الصين تفرض رسوم إغراق على واردات البلاستيك الهندسي من أمريكا وأوروبا

profile
  • clock 18 مايو 2025, 1:11:51 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة

في خطوة تعكس تصعيداً جديداً في النزاعات التجارية العالمية، أعلنت الصين يوم الأحد عن فرض رسوم إغراق على واردات بوليمرات POM (copolymers) – وهو نوع من البلاستيك الهندسي – القادمة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وتايوان. وقد وصلت هذه الرسوم إلى 74.9% كحد أقصى، وتفاوتت بحسب الدول والشركات المُصدّرة.

تحقيق استمر عاماً خلف القرار

جاء القرار الصيني بعد تحقيق استمر لمدة عام كامل، أطلقته وزارة التجارة الصينية في مايو/أيار 2024، وذلك في أعقاب موجة من الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات صينية شملت السيارات الكهربائية والرقائق والمكونات الإلكترونية. وقد توصلت التحقيقات الأولية إلى وجود ممارسات إغراق واضحة من المصدرين، ما دفع الصين إلى فرض رسوم مؤقتة في يناير الماضي على شكل إيداع نقدي مؤقت، قبل الإعلان عن الرسوم النهائية الآن.

أهمية بوليمرات POM في الصناعات الهندسية

تُستخدم بوليمرات POM على نطاق واسع في العديد من الصناعات، إذ تُعد بديلًا جزئيًا عن المعادن مثل النحاس والزنك، وتدخل في تصنيع قطع غيار السيارات، والمكونات الإلكترونية، والمعدات الطبية. وأكدت وزارة التجارة الصينية أن فرض الرسوم يأتي لحماية السوق المحلية من ممارسات الإغراق التي تؤثر على الشركات الصينية المنتجة لهذا النوع من البوليمرات عالية الأداء.

توزيع الرسوم على الدول والشركات

وفقًا للتفاصيل التي نشرتها وزارة التجارة الصينية، فقد تم فرض الرسوم بنسب متفاوتة على الدول والشركات المورّدة:

الولايات المتحدة: تم فرض أعلى نسبة من الرسوم، حيث بلغت 74.9%.

الاتحاد الأوروبي: شُملت برسوم وصلت إلى 34.5%.

اليابان: حصلت على نسبة 35.5% بشكل عام، لكن تم استثناء شركة Asahi Kasei التي فُرضت عليها نسبة أقل بلغت 24.5%.

تايوان: شملها القرار بنسبة 32.6%، بينما حصلت شركتا Formosa Plastics وPolyplastics Taiwan على رسوم منخفضة بنسبة 4% و3.8% على التوالي.

التصعيد مستمر رغم "هدنة الـ90 يوماً"

المفارقة أن هذا القرار يأتي بعد أيام من إعلان هدنة تجارية بين الولايات المتحدة والصين مدتها 90 يومًا، تتضمن تخفيفًا للرسوم الجمركية المتبادلة. وقد رحبت وسائل الإعلام الصينية بالهدنة، لكنها دعت إلى استمرار التهدئة وتوسيع نطاقها، في حين تؤكد الخطوة الجديدة أن التوتر التجاري لا يزال قائماً، وأنه ربما يأخذ أشكالًا أكثر تقنية وانتقائية.

تحذيرات دولية من تهديد منظومة التجارة العالمية

في السياق ذاته، أصدرت مجموعة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) بيانًا خلال اجتماعها الأخير في كوريا الجنوبية، حذرت فيه من "تحديات أساسية" تهدد نظام التجارة العالمي، في إشارة ضمنية إلى التوترات التجارية المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم.

تداعيات متوقعة على سلاسل الإمداد

من المتوقع أن يكون لقرار الرسوم الصيني تأثير مباشر على سلاسل الإمداد العالمية، خصوصاً في القطاعات التي تعتمد على المواد البلاستيكية عالية الأداء مثل صناعة السيارات والإلكترونيات. إذ يعتمد العديد من المصنعين على استيراد مكونات منخفضة التكلفة لتقليل كُلف الإنتاج، مما قد يتأثر بشكل كبير بعد هذه الزيادات الجمركية.

الصين تتحرك ضمن قواعد منظمة التجارة

رغم الطابع التصعيدي للخطوة الصينية، إلا أنها تندرج ضمن إطار قانوني تنظمه قواعد منظمة التجارة العالمية، ما يمنح بكين غطاءً شرعياً لإجراءاتها. وتأتي هذه الخطوة في سياق سياسة اقتصادية أوسع تتبناها الصين، تهدف إلى حماية صناعتها المحلية وتقليل الاعتماد على الخارج، لا سيما في ظل الضغوط الغربية المتزايدة على صناعاتها الاستراتيجية.

قراءة في الأبعاد الاستراتيجية للقرار

تمثل الرسوم التي فرضتها الصين تصعيدًا محسوبًا في المواجهة الاقتصادية مع الغرب، وتحديدًا مع واشنطن. لكنها أيضًا تعكس تحولًا في أدوات المنافسة الجيو-اقتصادية، حيث لم تعد تقتصر على الصناعات الثقيلة والطاقة، بل تشمل الآن المواد المتخصصة والتكنولوجيا الصناعية المتقدمة. ويبدو أن بوادر التهدئة التي ظهرت مؤخرًا لن تُترجم بالضرورة إلى نهايةٍ للتوترات الاقتصادية، بل قد تكون مجرد هدنة مؤقتة في معركة طويلة الأمد على مستقبل الصناعة والتكنولوجيا.

 

المصادر

CNN

التعليقات (0)