-
℃ 11 تركيا
-
4 أغسطس 2025
“الدُقّة” في غزة: من نكهة وطن إلى رمز الاستغاثة
فطور الشعوب أم صرخة الجوع؟
“الدُقّة” في غزة: من نكهة وطن إلى رمز الاستغاثة
-
5 يوليو 2025, 11:26:35 ص
-
425
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
في غزة، تحولت “الدُقّة” من نكهة فطور شعبي إلى نداء استغاثة مكتوم، حيث يقايض الناس حياتهم من أجل لقمة عيش. بالأمس كانت خلطة بسيطة على أطراف المائدة، أما اليوم فأصبحت قلب الوجبة، بلون الرماد ورائحة الجوع. ومع استمرار الحصار وأزمة الغذاء، صار “الدُقّة” خبز الحرب ومرآة الفقر المدقع الذي يخنق أكثر من مليون فلسطيني مهجر قسريًا، يقتاتون على أشلاء كرامتهم.
من تراث يافا إلى أركان غزة
بالعودة إلى الماضي، لم تكن “الدُقّة” مجرد وجبة، بل حكاية لاجئين. فمنذ نكبة 1948، انتقلت الخلطة من مطابخ يافا وحيفا والمجدل إلى مخيمات غزة، حيث تنام في أكياس قماشية، تبكي على رفوف الزمن. ونَبّه الفلاح علوش، ابن المهجرين من يافا، إلى قصة والده الذي افتتح أوّل مطحنة “دُقّة” على شاطئ غزة في عام 1949، قائلاً: “كانت أول رائحة وطن نُعيدها لأنفسنا”. وحتى اليوم لا تزال مطحنة حي الشيخ رضوان تعمل، لكنها باتت تنتج ظلًا لما كانت عليه.
غلاء يقتل النكهة
مع تصاعد الحرب والحصار، لا تقاوم غزة فحسب، بل تقتل نكهتها. إذ تُطحن اليوم العدس بدلًا من القمح، وتُهرس المعكرونة بدلًا من الحبوب، لتصبح “الدُقّة” وجبة بائسة، محرومة من طعم الأصالة، مشحونة بالجوع. كما يوضح السعر المتصاعد: فقد ارتفع سعر الكيلو من 12 شيقلًا فقط إلى أكثر من 140 شيقلًا، ليس بسبب ندرة المكونات فحسب، بل لأن الجوع لا يعرف سقفًا.
نهاية مفتوحة: نداء للمجهول
ولم تعد “الدُقّة” مجرد وجبة تقليدية تحمل ماضينا، بل أصبحت اليوم رمزاً للأزمة الإنسانية في غزة. فمن خلالها نرى أحلامًا وضعت على الطحين والعدس، ونرى كرامة تُخنق على رفوف الذل. وبالتالي، ضرورة أن تعبر كلماتنا عن نبض هذه المعاناة وأن تتحوّل إلى صوت يدعو العالم للمساعدة، قبل أن يصمت الطعام وتتوقف ألسنة الجوع عن البوح.









