الاحتلال بين الداخل والخارج

اعتقال شرطة الاحتلال للعضوة السابقة في الكنيست حنين زعبي بتهمة "التحريض" ودعم المقاومة

profile
  • clock 21 سبتمبر 2025, 9:29:22 ص
  • eye 418
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
حنين زعبي.. شخصية سياسية مثيرة للجدل

محمد خميس

أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم (الأحد)، أنها اعتقلت العضوة العربية السابقة في الكنيست، حنين زعبي، البالغة من العمر 59 عامًا، بعد اقتحام منزلها في مدينة الناصرة شمال الأراضي المحتلة، وذلك بزعم "التحريض والانتماء إلى منظمة إرهابية".

وذكرت مصادر في شرطة الاحتلال أن عملية الاعتقال نُفذت عبر وحدة تحقيق خاصة في المنطقة الشمالية، حيث وصل المحققون إلى منزل زعبي وأبلغوها بأنها محتجزة للتحقيق، وطُلب منها مرافقتهم إلى مركز الشرطة.

مزاعم "التحريض ودعم منظمة إرهابية"

وبحسب ادعاءات شرطة الاحتلال، فإن قرار التحقيق مع زعبي جاء بعد ما وصفته بـ"تحقيق شامل"، قالت إنه كشف عن وجود شبهات تتعلق بالتحريض على العنف ودعم منظمة "إرهابية".

وزعمت الشرطة أن الشبهات تستند إلى تصريحات أدلت بها زعبي في مؤتمر مناهض لإسرائيل عُقد في العاصمة النمساوية فيينا تحت عنوان "مؤتمر فلسطين"، حيث اتهمتها بأنها أعربت خلال كلمتها عن دعمها وتعاطفها مع حركة "حماس".

كما أوضحت الشرطة أن الشكاوى ضد زعبي وردت خلال الأشهر الأخيرة من جهات إسرائيلية عدة، اعتبرت أن تصريحاتها تشكل "خطورة أمنية" وتدخل في إطار "دعم الإرهاب".

سابقة خطيرة ضد فلسطينيي الداخل

يأتي اعتقال زعبي في سياق أوسع من الحملة الأمنية المتصاعدة ضد فلسطينيي الداخل (أراضي 48)، حيث شنت شرطة الاحتلال خلال العامين الماضيين حملات اعتقال طالت العشرات من الناشطين، بزعم نشر منشورات أو تغريدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعبر عن التضامن مع سكان قطاع غزة.

ويرى مراقبون أن اعتقال شخصية سياسية بارزة مثل زعبي، التي شغلت منصب عضو كنيست لعدة دورات سابقة، يمثل سابقة خطيرة تكشف عن تضييق متزايد على العمل السياسي للفلسطينيين في الداخل، ومحاولة لكتم أصوات المعارضة.

حنين زعبي.. شخصية سياسية مثيرة للجدل

تعد حنين زعبي واحدة من أبرز الشخصيات السياسية العربية داخل الأراضي المحتلة، حيث عُرفت بمواقفها الجريئة في انتقاد سياسات الاحتلال والدفاع عن الحقوق الفلسطينية. وكانت قد أثارت جدلًا واسعًا داخل الكنيست الإسرائيلي وخارجه بسبب مواقفها المؤيدة للمقاومة الفلسطينية ورفضها للسياسات الإسرائيلية تجاه غزة والضفة الغربية.

كما عُرفت زعبي بمشاركتها في أسطول الحرية عام 2010، الذي كان يهدف إلى كسر الحصار المفروض على غزة، وهو ما جعلها عرضة لحملات تحريض متواصلة من قبل السياسيين الإسرائيليين.

اتهامات بالعنصرية السياسية

من جهتها، اعتبرت شخصيات عربية داخل الخط الأخضر أن اعتقال زعبي يأتي ضمن سياسة ممنهجة لقمع الحريات، واستهداف الأصوات السياسية المعارضة للحرب الإسرائيلية على غزة. وأكدوا أن المزاعم المتعلقة بـ"التحريض" ليست سوى غطاء قانوني لملاحقة كل من يرفع صوته ضد الاحتلال وجرائمه.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل استمرارًا لنهج "القوانين العنصرية" التي سنتها إسرائيل خلال السنوات الماضية، مثل قانون "القومية" الذي يعتبر أن حق تقرير المصير في فلسطين يخص الشعب اليهودي وحده، ويهمش العرب بشكل كامل.

السياق الإنساني والسياسي

يتزامن اعتقال زعبي مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي وصفتها مؤسسات حقوقية دولية بأنها "إبادة جماعية". فقد أسفرت الحرب حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 231 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح مئات الآلاف. كما أودت المجاعة بحياة 432 فلسطينيًا، بينهم 146 طفلًا.

ويرى محللون أن اعتقال زعبي يأتي في إطار سياسة الاحتلال الرامية إلى إسكات الأصوات الداعمة لغزة، ومحاولة منع التضامن الشعبي والرسمي مع ضحايا العدوان.

ردود فعل متوقعة

من المتوقع أن يثير اعتقال زعبي موجة من ردود الفعل الغاضبة داخل المجتمع الفلسطيني في الداخل، وبين القوى السياسية العربية. كما يُنتظر أن تندد منظمات حقوقية دولية بهذه الخطوة، كونها تمثل انتهاكًا صارخًا لحرية الرأي والتعبير، وتندرج في إطار الملاحقة السياسية على أساس الهوية.

وقد حذرت مؤسسات حقوقية سابقة من أن إسرائيل تستخدم ذريعة "التحريض" كأداة لتجريم أي خطاب معارض، في حين يتم التغاضي عن خطابات التحريض الإسرائيلية العلنية التي تستهدف الفلسطينيين وتدعو إلى قتلهم وتهجيرهم.

أبعاد قانونية

من الناحية القانونية، ينظر مراقبون إلى التحقيق مع زعبي على أنه محاولة لتلفيق تهم قد تصل إلى المحاكمة والسجن، خاصة في ظل وجود سوابق لمحاكمة نشطاء سياسيين من فلسطينيي الداخل.

لكن خبراء في القانون الدولي يؤكدون أن هذه الملاحقات تفتقر إلى الأساس القانوني السليم، كونها تتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تكفل حرية التعبير عن الرأي، حتى لو كان مخالفًا للسلطة القائمة.

الاحتلال بين الداخل والخارج

تكشف خطوة اعتقال حنين زعبي عن ازدواجية الاحتلال في التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية. فبينما يواصل حربه المدمرة على غزة، يحاول أيضًا السيطرة على الساحة الداخلية عبر القمع الأمني والسياسي لفلسطينيي 48.

ويرى محللون أن هذه السياسة قد تؤدي إلى مزيد من الاحتقان الداخلي، وربما انفجار موجات احتجاج واسعة، خصوصًا أن فلسطينيي الداخل يشهدون يوميًا تمييزًا ممنهجًا في مختلف المجالات.

التعليقات (0)