أبل تواجه عاصفة سياسية بسبب شراكتها مع "علي بابا" الصينية

profile
  • clock 17 مايو 2025, 1:32:33 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تواجه شركة أبل الأميركية ضغوطاً متزايدة من إدارة الرئيس دونالد ترامب وعدد من أعضاء الكونغرس بسبب خططها لعقد شراكة تكنولوجية مع عملاق التجارة الإلكترونية الصيني علي بابا، تهدف إلى إدماج ميزات الذكاء الاصطناعي في أجهزة آيفون داخل السوق الصينية. وتأتي هذه الخطوة في وقت تعتبر فيه الصين ثاني أكبر سوق لأبل بعد الولايات المتحدة، ما يجعلها ساحة حساسة لاستراتيجية الشركة.

قلق أميركي من تعزيز الذكاء الاصطناعي الصيني

بحسب ثلاثة مصادر مطلعة، أعرب مسؤولون أميركيون عن مخاوف متصاعدة من أن تسهم الشراكة في تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي لشركة خاضعة لرقابة الحزب الشيوعي الصيني، ما قد يؤدي إلى تقوية النفوذ الرقابي لبكين وزيادة قدراتها المستقبلية في المجال العسكري. ويُنظر إلى الصفقة المحتملة على أنها أكثر من مجرد اتفاق تجاري، بل خطوة تحمل تبعات أمنية واستراتيجية كبرى على المدى البعيد.

البيت الأبيض يضع الصفقة تحت المجهر

خلال اجتماعات مغلقة في واشنطن، واجه كبار مسؤولي شركة أبل استجوابات مباشرة من لجنة الكونغرس المعنية بالشأن الصيني، والتي طالبت بتوضيحات بشأن إمكانية نقل بيانات حساسة إلى طرف صيني، وتأثير قوانين الرقابة الصينية على التزامات أبل. ووفقاً لما أوردته صحيفة نيويورك تايمز، فإن الشركة فشلت في تقديم إجابات شافية لعدد من التساؤلات، مما زاد من التوجس السياسي.

الناقد الأبرز كان عضو الكونغرس الديمقراطي راجا كريشنامورثي، الذي وصف موقف أبل بـ"المقلق للغاية"، مشيراً إلى أن علي بابا تجسد استراتيجية "الدمج المدني-العسكري" التي يتبناها النظام الصيني، وهي نقطة محورية في قلق واشنطن من التقدم التقني الصيني.

ضغوط مزدوجة على أبل في الصين والولايات المتحدة

الصين تمثل ما يقرب من 20% من إجمالي مبيعات أبل على مستوى العالم، لكن تراجع الحصة السوقية من 19% في عام 2023 إلى 15% في 2024 دفع الشركة إلى البحث عن تحالفات محلية لتعزيز تنافسيتها، خصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تُعد خدمات "أوبن إيه آي" غير متوفرة في الصين.

هذا التحدي دفع أبل إلى الاعتماد على علي بابا كمزود محلي رئيسي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، لكن ذلك فتح عليها جبهة انتقادات سياسية من الداخل. كما تعرض الرئيس التنفيذي تيم كوك لهجوم من ترامب بشأن قرار الشركة تصنيع منتجاتها في الهند بدلاً من الولايات المتحدة، مما زاد من الضغوط السياسية المحيطة بالشركة.

الشراكة التكنولوجية تحت مجهر الأمن القومي

لا تتوقف تحفظات واشنطن عند الأبعاد الاقتصادية، بل تتجاوزها إلى الملف العسكري والأمني. ففي ظل تنامي إدراك إدارة ترامب لأهمية الذكاء الاصطناعي كأداة حاسمة في الصراعات المستقبلية، بدأت الحكومة الأميركية دراسة وضع قيود إضافية على الشركات الصينية، ومن بينها احتمال إدراج علي بابا على "قائمة سوداء" تمنع التعاون التجاري معها.

وتحذر مراكز أبحاث أميركية مثل مركز وادهواني للذكاء الاصطناعي من أن تمكين شركات صينية مثل علي بابا من الوصول إلى بيانات مستخدمي آيفون قد يعزز من قدراتها التقنية والعسكرية، وهو ما يمثل تهديداً استراتيجياً للولايات المتحدة.

خطر خسارة السوق الصينية في حال فشل الصفقة

في حال أُجبرت أبل على إلغاء الصفقة مع علي بابا تحت الضغط السياسي الأميركي، فإن الشركة قد تجد نفسها في موقع تنافسي أضعف في الصين، خاصة في مواجهة منافسين محليين مثل هواوي وشاومي الذين يقدّمون بالفعل حلول ذكاء اصطناعي متطورة ومتكاملة للسوق المحلية.

وبحسب محللي "أريت ريسيرش"، فإن الشراكة بين أبل وعلي بابا تتجاوز مجرد البرمجيات، إذ تشمل أيضاً قنوات التسويق والتوزيع من خلال منصات التجارة الإلكترونية التي تسيطر عليها علي بابا، مما يجعل الأخيرة شريكاً استراتيجياً متكاملاً.

معركة تتقاطع فيها التكنولوجيا مع الأمن القومي

الجدل حول شراكة أبل مع علي بابا لا يُعد مجرد نقاش حول الأسواق أو المنافسة، بل يعكس معركة كبرى على مستقبل التكنولوجيا العالمية، وتحديداً الذكاء الاصطناعي، الذي بات يُنظر إليه بوصفه أحد أذرع النفوذ الجيوسياسي والعسكري في القرن الحادي والعشرين.

في هذا السياق، تجد أبل نفسها أمام معضلة استراتيجية حقيقية: إما الحفاظ على مكانتها في السوق الصينية من خلال شراكة محفوفة بالمخاطر السياسية، أو الانصياع لضغوط واشنطن وتقديم تنازلات قد تكلفها مكانتها التكنولوجية والمالية في واحدة من أكثر الأسواق حساسية.

وفي الوقت الذي تتجه فيه دول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين والهند إلى ترسيخ هيمنتها في مجال الذكاء الاصطناعي، تُظهر هذه الأزمة أن من يملك السيطرة على التكنولوجيا يملك مفتاح الاقتصاد والأمن العالميين.

التعليقات (0)