر الحدود الليبية ومن خلال وسطاء في أفريقيا الوسطى وتشاد.
اشتباكات على الأرض: عمق الأزمة في منطقة حساسة
الاشتباكات الأخيرة التي دارت قرب منطقة جبل العوينات كشفت عمق التنسيق الميداني بين قوات حفتر والدعم السريع. فقد أعلنت ميليشيات الدعم السريع السيطرة على جبل كسو الاستراتيجي، بعد معارك مع القوات المشتركة المتحالفة مع الجيش السوداني. ونُشرت تسجيلات لمرتزقة الدعم السريع وهم يحتفلون بـ"طرد القوات الحكومية" من المنطقة، بينما اتهمت القوات المشتركة قوات حفتر بالتوغل داخل السودان لأكثر من 3 كيلومترات.
تكرار هذه الاشتباكات، ووقوع قتلى وأسرى من الجانبين، يشير إلى أن الحدود السودانية الليبية أصبحت مسرحاً مفتوحاً لصراع إقليمي، يتم تغذيته من أطراف ذات مصالح جيوسياسية معقّدة. الجيش السوداني قال إن كتيبة "سبل الإسلام" التابعة لحفتر حاولت تهريب أسلحة إلى الدعم السريع عبر تلك المنطقة، مؤكداً أنه أحبط العملية وكبّد المهاجمين خسائر بشرية ومادية.
العلاقات المصرية الإماراتية.. وصمت مقلق
المفارقة الكبرى في هذا المشهد أن هذا التصعيد يحدث على مشارف الأراضي المصرية، وضمن نطاق يفترض أنه يشكل حزاماً أمنياً مشتركاً بين السودان ومصر. ولكن رغم التهديد الواضح الذي يشكله الدعم العسكري الإماراتي لقوات حفتر والدعم السريع، لم يصدر عن القاهرة أي موقف رسمي يدين هذا التدخل، في ظل علاقات استراتيجية وثيقة تربط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالإمارات العربية المتحدة.
هذا الصمت المصري يثير تساؤلات حقيقية حول أولويات الأمن القومي في القاهرة، ومدى استعدادها لمواجهة التحالف الإماراتي-الليبي الذي يدعم ميليشيات متمردة على حدودها الجنوبية.
الدعم الإماراتي لقوات حفتر في ليبيا والدعم السريع في السودان يمثل تهديداً ثلاثياً مباشراً للأمن القومي في السودان وليبيا ومصر على السواء، خاصة مع تحوّل المثلث الحدودي إلى منطقة نزاع مسلح مفتوح قد يمتد إلى عمق الأراضي المصرية إن لم يتم احتواؤه.
خطر مزدوج على ليبيا والسودان
على الجانب الليبي، تنفي قوات حفتر باستمرار تورطها في أي دعم للدعم السريع، لكنها تشارك فعلياً عبر كتائب مرتبطة بها في الاشتباكات الحدودية، كما تؤكد تقارير القوات المشتركة السودانية. وتفتح هذه التطورات الباب أمام دخول السودان كلاعب غير مباشر في الصراع الليبي، ما يعقّد المشهد الأمني والسياسي في البلدين ويهدد بإشعال نزاعات أوسع على خلفية قومية وجهوية.
أما في السودان، فإن تأكيدات الجيش حول وجود مؤامرة إقليمية تضع الإمارات في موضع الاتهام المباشر، خاصة أن الدعم السريع يعتمد بشكل رئيسي على الأسلحة والطائرات المسيّرة، التي لا يتوفر عليها داخلياً. ويأتي ذلك في وقت يعيش فيه السودان واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، مع مقتل أكثر من 20 ألف شخص، ونزوح ولجوء نحو 15 مليوناً، فيما تقدر دراسات جامعية أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفاً، ما يجعل من استمرار الدعم الخارجي للميليشيات تهديداً كارثياً لوحدة السودان ومستقبل استقراره.
نحو إعادة تقييم التحالفات الإقليمية
ما يجري في المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر لا يمكن اعتباره مجرد حادثة معزولة، بل هو تجسيد لتحالف غير معلن تقوده الإمارات عبر دعمها لقوات حفتر والدعم السريع، بغض النظر عن المصالح الوطنية لدول الجوار. استمرار هذا الدعم في ظل صمت دولي وعجز إقليمي عن لجم التورط الخارجي، يعني فتح المجال أمام حرب مفتوحة قد تعيد رسم الخرائط، وتُقوّض استقرار المنطقة لسنوات قادمة.
ويضع هذا المشهد أمام مصر مسؤولية خاصة، بوصفها الشريك الأساسي للإمارات وحليفتها في أكثر من ملف. فإما أن تعيد القاهرة النظر في هذا التحالف على ضوء تهديداته المباشرة لأمنها الجنوبي، أو أنها تغامر بالسماح لأطراف إقليمية بتشكيل الواقع الأمني والعسكري على حدودها، بما يتجاوز إرادتها ومصالحها الوطنية.
.jpeg)








