باكستان تسقط 25 مسيّرة إسرائيلية الصنع: تصعيد يفضح التعاون العسكري بين الهند والاحتلال

profile
عبدالرحمن كمال كاتب صحفي
  • clock 8 مايو 2025, 11:20:22 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في تطوّر لافت يكشف عمق العلاقات العسكرية بين الهند والاحتلال الإسرائيلي، أعلن الجيش الباكستاني مؤخرًا إسقاط 25 طائرة مسيّرة إسرائيلية الصنع، أطلقتها الهند خلال تصعيد عسكري جديد في كشمير. جاء ذلك في أعقاب عملية "سندور"، التي أعلنت عنها نيودلهي ووصفتها بأنها "ضربة دقيقة" لمعسكرات تصفها بـ"الإرهابية" في باكستان. هذه المسيّرات، التي وُظّفت في سياق عمليات هجومية عبر الحدود، تكشف ليس فقط حجم التعاون العسكري بين الهند وإسرائيل، بل وأيضًا طبيعته التكنولوجية المتقدمة التي باتت تمثّل ركنًا مركزيًا في العقيدة القتالية الهندية، خاصة في المناطق الحدودية الحساسة ككشمير.

عملية "سندور": تعبير عن عقيدة جديدة مدعومة بتكنولوجيا إسرائيلية

العملية التي أطلقتها الهند جاءت كردّ على هجوم مسلّح استهدف سائحين في كشمير، وأودى بحياة 26 شخصًا. ردّ الفعل الهندي لم يكن عفويًا ولا تقليديًا، بل مثّل نمطًا جديدًا من العمليات الجوية المدعومة بمنظومات مراقبة وهجوم ذات منشأ إسرائيلي. من طائرات مسيّرة متطورة إلى أنظمة توجيه دقيقة، تعكس هذه الأدوات النفوذ الإسرائيلي في بنية الجيش الهندي. استخدام المسيّرات الإسرائيلية لا يحمل دلالة عسكرية فقط، بل هو مؤشّر سياسي على عمق التحالف بين تل أبيب ونيودلهي.

من كواليس التعاون إلى الميدان: خلفية التحالف الهندي-الإسرائيلي

منذ إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين عام 1992، تحوّلت الهند إلى واحدة من أكبر زبائن الصناعات العسكرية الإسرائيلية. العلاقات الثنائية بدأت بتعاون محدود في المجال الزراعي والتقني، لكن سرعان ما تطوّرت إلى شراكة أمنية عميقة تُغذيها أيديولوجيات متقاربة في ظل صعود اليمين المتطرف في نيودلهي وتل أبيب.

الهند، بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا وزعيمه المتطرف ناريندرا مودي، شهدت تحوّلاً أيديولوجيًا نحو النزعة القومية الهندوسية، مترافقة مع نزعة عدائية متزايدة ضد المسلمين والباكستانيين، على غرار ما يعيشه الاحتلال الإسرائيلي في سياساته تجاه الفلسطينيين. هذا التقارب السياسي والثقافي سهّل إقامة شراكة استراتيجية تتجاوز الحسابات التكتيكية نحو اندماج مؤسساتي طويل الأمد في قطاعات الدفاع والاستخبارات.

الأسلحة الإسرائيلية في خدمة الجيش الهندي

تُعدّ الهند أكبر زبون منفرد للصناعات الدفاعية الإسرائيلية، إذ استوردت منها خلال العقد الأخير معدات عسكرية بقيمة تقارب 3 مليارات دولار. تشمل هذه المعدات:

الطائرات بدون طيار (هيرون، سيرشر، وهيرميس 900): تُستخدم على نطاق واسع في كشمير والمناطق الحدودية مع باكستان. تتمتع هذه الطائرات بإمكانيات مراقبة ليلية ونهارية وقدرة على التحليق لساعات طويلة، ما يعزّز قدرة الجيش الهندي على جمع المعلومات الاستخبارية وشن ضربات دقيقة.

أنظمة التوجيه "سبايس": ساهمت بشكل حاسم في عمليات القصف الجوي، بما فيها الغارات الجوية التي تلت هجوم بولواما عام 2019، حيث استخدمت الهند قنابل موجهة بدقة لضرب أهداف داخل باكستان.

البنادق الهجومية "تافور": باتت جزءًا من العتاد القياسي للقوات الخاصة الهندية، خصوصًا في مسارح القتال غير التقليدية.

أنظمة الدفاع الجوي "باراك-8": نموذج واضح للمشاريع المشتركة، إذ طُور هذا النظام بالتعاون بين الصناعات الجوية الإسرائيلية ومنظمة البحث والتطوير الدفاعي الهندية (DRDO)، ويُستخدم اليوم في القوات الجوية والبحرية الهندية.

صناعة عسكرية مشتركة: "صنع في الهند" بروح إسرائيلية

أدركت الهند، في سياق سعيها إلى تقليص الاعتماد على الواردات، أهمية إدماج التكنولوجيا الإسرائيلية في مبادرة "صنع في الهند". فبدلاً من شراء الأسلحة فقط، باتت الشركات الهندية جزءًا من سلسلة الإنتاج والتطوير، بما في ذلك تصنيع مكونات الطائرات بدون طيار، وتطوير أنظمة الحرب الإلكترونية، وصناعة مقاعد مقاومة للتحطم للطائرات العسكرية.

من أبرز الشراكات:

  • - منشأة في حيدر أباد لإنتاج طائرات "هيرميس 900" بدون طيار بالتعاون بين "إلبيت سيستمز" وشركة "أداني ديفينس".
  • - مشاريع مشتركة لتطوير طائرات بدون طيار دوارة بالتعاون مع "هندوستان آيرونوتيكس" وشركات تكنولوجية محلية.
  • - تطوير أنظمة رادار متقدمة مثل "فالكُن" المثبتة على طائرات إنذار مبكر هندية.

الأمن السيبراني والاستخبارات: جبهة جديدة للتعاون

لم يقتصر التعاون على المجالات التقليدية، بل توسع إلى الأمن السيبراني والحرب الإلكترونية. وفّرت إسرائيل للهند بنية تحتية رقمية متطورة للدفاع عن شبكاتها العسكرية والمدنية، إلى جانب برامج تدريب استخباري متقدمة. تقارير عديدة تحدثت عن مشاركة عناصر استخبارات إسرائيلية في عمليات استجواب بكشمير، ما يفتح الباب أمام تعاون استخباري قد يتجاوز التوريد التقني نحو التدخل المباشر في العمليات.

التحالف تحت مجهر الجغرافيا السياسية

ما كان يُعدّ تعاونًا تقنيًا محصورًا في بيع الأسلحة، بات اليوم شراكة دفاعية استراتيجية تُعيد رسم خريطة التحالفات في آسيا. في ظل انكفاء الدور الأمريكي، وصعود قوى إقليمية كالصين وروسيا، تسعى إسرائيل لتعزيز مكانتها عبر تحالفات غير تقليدية، والهند تمثل شريكًا مثاليًا يجمع بين الحاجة التكنولوجية والانسجام الأيديولوجي.

الطائرات الإسرائيلية التي تُحلّق اليوم في سماء كشمير ليست مجرد أداة عسكرية، بل رمز لتحالف عابر للجغرافيا، تقوده عقيدة أمنية يمينية متطرفة تعادي المسلمين في الهند وباكستان والشرق الأوسط.

التعليقات (0)