غزة الرياضي.. عميد الأندية الفلسطينية يفقد أحد أعمدته

استشهاد لؤي استيتية مدير نادي غزة الرياضي.. خسارة جديدة للرياضة الفلسطينية في ظل الإبادة الإسرائيلية

profile
  • clock 1 سبتمبر 2025, 7:08:15 م
  • eye 429
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
لؤي استيتية

محمد خميس

في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الإسرائيلي الحافل بالانتهاكات، أعلن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ونادي غزة الرياضي عن استشهاد المدير العام للنادي لؤي استيتية (46 عامًا)، وذلك بعد أن استهدفت الطائرات الإسرائيلية مدنيين أثناء انتظارهم للمساعدات قرب محور زكيم شمال غرب قطاع غزة، أمس الأحد.

رحيل استيتية، الذي يعد أحد أبرز الشخصيات الرياضية الفلسطينية، ليس مجرد فقدان لشخص، بل هو امتداد لمسلسل طويل من استهداف الاحتلال للرياضة الفلسطينية بكل رموزها ومنشآتها، ضمن حرب إبادة لا تستثني أحدًا.

لؤي استيتية.. مسيرة رياضية حافلة

كان الشهيد لؤي استيتية لاعبًا سابقًا في فريق كرة اليد الأول لنادي غزة الرياضي، وبرز كحارس مرمى مميز قبل أن يتجه إلى العمل الإداري. وفي عام 2015 تولى منصب المدير الإداري للنادي، ليواصل مشواره في خدمة “عميد الأندية الفلسطينية”.

وخلال فترة عمله، أسهم استيتية في تطوير البنية الإدارية للنادي، ودعم اللاعبين في مختلف الفئات الرياضية، مؤكداً أن الرياضة الفلسطينية رغم الصعاب قادرة على الاستمرار. وقد عُرف بين زملائه بحسن الخلق والتفاني في العمل، ما جعل نبأ استشهاده صدمة كبيرة داخل الوسط الرياضي.

غزة الرياضي.. عميد الأندية الفلسطينية يفقد أحد أعمدته

يُعتبر نادي غزة الرياضي، الذي تأسس عام 1934، الأقدم في فلسطين وأكثرها عراقة، وهو مدرسة خرّجت مئات اللاعبين والمدربين. وقد نعاه النادي ببيان رسمي مؤثر، أكد فيه أن "الاحتلال الإسرائيلي يحاول كسر عزيمة الشعب الفلسطيني عبر استهداف رموزه الرياضية والثقافية".

رحيل استيتية بالنسبة للنادي لا يعني فقدان إداري بارز فحسب، بل خسارة إنسان عاش للنادي وللرياضة، وترك إرثًا من العطاء سيبقى في ذاكرة الأجيال.

الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم: الرياضة تعيش كارثة

من جانبه، أكد الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أن استشهاد لؤي استيتية يندرج ضمن مسلسل طويل من الجرائم التي تستهدف القطاع الرياضي. وقال رئيس الاتحاد جبريل الرجوب في تصريحاته:

إن الرياضة الفلسطينية تعيش "كارثة غير مسبوقة" بفعل العدوان الإسرائيلي.

حتى الآن استشهد 774 رياضيًا منذ بداية الحرب، بينهم:

355 لاعب كرة قدم.

277 من كوادر الاتحادات الرياضية.

142 من الكشافة.

15 إعلاميًا رياضيًا.

كما يوجد ما يزيد عن 119 رياضيًا مفقودًا لم يُعرف مصيرهم بعد.

وأشار الرجوب إلى أن الاحتلال دمّر بشكل كامل أو جزئي نحو 288 منشأة رياضية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينها ملاعب وصالات رياضية وأندية، ما يشكل ضربة قوية للبنية التحتية للرياضة الفلسطينية.

الرياضة الفلسطينية تحت نيران الاحتلال

لم يعد الاستهداف الإسرائيلي يقتصر على المدنيين العزل في منازلهم أو في أماكن تجمع المساعدات، بل امتد ليشمل الرياضيين الذين يُفترض أنهم رسل سلام، ومنشآت الرياضة التي يفترض أنها ساحات تنافس شريف بعيدًا عن السياسة والحروب.

ويشير مراقبون إلى أن استهداف الرياضيين والمنشآت الرياضية يهدف إلى ضرب الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، وحرمانه من أحد أبرز أدوات الصمود والمقاومة السلمية، ألا وهي الرياضة.

جرائم حرب موثقة

بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد أسفرت الحرب الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى اليوم عن أكثر من 223 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن 11 ألف مفقود تحت الركام أو في المناطق المنكوبة.

كما أدى العدوان إلى نزوح مئات الآلاف، وانتشار المجاعة والأوبئة، إضافة إلى التدمير الممنهج للأحياء السكنية والبنية التحتية، بما في ذلك المنشآت الرياضية والثقافية.

وتشير المنظمات الحقوقية إلى أن استهداف الرياضيين هو جريمة تندرج ضمن جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.

استشهاد استيتية.. رسالة للضمير العالمي

رحيل لؤي استيتية ليس حدثًا عابرًا، بل هو ناقوس خطر يذكّر العالم بأن الرياضة الفلسطينية تُباد كما يُباد شعبها. وفي الوقت الذي تتحدث فيه المنظمات الرياضية الدولية عن "القيم الأولمبية" و"الروح الرياضية"، تُداس هذه القيم يوميًا تحت أقدام الاحتلال.

إن استشهاد استيتية وزملائه الرياضيين يشكّل تحديًا كبيرًا أمام المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية، التي مطالبة بالتحرك العاجل لمحاسبة إسرائيل ووقف انتهاكاتها المتكررة ضد الرياضة الفلسطينية.

نادي غزة الرياضي.. صمود رغم الألم

على الرغم من الخسائر الفادحة، يؤكد نادي غزة الرياضي أنه سيواصل مسيرته، ولن ينكسر أمام جرائم الاحتلال. فقد تحول النادي عبر تاريخه الطويل إلى رمز من رموز الهوية الفلسطينية، ومكان لصناعة الأمل وتخريج الأبطال في مختلف المجالات.

وسيظل اسم لؤي استيتية محفورًا في ذاكرة النادي والجماهير، كنموذج للرياضي والإداري الذي أفنى حياته في خدمة الرياضة، ورحل شهيدًا من أجل وطنه.

استشهاد لؤي استيتية يعكس حجم المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني والقطاع الرياضي في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر. إنها ليست خسارة شخصية أو رياضية فقط، بل جزء من إبادة جماعية تستهدف كل ما هو فلسطيني.

وإذا كان الاحتلال يظن أن قتل الرياضيين وتدمير الأندية سيُضعف عزيمة الفلسطينيين، فإن التاريخ يؤكد أن الرياضة الفلسطينية ستنهض من جديد، وأن دماء الشهداء ستبقى منارة للأجيال القادمة، تذكّرهم بأن الحرية ثمنها غالٍ، لكن لا بد أن يأتي يوم النصر.

التعليقات (0)