-
℃ 11 تركيا
-
16 يونيو 2025
بطء أوروبي في وجه الإبادة: هل يُراجع الغرب شراكته مع إسرائيل؟
بطء أوروبي في وجه الإبادة: هل يُراجع الغرب شراكته مع إسرائيل؟
-
20 مايو 2025, 1:38:33 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
في ظل تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، بدأت بعض العواصم الغربية تتحرك ببطء نحو اتخاذ مواقف أكثر تشددًا تجاه الاحتلال، لكنها لا تزال بعيدة عن المواقف الحاسمة التي اتُّخذت سريعًا إبان الغزو الروسي لأوكرانيا. وبينما تتوالى المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين، وتنتشر المجاعة والأوبئة، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي والدول الغربية من تجاوز مربع "القلق العميق"، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول ازدواجية المعايير ومدى جدية هذه الأطراف في وقف شلال الدم في غزة.
اجتماع أوروبي متأخر: احتمال تعليق الشراكة مع إسرائيل
يعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، اجتماعًا في بروكسل لمناقشة إمكانية تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، في ضوء الجرائم المستمرة التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، من تهجير قسري واستهداف للمدنيين، إلى تجويع شامل وحرمان السكان من المساعدات الإنسانية. ويشارك في الاجتماع ممثلو الدول الأعضاء، إلى جانب الممثلة العليا الجديدة للسياسة الخارجية كايا كالاس، لمناقشة أدوات الضغط الممكنة، ومنها العقوبات الفردية على قادة الاحتلال، أو تعليق التعاون السياسي والاقتصادي.
دعوات المراجعة جاءت خصوصًا من دول مثل إسبانيا وإيرلندا، التي طالبت بتقييم التزام إسرائيل بحقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية المنصوص عليها في اتفاق الشراكة، في وقت تواصل فيه تل أبيب سياساتها الاستيطانية والحربية، متجاوزة كل الخطوط الحمراء.
موقف غربي خجول.. وتهديدات مشروطة
على الصعيد الأوسع، أصدرت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء تصعيد العدوان، مطالبةً إسرائيل بـ"وقف فوري لجميع العمليات العسكرية في غزة" و"السماح بدخول المساعدات بشكل آمن ودون عوائق". وأكد زعماء هذه الدول أنهم قد يتخذون "إجراءات ملموسة" في حال استمرار الهجوم وتجويع السكان.
لكن رغم التصعيد غير المسبوق من جانب الاحتلال، لم تتحرك تلك الدول سوى بعد 63 يومًا من استئناف العدوان، وبعد أن بلغ عدد الشهداء والمصابين مستويات كارثية، في تناقض صارخ مع استجابتهم العاجلة عندما تعرضت أوكرانيا للهجوم الروسي. هذا التباين يُسلّط الضوء على ازدواجية المعايير الأخلاقية والإنسانية في السياسات الغربية، التي تمنح إسرائيل هامشًا واسعًا للإفلات من العقاب.
الاحتلال يُصعّد: اقتحامات، غارات، ومجازر
في الميدان، واصل جيش الاحتلال تنفيذ هجماته العنيفة على مختلف أنحاء غزة، موقعًا المزيد من الشهداء والجرحى. وأعلن الجيش تنفيذ عملية خاصة في خان يونس، استُشهد خلالها القائد أحمد كامل سرحان، مسؤول العمل الخاص في ألوية الناصر صلاح الدين، خلال اشتباك مباشر مع قوة خاصة إسرائيلية. وقد أكدت الألوية فشل عملية الاحتلال في اعتقال القائد، الذي واجه الهجوم بشجاعة حتى اللحظة الأخيرة.
في المقابل، لم يُخفِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نواياه الإجرامية، معلنًا أن الجيش "سيسيطر على جميع مناطق غزة"، ومشيدًا بعمل الجنود، في مؤشر واضح على مواصلة سياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعية.
المستشفيات تحت النار… والشهداء بالعشرات
لم تسلم المنشآت الطبية من الهجوم، إذ حاصرت قوات الاحتلال المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا شمال القطاع، وأطلقت النيران عليه، ما أدى إلى انقطاع الاتصال بالطواقم الطبية والمرضى داخله. وفي ذات الوقت، أُعلن عن استشهاد 28 شخصًا منذ فجر اليوم، بينهم 6 في خان يونس، ضمن موجة من القصف العنيف الذي لم يتوقف منذ أيام.
هذه المجازر اليومية تُظهر بوضوح أن الاحتلال لا يُفرّق بين مقاتل ومدني، وأنه يواصل حرب الإبادة بتواطؤ دولي وصمت مريب من القوى الكبرى.
مساعدات مؤقتة.. بضغط أمريكي
في تطور محدود، قرر المجلس السياسي والأمني الإسرائيلي استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة "بشكل فوري"، لكن دون تصويت، وتحت ضغط أمريكي، في ظل تزايد التحذيرات من تفشي المجاعة. وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست"، فإن هذا القرار مؤقت ولمدة أسبوع فقط، ريثما يتم الانتهاء من إنشاء مراكز توزيع داخل القطاع، وهي خطوة يُخشى أن تُستخدم لاحقًا في فرض قيود إضافية أو آليات انتقائية للتحكم في تدفق الغذاء والدواء.
حرب مستمرة.. والمجتمع الدولي يراوح مكانه
مع استمرار الحرب واستهداف المدنيين والبنية التحتية، ومع إعلان نتنياهو عزمه السيطرة الكاملة على غزة، يتأكد يومًا بعد يوم أن إسرائيل ترفض أي وقف لإطلاق النار، ولا تبدي أي التزام بالاتفاقات أو الوساطات. وبينما تُجري حماس مبادرات إنسانية، مثل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر، فإن الرد الإسرائيلي لا يكون إلا بمزيد من القصف والدمار، فيما تكتفي الولايات المتحدة وحلفاؤها بإصدار البيانات و"القلق".
إن هذا التناقض بين التحرك الفوري والحازم تجاه أوكرانيا، والتباطؤ الشديد بل والتواطؤ تجاه غزة، يكشف حجم النفاق السياسي في النظام الدولي القائم، ويضع مصداقية الغرب على المحك أمام الشعوب العربية والعالمية، التي تُدرك جيدًا أن الحديث عن القيم والإنسانية يُعلّق حين يتعلق الأمر بفلسطين.









