تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

في مشهد أشبه بنهاية العالم، تحولت مدينة بيت حانون، الواقعة في أقصى شمال قطاع غزة، إلى كتلة من اللهب والركام، بعد أن أمطرتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي بعشرات الغارات الجوية المتزامنة، في واحدة من أعنف موجات القصف التي شهدها القطاع منذ اندلاع العدوان في 7 أكتوبر 2023.

 ليلة غير مسبوقة من النيران والانفجارات

مساء السبت الماضي لم يكن مساءً عاديًا، بل كان جحيمًا مستعرًا حلّ على مدينة كانت تضج بالحياة قبل الحرب، ويقطنها قرابة 60 ألف نسمة.
وصف شهود عيان الليلة بأنها "الأكثر تدميرًا منذ بدء العدوان"، حيث لم تهدأ الغارات لعدة ساعات، وشهدت المدينة قصفًا جويًا مركزًا ومتزامنًا طال منازل سكنية ومراكز خدماتية وبنى تحتية.

دوي الانفجارات يهزّ غزة.. ونارٌ تبتلع السماء

سمع دوي الانفجارات الناتجة عن الغارات في قلب مدينة غزة، على بُعد أكثر من عشرة كيلومترات من بيت حانون، وتسبّب في حالة من الهلع الواسع، خاصة بين الأطفال.

وقال سكان محليون إن السماء تلونت باللون الأحمر القاني من شدة النيران، بينما هزّت الانفجارات المباني، ما دفع العائلات إلى الفرار العشوائي وسط الظلام والدمار.

بيت حانون: المدينة المنكوبة

هذه الهجمة المروعة تأتي ضمن سلسلة من الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدن والبلدات الفلسطينية في قطاع غزة، لكن بيت حانون دُمرت بشكل ممنهج ومتعمّد، في محاولة لإزالتها من الخارطة.

وباتت المدينة خالية تقريبًا من سكانها، الذين هُجّروا تحت ضغط القصف المستمر والجوع والعطش، وسط غياب كامل للملاجئ أو الممرات الآمنة.

الإبادة مستمرة.. والعالم يتفرّج

بيت حانون ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فالعدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 9 أشهر، وبمباركة أمريكية، خلف حتى الآن:

أكثر من 195 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء.

أكثر من 11 ألف مفقود.

نزوح قسري لمئات الآلاف.

مجاعة قاتلة تضرب مناطق واسعة من القطاع.

دمار شامل طال أكثر من 88% من البنية التحتية، بما في ذلك منازل ومساجد ومدارس ومستشفيات.

في ظل صمت دولي مخزٍ، تتحول مدن غزة إلى أطلال محترقة وقبور جماعية مفتوحة، دون أي محاسبة للمجرم، ودون أفق يلوح لإنهاء المأساة.