وسط تآمر دولي وصمت مخزٍ

اعترافات إسرائيلية صادمة: إطلاق النار عمداً على الجوعى في غزة

profile
  • clock 27 يونيو 2025, 2:45:36 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال الإسرائيلي الحافل بالدماء، كشف تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية، الجمعة، اعترافات صادمة لضباط وجنود في جيش الاحتلال بأن القوات الإسرائيلية تعمدت إطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين الجائعين قرب مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة، رغم عدم وجود أي خطر يبرر ذلك.

ووفق ما نقلته الصحيفة، أقر أحد الجنود قائلاً: «لم نشهد أبداً إطلاق نار من الجانب الآخر خلال عمليات توزيع المساعدات، ومع ذلك كانت التعليمات واضحة بإطلاق النار عمداً على المدنيين». هذا الإقرار الصريح يكشف وحشية ممنهجة، ويؤكد أن أوامر القتل جاءت عن سابق تصميم وإصرار.

ولم يتورع جيش الاحتلال، بحسب تلك الشهادات، عن تبرير هذه المذابح بالقول إن عملياته قرب مراكز توزيع المساعدات أكسبته "شرعية" لمواصلة القتال. في اعتراف فجّ آخر، يقول جندي مشارك: «الجيش سعيد بذلك، لقد نجح في كسب شرعية من دماء الجياع». هذه الجملة الدامية تختصر عقيدة الاحتلال القائمة على الاستباحة الكاملة للمدنيين، واستثمار المجاعة كسلاح لإخضاع الشعب الفلسطيني.

الاعترافات الموثقة تكشف كذلك أن قطاع غزة أصبح في نظر الاحتلال "مكاناً بلا قانون ولا حساب"، حيث لم تعد هناك حاجة حتى إلى إصدار بيانات كاذبة عن "حوادث مؤسفة". وكأن الدم الفلسطيني مباح بلا حتى التظاهر بالتبرير، في بيئة يسودها الإفلات المطلق من العقاب.

هذه الجرائم المعلنة تجري أمام أعين العالم أجمع، وسط تواطؤ دولي وغربي مفضوح يكتفي ببيانات جوفاء تدعو إلى "ضبط النفس"، فيما تتدفق الأسلحة والدعم السياسي إلى آلة القتل الإسرائيلية. في الوقت نفسه، يغرق النظام العربي الرسمي في صمت مخزٍ وتطبيع مذل، ويكتفي العالم الإسلامي بشجب باهت أو صمت مطبق، تاركًا غزة وحدها تواجه المجاعة والقصف والتجويع الممنهج.

يأتي هذا في وقت تحذر فيه منظمات إنسانية من مجاعة كارثية وشيكة تهدد مئات الآلاف من الفلسطينيين في القطاع المحاصر، حيث تحوّلت مراكز توزيع المساعدات من ملاذ أخير للجياع إلى أهداف مرصودة لجنود الاحتلال، في تكتيك إجرامي يذكر بأسوأ فصول التطهير العرقي عبر التاريخ.

أما ما خفي فهو أعظم. فهذه الاعترافات التي تسرّبت إلى صحيفة عبرية ليست سوى قمة جبل الجليد من جرائم لا تحصى تُرتكب بحق شعب أعزل تحت حصار خانق وقصف لا يرحم. ولعل أكثر ما يثير الغضب أن هذه الجرائم تحدث تحت سمع العالم وبصره، وسط نظام دولي منافق يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان بينما يغضّ الطرف عن جريمة إبادة تُنفذ بدم بارد.

في ظل هذا التواطؤ والصمت، تبقى غزة شاهداً حياً على فشل البشرية في حماية الضعفاء من وحشية القوة الغاشمة، وعلى سقوط أخلاقي مدوٍ للدول التي تتشدق بالقيم الإنسانية وهي تموّل القتلة أو تبرر لهم. إن دماء الأطفال الذين قُتلوا عند طوابير الخبز ليست مجرد أرقام في تقارير المنظمات، بل صرخة في وجه الإنسانية كلها: إلى متى؟

التعليقات (0)