سرقة ممنهجة وبيع بأسعار باهظة للجائعين

كيف تُسرق المساعدات الإنسانية في غزة قبل أن تُباع للجائعين بأسعار مضاعفة؟

profile
  • clock 26 يونيو 2025, 11:36:56 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

متابعة 180 تحقيقات_ محمد خميس

ميليشيات مدعومة إسرائيليًا تستولي على المساعدات في وضح النهار

في مشهدٍ يعكس واقعًا مأساويًا وصادمًا، وقعت الأربعاء الماضي عملية جديدة لسرقة شاحنات مساعدات إنسانية موجهة للعائلات النازحة في قطاع غزة، تحديدًا في منطقة "التحلية" شرق محافظة خان يونس، وعلى مرمى حجر من تمركزات الجيش الإسرائيلي.

عشرات المسلحين من ميليشيات محلية مدعومة من الاحتلال اعترضوا الشاحنات، وسط عجز كامل من المنظمات الإنسانية الدولية التي فشلت في تأمين طرق الإغاثة وتوزيع المساعدات للفئات الأكثر احتياجًا.

كيف صنعت إسرائيل هذا الواقع الأمني الجديد؟

منذ تجدد العدوان الإسرائيلي في 18 مارس/آذار 2024، بدأ جيش الاحتلال في تفكيك البنية الأمنية الداخلية لقطاع غزة، وتحديدًا أجهزة الشرطة التي كانت تتولى مهام ضبط الأمن وحماية المساعدات. وفي المقابل، عمد الاحتلال إلى زرع ميليشيات محلية مسلّحة تعمل لصالحه بشكل غير مباشر.

في رفح، جنوب القطاع، تم إنشاء ميليشيات تابعة لأشخاص مثل ياسر أبو شباب وشادي الصوفي، بينما في خان يونس، استثمر الاحتلال في الطابع العشائري للمدينة، ومنح بعض العائلات نفوذًا أمنيًا مناطقيًا مقابل التزامهم بتنفيذ أجنداته.

سرقة ممنهجة وبيع بأسعار باهظة للجائعين

أحد أبرز مظاهر هذا المخطط هو نهب المساعدات الإنسانية على يد هذه الميليشيات، ثم إعادة بيعها للمدنيين بأسعار مضاعفة، لتُصبح المساعدات — بدلًا من أن تكون طوق نجاة — مصدر دخل خاص لهذه الجماعات.

يتم كل ذلك بعلم ورضى الجيش الإسرائيلي، الذي يوفر لهؤلاء حصانة كاملة من أي استهداف أو ملاحقة، ويستخدمهم في المقابل كأدوات لبث الفوضى، وزعزعة الجبهة الداخلية الفلسطينية، وتقويض ثقة الأهالي بأي منظومة تنظيمية أو إغاثية.

أدوار أمنية لصالح الاحتلال

الأخطر من ذلك، بحسب مصادر محلية، أن هذه الجماعات لا تكتفي بسرقة المساعدات، بل تقوم كذلك بالتجسس على تحركات المقاومة الفلسطينية وتحديد مواقع الناشطين، ما يساعد الاحتلال على تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة بحق كوادر المقاومة، إضافة إلى الإبلاغ عن أفراد الشرطة المحلية لتسهيل استهدافهم.

إبادة جماعية في الخلفية

يأتي هذا المخطط الإسرائيلي ضمن سياق الإبادة الجماعية المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي خلفت نحو 188 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ودمار غير مسبوق طال البنية التحتية والمرافق الطبية والتعليمية.

وقد تجاهلت إسرائيل، بدعم أمريكي مطلق، نداءات المجتمع الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية التي طالبت بوقف العدوان، وأصرّت على مواصلة سياسات القتل والتجويع والتشريد الجماعي.

المجتمع الدولي مطالب بتحرك عاجل

في ظل هذه الأوضاع الكارثية، يزداد الضغط على الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية للقيام بدور حقيقي في مراقبة عمليات توزيع المساعدات، وكشف هذه الميليشيات العميلة التي تعمل على إطالة أمد المعاناة مقابل النفوذ والمال.

وحتى يحدث ذلك، تبقى المساعدات الإنسانية في غزة فريسة للسلاح والفوضى والجوع، وتستمر معاناة المدنيين في البحث عن رغيف الخبز في أسواق تنهشها المافيات، وتغيب عنها الإنسانية.

التعليقات (0)