د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: G 20.. سباق رقمي لمن؟

profile
د. إبراهيم جلال فضلون أستاذ العلاقات الدولية
  • clock 19 يوليو 2025, 4:50:44 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الأكيد من التحليلات أن هناك تصورا خاطئا بأن الخوارزميات محايدة، إذ تتظاهر الأنظمة بأنها محايدة، لكن هناك مبرمجين وراءها، ففي سيناريو مرعب، قد يدفع أجيالنا للهلاك الفكري والاجتماعي لاسيما العقلية أجمع بظهور التزييف العميق كنوع من «الكسل العقلي» أو التراخي الذهني أي ما يُسمى "الذكاء الاصطناعي الضيق"، إذ يميل البعض إلى ترك المهمة الفكرية للآلة بالكامل، بفضل تقنية تسمى بالتعلم العميقDeep Learning، وهو ما يُعيد رسم ملامح البشرية العربية وثقافاتها التي تداخلت عليها (النحل والتزييف)، من خلال التأثير على المهارات اللغوية والإبداعية، ما يجعل هناك فجوة المهارات أكبر عقبة أمام تحوّل الشركات، حيث يعتبر 63% من أصحاب العمل أنها تمثّل التحدي الأبرز بين عامي 2025 و2030. وهو ما دفع حتى صانعيها في صناعة القرار لمجال الأمن القومي لاتخاذ إجراءات فعلية بناء على معلومات خاطئة، مما قد يؤدي إلى أزمة كبيرة، أو أسوأ من ذلك في حرب سواء مباشرة أو من خلاء وكلاء بل ومباشرة أيضاً، ونحن من يختار التعامل حتى ظهر لدينا مشاهير حمقى كانت أخرتهم إما الموت قتلاً أو انتحاراً أو اغتيالاً وغير ذلك كثير من الحالات فما بالنا بأجيال من أطفالنا، بينما يُخطط في المقابل 85% من أصحاب العمل للاستثمار في رفع كفاءة موظفيهم وتطوير مهاراتهم، بينما ينوي 70% منهم توظيف أشخاص يمتلكون مهارات جديدة تتناسب مع متطلبات المستقبل.

في افتتاحية صفحة الأمم المتحدة قرأت المعنون بمنظور عالمي قصص إنسانية، دعت فيها الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا" رولا دشتي القادة العرب إلى "التحرك بحزم للاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي (AI) لأقصى حدّ ممكن، مع العمل في الوقت نفسه على الحدّ من المخاطر المعقدة التي تطرحها هذه التكنولوجيا." بل وناقشت لجنة مدعومة من المجلس الوطنية لحقوق الإنسان (CNDH) أخطار تقدم الذكاء الاصطناعي دون قواعد في إطار الأنشطة ذاتية الإدارة لمجموعات التواصل لمجموعة العشرين، مؤكدين التحديات الأخلاقية والبيئية والاجتماعية للأداة التي لها فوائد في كل نشاط بشري تقريبا، لكن المناقشة تواجه ضغطا قويا لتجاهل العنصرية الخوارزمية والاستبعاد الرقمي وتركز القوة التكنولوجية، وهو ما جعلهم يُناقشون مقترحات لإنشاء قوانين متسقة لهذ القطاع في معظم دول G 20، تأخذ في الحسبان المساواة في الوصول إلى فوائد التكنولوجيا، التي وسعت نطاق التفاوتات وانتهاك الحقوق الأساسية التي دافع عنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان كضمان الاتصال بالانترنت، وحرية التعبير على المنصات الرقمية، حيثُ يمكن للخوارزميات أن تعمل على تضخيم الكراهية والتعصب، وقد حذرت رئيسة الاتحاد الدولي للاتصالات بوغدان-مارتن من تزايد المخاطر في نشر الذكاء الاصطناعي دون فهم عام كافٍ أو إشراف سياسي قائلة: "أكبر خطر نواجهه ليس أن يقضي الذكاء الاصطناعي على الجنس البشري. إنه سباق دمج الذكاء الاصطناعي في كل مكان، دون فهم كافٍ لما يعنيه ذلك للناس ولكوكبنا"، وقد جاء في تقرير جديد أصدرته الإسكوا بعنوان "أي مستقبل للمنطقة العربية في زمن الذكاء الاصطناعي"، والذي يستعرض الدور التحويلي لهذه التكنولوجيا وإمكاناتها في إعادة رسم ملامح التنمية والحوكمة والنمو الاقتصادي، كما يحلّل آثاره الواسعة على المنطقة حتى عام 2040.. فهل يميل قادة الأمن القومي إلى تفويض قرارات القيادة والتحكم للذكاء الاصطناعي ويلغون الإشراف البشري على نماذج التعلم الآلي التي لا نفهمها تماما والتي قد تؤدي إلى تصعيد غير مقصود وربما يؤدي إلى حرب نووية لا فقط انهيار بشري اجتماعي مؤثراً على الصحة العقلية حتى علماء ومتخصصي الصحة النفسية أنفسهم، ممن يُشاركون عبر العلاج بالذكاء الاصطناعي بتعطيل البنية التحتية الحيوية للعقول العربية، أو سرقة ثقافاتهم عبر البيانات الحساسة لهم، ونشر معلومات مضللة عبر استخداماته الخاطئة بهدف إحداث بلبلة واضطراب شعبي، لدرجة تضمر معها مهاراتنا العقلية. أي قد لا يستبدلنا الذكاء الاصطناعي مباشرة، لكنه قد يجعلنا نعطّل أدمغتنا عن العمل إذا اتكلنا عليه كثيراً.. وقد علّق عالم النفس روبرت ستيرنبرغ محذراً: "إذا لم تستخدم قدرتك على الإبداع فستبدأ هذه القدرة في التلاشي".

وختاماً: من التحديات الخطيرة أنه قد يحرم أبنائنا من تطوير مهاراتهم الذهنية على المدى الطويل، وإلا ما منع البرلمان السويدي والسويسري الهواتف في أماكن التعليم، بل ووصل الأمر إلى أن الاعتماد على نظام الملاحة «جي بي إس» لفترات طويلة يُسهم في تراجع مهارات التذكّر المكاني بمرور الوقت، وهو ما يؤثر سلباً على الذاكرة أيضاً، ونحمد الله أن دولتنا الرشيدة بالمملكة العربية السعودية تجذب استثمارات بـ14.9 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي والتقنية مدفوعا بالمبادرات الحكومية، واستثمارات القطاع الخاص، والدفع نحو التحول الرقمي عبر مختلف القطاعات.. فهل هناك وسيلة لحماية عقولنا العربية وأبنائنا التي هُم عماد مستقبل أمتنا؟.

 

التعليقات (0)