بعد أيام من الصفقة مع إسرائيل

مصانع مصر تترقب زيادة أسعار الغاز بنسبة تصل إلى 20%

profile
  • clock 11 أغسطس 2025, 3:19:30 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

يستعد المصنعون المصريون لموجة جديدة من ارتفاع أسعار الغاز، إذ يترقبون صدور قرار حكومي خلال شهر سبتمبر المقبل برفع سعر المليون وحدة حرارية بريطانية للمصانع ومحطات الكهرباء بنسبة تتراوح بين 15% و20%، وبحد أدنى دولار واحد إضافي للوحدة. وتشمل الزيادة المرتقبة قطاعات الأسمدة والبتروكيماويات والحديد ومواد البناء، على أن يتم تطبيقها مع فواتير استهلاك شهر أغسطس الجاري.

ورغم أن الحكومة تلتزم الصمت بشأن موعد الإعلان الرسمي، فإن مسؤولي اتحاد الغرف الصناعية أقروا بوجود جدول زمني متفق عليه مع وزارة البترول لتنفيذ الزيادة، في إطار خطة تهدف إلى إلغاء الدعم المقرر للطاقة بحلول نهاية 2025، وذلك وفقًا لاتفاق موقع مع صندوق النقد الدولي منذ مارس 2024.

ضغوط الاستيراد وارتفاع الفاتورة

تأتي هذه الزيادة في وقت تتحدث فيه الحكومة عن ارتفاع فاتورة استيراد الغاز المسال إلى نحو 20 مليار دولار خلال العام المالي الجاري 2025/2026 لتلبية احتياجات السوق المحلي. كما لجأت القاهرة مؤخرًا إلى رفع أسعار توريد الغاز من الشركاء الأجانب ومن الآبار الإسرائيلية بنسبة 30% خلال شهري يوليو وأغسطس، ما يفرض أعباء إضافية على القطاعات الصناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة.

وقال مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول السابق، إن الصفقة الجديدة التي وقعتها مصر مع إسرائيل الأسبوع الماضي، بقيمة 35 مليار دولار وتمتد حتى 2040، لن تؤدي إلى خفض أسعار الغاز محليًا، موضحًا أن خطة الحكومة تستهدف رفع السعر الحالي البالغ 4.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية ليقترب من متوسط التكلفة الاقتصادية البالغ نحو 7.64 دولارات. وأكد أن ارتفاع التكلفة يرجع إلى تراجع الإنتاج المحلي، وارتفاع سعر واردات الغاز المسال إلى متوسط 12 دولارًا للوحدة، إضافة إلى صعوبة توفير العملة الصعبة لسداد مستحقات الشركاء الأجانب الذين يوفرون نحو ثلثي الاستهلاك اليومي من الغاز البالغ 6.2 مليارات قدم مكعب.

ثلاثة سيناريوهات للتسعير

كشف مصدر مطلع في هيئة البترول أن لجنة تسعير المحروقات، التي يرأسها رئيس الوزراء وتضم وزراء البترول والكهرباء والداخلية والصناعة والتنمية المحلية والمالية، تدرس ثلاثة سيناريوهات لزيادة الأسعار:

الأول: رفع سعر المليون وحدة إلى 7 دولارات، ما يعني بقاء دعم حكومي بنحو دولار واحد للوحدة.

الثاني: رفع السعر إلى 8 دولارات على مرحلتين أو ثلاث خلال 6–9 أشهر لتخفيف الصدمة على المصانع.

الثالث: ربط السعر بمتوسط شراء الغاز والمسال، بحد أدنى 6.5 دولارات وحد أقصى 9 دولارات، حتى نهاية يونيو 2026.

مخاوف صناعية من فقدان التنافسية

أوضح محمد البهي، عضو اتحاد الصناعات، أن الاتحاد سبق أن وافق على خطة تدريجية لرفع أسعار الطاقة إلى مستويات التكلفة الاقتصادية بحلول 2025، لكنه حذر من أن ذلك سيؤدي إلى زيادة التضخم وارتفاع تكاليف التشغيل، مما يضر بقدرة المصانع على المنافسة محليًا وإقليميًا، خاصة في ظل دعم واسع تقدمه بعض الدول العربية لمصانعها. وأضاف أن هذا النهج قد يحد من قدرة مصر على جذب استثمارات جديدة في الصناعة، ويؤثر على هدف الحكومة بزيادة الصادرات إلى 100 مليار دولار بحلول 2030.

كما أشار أعضاء لجنة الصناعة والطاقة بجمعية رجال الأعمال إلى أن الزيادة تأتي في وقت تعاني فيه الشركات الصناعية غير النفطية من ركود طويل منذ 2020، لم تتحسن فيه المؤشرات إلا لشهرين في مطلع 2025، قبل أن تعود للتراجع دون مستوى 50 نقطة على مؤشر مديري المشتريات.

تأثيرات على التضخم وأسعار السلع

يتوقع اقتصاديون أن تؤدي الزيادة المرتقبة إلى رفع التضخم السنوي بما بين 0.5% و1.2%، نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج وانعكاسها على أسعار سلع أساسية مثل الأسمدة ومواد البناء. وتشير تقديرات اتحاد الصناعات إلى أن أي زيادة تتجاوز 1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية ستفقد المصانع المصرية القدرة على منافسة الأسواق الخليجية في صادرات الأسمدة.

كما رجح الاتحاد أن تؤدي هذه الزيادة إلى ارتفاع سعر الحديد بما بين 800 و1200 جنيه للطن، ليعود إلى مستويات تفوق 40 ألف جنيه، وارتفاع الأسمنت بنحو 60 جنيهًا للطن، والأسمدة بنحو 2000 جنيه، إضافة إلى مزيد من تقليص إنتاج مصانع السيراميك والبورسلين التي تضررت أرباحها خلال العامين الماضيين من رفع الدعم التدريجي عن الطاقة.

تداعيات على الزراعة

أكد صدام أبو حسين، نقيب الفلاحين، أن أي زيادة في أسعار الغاز والكهرباء ستنعكس فورًا على تكلفة الزراعة، خاصة للمحاصيل المعتمدة على الأسمدة والري الآلي. وحذر من أن هذه الزيادات قد تدفع المزارعين إما إلى رفع أسعار منتجاتهم أو تقليص المساحات المزروعة، ما يهدد المحاصيل كثيفة الاستهلاك للأسمدة مثل الطماطم والخضروات، والتي تعد مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة ولها فرص واسعة للتصدير.

التعليقات (0)