تكبير الخط تصغير الخط

كتبت/ غدير خالد

حصار خانق وعدوان مستمر: الفاشر تواجه شبح المجاعة

منذ مايو 2024، تعيش مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تحت وطأة حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع، في مشهد يعيد إلى الأذهان ممارسات الاحتلال والعدوان التي تنفذها الأنظمة القمعية بحق المدنيين العزل. هذا الحصار دفع آلاف العائلات إلى حافة المجاعة، حيث اضطر السكان إلى تناول أعلاف الحيوانات كطعام يومي، في ظل غياب أي مظهر من مظاهر الحياة الكريمة.

بحسب برنامج الأغذية العالمي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تجاوزت 460%، ما أدى إلى انهيار المطابخ الجماعية والمستودعات الغذائية التي كانت تشكل شريان الحياة الوحيد للمدنيين. الأمم المتحدة وصفت الوصول إلى المدينة بأنه "شبه مستحيل"، مؤكدة أن الدعم النقدي المقدم لنحو 250 ألف شخص لا يفي بالاحتياجات المتزايدة للسكان المحاصرين.

الموت في كل زاوية: الجوع والقصف يوسّعان المقابر

في مشهد مأساوي، تسجل المقابر في الفاشر توسعًا متسارعًا، حيث أفادت منظمة العفو الدولية أن عدد الضحايا المتزايد بسبب الجوع والقصف حال دون قدرة العائلات على دفن موتاها، ما أضاف أبعادًا إنسانية كارثية للوضع. المدينة، التي تعد آخر معقل للجيش السوداني في دارفور، أصبحت هدفًا لهجمات متواصلة من قوات الدعم السريع، خاصة بعد سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم في مارس الماضي.

الكوليرا تجتاح المخيمات: نداءات استغاثة من لجان المقاومة

مخيمات اللاجئين المحيطة، خاصة "زمزم"، شهدت موجات نزوح جديدة عقب هجمات عنيفة في أبريل، مما أدى إلى تكدس أعداد كبيرة من المدنيين داخل الفاشر ومدينة "طويلة"، حيث تفشى وباء الكوليرا بصورة مقلقة. "لجان مقاومة الفاشر" حذّرت من انتشار المرض في عدة مناطق بدارفور، داعية منظمات الأمم المتحدة إلى التدخل الفوري عبر تقديم مساعدات طبية عاجلة.

منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أعلنت أن آلاف الأطفال في دارفور، خاصة من هم دون سن الخامسة، يواجهون خطر الموت بسبب الجوع والأوبئة. وسُجلت أكثر من 20 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا في مدينة طويلة وحدها، وأكثر من 80 حالة في عموم دارفور، وسط مخاوف من انتشار المرض إلى مناطق جديدة.

الخرطوم ليست بمنأى: الجوع ينهش الأطفال

رغم الهدوء النسبي في العاصمة الخرطوم، فإن الجوع ترك آثاره القاسية، حيث وصفت اليونيسف أطفال المدينة بأنهم "جلد على عظم"، في ظل وصول محدود فقط إلى الغذاء ومياه الشرب والرعاية الصحية.

حرب السلطة تحوّل السودان إلى ساحة كارثة إنسانية

اندلعت الحرب في السودان في منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إثر صراع دموي على السلطة، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 13 مليون شخص. وقد تحولت البلاد إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

وسط هذا المشهد الدموي، يواصل الكيان الصهيوني تصدير أدوات القمع والعدوان إلى مناطق النزاع، في إطار تحالفات مشبوهة تغذي الاحتلالات الجديدة وتعمّق المآسي الإنسانية.