الشركات الأوروبية في دائرة الاتهام

80 منظمة دولية تطالب بوقف التعامل التجاري مع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية

profile
  • clock 15 سبتمبر 2025, 11:17:57 ص
  • eye 412
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في خطوة غير مسبوقة على مستوى التنسيق الدولي، طالبت أكثر من 80 منظمة دولية غير حكومية، من بينها "أوكسفام" و"رابطة حقوق الإنسان"، الدول والحكومات والشركات، ولا سيما الأوروبية منها، بإنهاء جميع أشكال التعاملات التجارية والاستثمارية مع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة.

وجاءت هذه الدعوة ضمن تقرير مشترك صدر اليوم الإثنين بعنوان: "التجارة مع المستوطنات غير الشرعية: كيف تُمكّن دول وشركات أجنبية إسرائيل من تنفيذ سياستها الاستيطانية غير الشرعية". التقرير سلط الضوء على الدور المباشر للشركات الأجنبية في دعم المشروع الاستيطاني الإسرائيلي الذي يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.

الشركات الأوروبية في دائرة الاتهام

أوضح التقرير أن عدداً من الشركات الأوروبية والأجنبية تمارس أنشطة تجارية داخل المستوطنات أو تتعامل مع منتجاتها بشكل مباشر، ما يساهم في تعزيز اقتصاد المستوطنات الإسرائيلية على حساب الفلسطينيين وأراضيهم.

وأشار إلى أن هذه الأنشطة لا تعود بالنفع فقط على شركات الاحتلال، بل تساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر تعزيز التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم وتحويل الموارد الطبيعية لصالح المستوطنين.

مطالب بفرض حظر شامل

دعت المنظمات الموقعة على التقرير الدول الأوروبية، وخاصة أعضاء الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، إلى فرض حظر صريح على أي نشاط تجاري أو استثماري يتعلق بالمستوطنات.

وشمل ذلك:

وقف بيع المنتجات القادمة من المستوطنات في الأسواق الأوروبية.

منع تقديم الخدمات المالية أو اللوجستية التي تدعم بناء المستوطنات.

حظر منح القروض للشركات التي تستثمر داخل الضفة الغربية المحتلة.

محاسبة الشركات التي تنخرط في مشاريع مرتبطة بالاستيطان الإسرائيلي.

وأكد التقرير أن استمرار التعامل التجاري مع المستوطنات يعد مشاركة غير مباشرة في جريمة حرب، ويعزز من سياسة الاستعمار الاستيطاني التي تتبعها إسرائيل منذ عقود.

تقرير أممي سابق يدعم المطالب

تتطابق هذه المطالب مع ما ورد في تقرير أممي سابق قدمته في يوليو/تموز الماضي فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

تقرير ألبانيزي حمل عنوان: "من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية"، وأكد أن الشركات الأجنبية التي تنخرط في مشاريع داخل المستوطنات الإسرائيلية تساهم في دعم سياسات التهجير القسري للفلسطينيين وإحلال المستوطنين مكانهم، وهو ما يمثل شكلاً من أشكال التطهير العرقي.

وأوضحت أن التمويل يجري عبر المصارف وشركات التأمين، بينما تلعب منصات السياحة وسلاسل المتاجر الكبرى وحتى بعض المؤسسات الأكاديمية دوراً في التطبيع مع المستوطنات غير الشرعية.

المستهلكون في موقع المسؤولية

لفت التقرير إلى أن المستهلكين حول العالم يمتلكون قوة ضغط فعّالة على الشركات التي تدعم أنشطة الاستيطان، من خلال مقاطعة منتجاتها والامتناع عن شراء السلع القادمة من المستوطنات.

ودعت المنظمات الدولية المواطنين إلى ممارسة الضغط الاقتصادي الشعبي، باعتباره وسيلة مشروعة لمحاسبة الشركات التي تتربح من الاحتلال وتسهم في إدامة معاناة الفلسطينيين.

المستوطنات جريمة حرب

من منظور القانون الدولي، تعتبر الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية أراضٍ محتلة، وتعد جميع أنشطة الاستيطان فيها غير شرعية. وتنص اتفاقية جنيف الرابعة على منع دولة الاحتلال من نقل سكانها إلى الأراضي التي تحتلها، وهو ما تفعله إسرائيل بشكل منهجي منذ عام 1967.

وتحذر الأمم المتحدة مراراً من أن توسيع المستوطنات في الضفة الغربية يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما ترى المنظمة الدولية أن استمرار الاستيطان يقضي على أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، ويجعل حل الدولتين شبه مستحيل.

البعد الاقتصادي للاستيطان

يرى خبراء أن المستوطنات الإسرائيلية لا تمثل مجرد تجمعات سكانية غير قانونية، بل مشروعاً اقتصادياً ضخماً يعتمد على استغلال الأراضي الزراعية الفلسطينية ونهب المياه والموارد الطبيعية.

وبحسب تقارير دولية، تصل صادرات المستوطنات سنوياً إلى ملايين الدولارات، وتشمل منتجات زراعية وصناعية يتم تسويقها في أوروبا تحت علامة "صنع في إسرائيل"، في حين أن مصدرها الحقيقي هو أراضٍ فلسطينية محتلة.

هذا الواقع يعكس أن استمرار التجارة مع المستوطنات يعني عملياً تمويل الاحتلال وإدامة سياسة الفصل العنصري.

دعوات لموقف أوروبي أكثر حزماً

رغم صدور قرارات أوروبية سابقة تنص على وضع علامات مميزة على منتجات المستوطنات، إلا أن منظمات حقوقية تعتبر هذه الخطوة غير كافية. وتطالب بقرارات أكثر صرامة تصل إلى الحظر الكامل على هذه المنتجات وإيقاف أي تعامل تجاري معها.

ويرى مراقبون أن الاتحاد الأوروبي يمتلك الأدوات القانونية والاقتصادية لفرض هذه السياسات، لكنه يتردد تحت ضغوط سياسية من إسرائيل وحلفائها.

التعليقات (0)