-
℃ 11 تركيا
-
14 يونيو 2025
الاحتلال يوافق على إدخال 100 شاحنة مساعدات.. و14 ألف رضيع يواجهون الموت خلال 48 ساعة
غزة تموت جوعا والعالم يتفرج
الاحتلال يوافق على إدخال 100 شاحنة مساعدات.. و14 ألف رضيع يواجهون الموت خلال 48 ساعة
-
20 مايو 2025, 3:08:15 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
بينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، لا تقتصر أدوات القتل على القصف والتدمير، بل تشمل أيضًا التجويع المتعمد كوسيلة لإبادة السكان وتهجير من تبقى منهم أحياء. فالمجاعة باتت اليوم سلاحًا رئيسيًا في يد الاحتلال، تستخدمه لتصفية ما تبقى من حياة في القطاع المحاصر، في ظل صمت دولي مخزٍ، لا يزال يتردد في وصف ما يحدث بما هو عليه: تطهير عرقي ممنهج.
مجاعة ممنهجة وأرقام مفزعة
في مؤتمر صحفي عقد بجنيف، حذر توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية، من أن 14 ألف رضيع في غزة معرضون للموت خلال الساعات الـ48 المقبلة إذا لم تُفتح المعابر لإدخال مساعدات غذائية عاجلة. وأكد أن ما سُمح بدخوله حتى الآن "نقطة في بحر"، إذ لم تتجاوز الشاحنات التي دخلت يوم الاثنين خمسًا فقط، رغم الحصار المستمر منذ 11 أسبوعًا، وهي شاحنات لم تصل حتى إلى المناطق الأكثر تضررًا، حيث تتفاقم المأساة.
وأكد فليتشر أن الأمهات لم يعدن قادرات على إرضاع أطفالهن، وأن الجوع بلغ درجات كارثية، خصوصًا في صفوف الرضع والنساء وكبار السن، مشددًا على أن "نخاطر بكل شيء لإيصال طعام الأطفال... نأمل أن نُنقذ أكبر عدد ممكن منهم خلال اليومين المقبلين". ورغم أن الأمم المتحدة حصلت مؤخرًا على إذن بإدخال نحو 100 شاحنة إضافية، إلا أن التجربة تُظهر أن ما يُسمح به لا يدخل بالضرورة، وما يدخل لا يُوزَّع بسهولة.
الاحتلال يختنق غزة عمدًا.. والعالم يتفرج
تصريحات المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، جينز لارك، لم تكن أقل خطورة، إذ أشار إلى أن الاحتلال سمح بإدخال تسع شاحنات مساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، ولكن فقط خمس منها دخلت فعليًا. وأوضح أن الشاحنات تضم أغذية للأطفال ومنتجات غذائية أساسية، ولكن العقبة الكبرى تكمن في عدم الوصول الآمن لتلك المواد إلى المحتاجين، بسبب القيود التي يفرضها الاحتلال على الحركة داخل القطاع.
وبحسب أكيهيرو سيتا، مدير إدارة الصحة في الأونروا، فإن البيانات المتوفرة حتى نهاية أبريل تظهر ارتفاعًا مقلقًا في معدلات سوء التغذية، مع تحذير من أن الوضع قد يخرج عن السيطرة تمامًا في الأيام المقبلة. هذا التدهور السريع لا يأتي عفويًا أو عرضيًا، بل هو نتيجة حرب تجويع متعمدة تهدف إلى كسر صمود الفلسطينيين وفرض واقع ديموغرافي جديد.
التهديد لا يكفي.. والمواقف الغربية باهتة
رغم البيان المشترك الذي أصدرته المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، وندد بسياسات حكومة بنيامين نتنياهو، فإن التحذيرات من اتخاذ "إجراءات ملموسة" لا تزال مجرد كلمات فارغة أمام معاناة حقيقية ومتصاعدة. البيان اعتبر أن المساعدات التي تسمح إسرائيل بإدخالها "غير كافية تمامًا"، لكن لم يُترجم هذا التقييم إلى قرارات ملزمة أو عقوبات فاعلة.
يقول فليتشر إن هناك تصعيدًا نسبيًا في المواقف الدولية، لكنه شدد على أن الوضع يتطلب أكثر من البيانات: "يجب إغراق غزة بالمساعدات لإنقاذ الأرواح". لكن حتى هذه الدعوة، تُواجه بحواجز إسرائيلية لا تنكسر إلا بضغوط قوية لم تُمارس بعد من الأطراف القادرة على التأثير، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
إبادة في وضح النهار
ما يحدث في غزة لم يعد مجرد أزمة إنسانية أو صراع عسكري، بل جرائم إبادة تُنفذ تحت سمع وبصر العالم. أكثر من 174 ألف شهيد وجريح منذ بداية العدوان، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود تحت الركام أو في المقابر الجماعية. ومع كل هذه الفظائع، لا تزال بعض العواصم الغربية تراهن على ضبط النفس والدبلوماسية العقيمة، بدلًا من التحرك الفوري لوقف هذه الجريمة المستمرة.
إن الحصار، والتجويع، واستهداف المستشفيات، ومنع المساعدات، كلها أدوات في استراتيجية الاحتلال لتفريغ غزة من أهلها، بالقصف حينًا وبالموت البطيء جوعًا حينًا آخر. ما يحدث ليس "أزمة إنسانية" فقط، بل خطة تطهير عرقي متكاملة الأركان، تستهدف اقتلاع شعب بأكمله من أرضه.
غزة تصرخ.. فهل من مجيب؟
في وجه هذا الجحيم، يقف أهل غزة بأجسادهم الهزيلة وأطفالهم الجوعى، يواجهون آلة قتل لا ترحم، وحصارًا خانقًا، وعالمًا أصمًّا يتغنّى بالقانون الدولي بينما يتجاهل مشاهد الأطفال المنتفخي البطون من الجوع. غزة اليوم لا تطلب أكثر من شريان حياة: شاحنة طعام، عبوة حليب، كيس دقيق، ووقفة ضمير. لكن حتى هذا، يبدو كثيرًا على المجتمع الدولي أن يمنحه دون شروط أو مساومات.








