-
℃ 11 تركيا
-
23 أغسطس 2025
مأساة أبو تلات.. رحلة طلاب تتحول إلى فاجعة في الإسكندرية
غرق 6 طلاب وإصابة نحو 24 آخرين
مأساة أبو تلات.. رحلة طلاب تتحول إلى فاجعة في الإسكندرية
-
23 أغسطس 2025, 1:33:34 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
لم يكن صباح السبت عاديًا لطلاب إحدى الأكاديميات المتخصصة في الضيافة الجوية. خرجوا في رحلة صيفية إلى شاطئ “أبو تلات” غرب الإسكندرية، يحملون الضحكات وأحلام الشباب. لكن دقائق معدودة كانت كفيلة بتحويل هذا اليوم إلى مأساة سوداء، حين باغتتهم الأمواج العاتية، لتبتلع ستة أرواح يافعة، وتترك 24 آخرين يصارعون بين الحياة والموت.
المشهد على الشاطئ كان دراميًا بكل تفاصيله؛ صرخات أصدقاء يستنجدون، وأهالٍ تجمعوا على عجل، وفرق إنقاذ تقتحم المياه الهائجة في محاولة لانتشال الغرقى. لحظات ثقيلة امتزج فيها الخوف بالعجز، بينما الزمن بدا متوقفًا أمام فداحة ما يحدث.
استنفار صحي عاجل
مع ورود البلاغ، تحركت هيئة الإسعاف المصرية وقطاع الطوارئ بسرعة لافتة. 16 سيارة إسعاف مجهزة بكامل طواقمها اندفعت نحو موقع الكارثة. في دقائق، كان المسعفون يجرون الإسعافات الأولية لثلاثة مصابين على الرمال، بينما نُقل 13 إلى مستشفى العجمي التخصصي، و8 آخرون إلى مستشفى العامرية العام.
داخل غرف الطوارئ، يعمل الأطباء على مدار الساعة وفق بروتوكولات متخصصة لعلاج حالات الغرق الناتجة عن الاختناق بالماء. المؤشرات الحيوية لكل مصاب تحت المراقبة، وفرق الرعاية المركزة في حالة تأهب دائم. أصوات أجهزة التنفس الاصطناعي، وخطوات الطواقم الطبية المتسارعة، ترسم صورة أخرى لمعركة حياة لا تقل ضراوة عن صراع الطلاب مع الأمواج.
دموع وعزاء
لم تتأخر وزارة الصحة في إعلان الحصيلة المؤلمة: 6 طلاب فارقوا الحياة، فيما ما يزال الآخرون يتلقون العلاج. البيان الرسمي حمل كلمات تعاطف وحزن عميق، لكنه لم يستطع أن يخفف من وقع الفاجعة على أسر الضحايا الذين كانوا ينتظرون أبناءهم بضحكات العودة، لا بنعوش مغطاة بالأعلام.
وزير الصحة خالد عبدالغفار أكد التزام الدولة بتقديم كل أشكال الدعم الطبي واللوجستي، متابعًا شخصيًا الحالة الصحية للمصابين. لكن خلف الكاميرات والبيانات، هناك أمهات مكلومات، وآباء مذهولون، وأصدقاء غارقون في صدمة لن تمحوها الأيام بسهولة.
تحذيرات مهدورة
محافظة الإسكندرية أشارت بوضوح إلى أن الحادث وقع رغم رفع الراية الحمراء، التي تحظر نزول البحر بسبب ارتفاع الأمواج. السلطات عمّمت القرار على الشواطئ الغربية كلها، لكن اندفاع الشباب ورغبتهم في الاستمتاع بالرحلة غلبا صوت التحذيرات. هنا يطل سؤال مؤلم: من المسؤول حين تتحول نزهة إلى كارثة جماعية؟
المحافظ تابع بدقة جهود الإنقاذ والإسعاف، مقدّمًا التعازي لأسر الضحايا. ومع ذلك، أكدت الحادثة أن إرشادات السلامة كثيرًا ما تظل مجرد لافتات صامتة، لا تجد من يلتزم بها حتى تأتي اللحظة التي يتحول فيها البحر إلى قاتل صامت يبتلع ضحاياه بلا رحمة.
فاجعة تطرق الضمير
حادث أبو تلات ليس الأول من نوعه في الإسكندرية، لكنه هذه المرة كان أكثر قسوة لأنه استهدف شبابًا في مقتبل العمر، جاؤوا ليتنفسوا نسيم البحر، فاختنقوا بين أمواجه. المأساة تطرح تساؤلات عن آليات الرقابة، وعن ضرورة تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر تجاهل إشارات التحذير.
لكن خلف كل ذلك، يبقى المشهد الإنساني هو الأشد إيلامًا: ستة أسر مفجوعة، وعشرات الأصدقاء مكلومين، وجامعة فقدت طلابًا كانوا على وشك أن يبدأوا مسيرتهم المهنية. إنها مأساة تطرق ضمير مدينة كاملة، وتدعو الجميع للتأمل في هشاشة الحياة حين يواجه الإنسان قوة الطبيعة.










