السيناريوهات المحتملة

والد رهينة بغزة يطالب باتفاق للإفراج عن الرهائن حتى لو كان جزئياً

profile
  • clock 23 أغسطس 2025, 2:57:06 م
  • eye 415
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في تطور جديد يعكس حجم القلق داخل المجتمع الإسرائيلي، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت تصريحات والد أحد الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، دعا فيها الحكومة الإسرائيلية إلى بذل كل جهد ممكن من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن الإفراج عن جميع الرهائن، حتى لو كان ذلك عبر صفقة جزئية لا تشملهم جميعًا في المرحلة الأولى.

هذه التصريحات تأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط الشعبية والسياسية على حكومة بنيامين نتنياهو، وسط تعثر المفاوضات مع حركة حماس، واستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.

الأزمة الإنسانية للرهائن وأسرهم

منذ بداية الحرب، يعيش أهالي الرهائن الإسرائيليين حالة من القلق الدائم وعدم اليقين. فالمعلومات المتوفرة شحيحة، والوساطات الدولية لم تصل بعد إلى اختراق حقيقي.
وقد نظمت عائلات الرهائن عشرات الوقفات الاحتجاجية في تل أبيب والقدس، مطالبة الحكومة بإعطاء الأولوية القصوى لملف أبنائهم، وعدم ربط مصيرهم بالحسابات السياسية أو العسكرية.

ويؤكد ذوو الرهائن أن استمرار الحرب يزيد من تعقيد المفاوضات، ويقلل فرص التوصل إلى تسوية عاجلة. وفي هذا السياق، جاءت تصريحات والد أحد الرهائن لتفتح الباب أمام خيار "التجزئة"، أي القبول بصفقة جزئية تسمح بالإفراج عن دفعة أولى، على أن تتبعها جولات لاحقة.

صفقة جزئية.. حل مؤقت أم مخرج حقيقي؟

الحديث عن صفقة جزئية ليس جديدًا. فقد جرى طرحه في وساطات سابقة، خصوصًا من قبل مصر وقطر والولايات المتحدة.
هذا الخيار قد يخفف من معاناة بعض العائلات، لكنه يثير في الوقت نفسه مخاوف من أن تترك الحكومة باقي الرهائن لفترة أطول، أو أن تستخدم القضية كورقة ضغط سياسي.

ويرى محللون أن أي صفقة، سواء جزئية أو شاملة، ستتطلب تنازلات متبادلة، أبرزها وقف مؤقت لإطلاق النار أو الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن السؤال المطروح: هل تستطيع حكومة نتنياهو، في ظل الائتلاف اليميني المتشدد، تحمل كلفة مثل هذه التنازلات؟

الضغوط الداخلية في إسرائيل

تتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط متصاعدة من المعارضة ومن عائلات الرهائن على حد سواء.
فقد حمّلت شخصيات إسرائيلية بارزة نتنياهو مسؤولية فشل التوصل إلى اتفاق حتى الآن، معتبرة أن إطالة أمد الحرب يفاقم من خطر فقدان المزيد من الرهائن.

كما تشهد الساحة السياسية انقسامًا واضحًا:

اليمين المتشدد يرفض أي صفقة قد تتضمن وقف العمليات أو الإفراج عن أسرى فلسطينيين.

المعارضة ومعظم عائلات الرهائن يطالبون بالمرونة وتقديم التنازلات اللازمة لإنقاذ الأرواح.

هذا الانقسام يعمّق أزمة الثقة بين الحكومة والجمهور الإسرائيلي، خاصة أن صور الاحتجاجات اليومية لعائلات الرهائن باتت تتصدر المشهد الإعلامي.

البعد الإقليمي والدولي

ملف الرهائن لا ينفصل عن المشهد الإقليمي والدولي.
فالولايات المتحدة تضغط باستمرار على إسرائيل وحماس للقبول بصفقة تبادل شاملة، معتبرة أن استمرار الحرب يهدد الاستقرار في المنطقة.
كما تبذل مصر وقطر جهودًا مكثفة للوساطة، لكن العقبات لا تزال كبيرة بسبب الخلافات حول شروط التهدئة وضمانات التنفيذ.

من جانبها، حماس ترى في ورقة الرهائن أداة ضغط استراتيجية، وتصر على أن أي اتفاق يجب أن يشمل وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، إضافة إلى إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين.

السيناريوهات المحتملة

أمام انسداد الأفق السياسي والعسكري، تبرز عدة سيناريوهات:

صفقة جزئية محدودة: يتم الإفراج عن عدد من الرهائن مقابل وقف مؤقت للقتال أو إطلاق دفعة من الأسرى الفلسطينيين.

صفقة شاملة: تتضمن الإفراج عن جميع الرهائن، ووقف طويل الأمد لإطلاق النار، وترتيبات إنسانية وأمنية في غزة.

استمرار الوضع الحالي: أي غياب اتفاق، مع استمرار الحرب ومعاناة الرهائن وعائلاتهم.

ويرى مراقبون أن السيناريو الأول – الصفقة الجزئية – يبدو الأكثر واقعية على المدى القريب، خاصة في ظل تصريحات عائلات الرهائن، مثل تصريح والد أحدهم لصحيفة يديعوت أحرونوت.

هل يغيّر ضغط العائلات المعادلة؟

التجربة التاريخية تشير إلى أن الضغط الشعبي لعائلات الرهائن في إسرائيل قد أجبر الحكومات في الماضي على القبول بتسويات صعبة، كما حدث في صفقات تبادل الأسرى مع حزب الله وحماس.
اليوم، تتجدد هذه الضغوط مع مظاهرات يومية وبيانات متواصلة، الأمر الذي قد يجعل الحكومة أمام معضلة حقيقية: إما المضي في الحرب، أو تقديم تنازلات مؤلمة.

تصريحات والد رهينة غزة، التي نقلتها يديعوت أحرونوت، تعكس حجم اليأس والقلق المتنامي داخل المجتمع الإسرائيلي. وبينما لا تزال المفاوضات تراوح مكانها، تظل صفقة جزئية خيارًا مطروحًا بقوة، حتى لو كان حلاً مؤقتًا لا يلبي طموحات جميع العائلات.

لكن الواضح أن قضية الرهائن باتت ورقة ضغط إنسانية وسياسية بالغة التعقيد، قد تحدد مسار الحرب على غزة ومصير حكومة نتنياهو نفسها.

التعليقات (0)