نجمة داوود المزعــومة بين الافتراءات اليهــــودية والثقافات السحرية الوثنية

profile
  • clock 25 أبريل 2025, 7:51:57 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

إن ما خلصت إليه في حقيقة النجمة السداسية أن المقصود منها جعل إبليس إلها في الأرض، والله إله في السماء (تعالى الله عن هذا) وهذا هو معنى النص الهرمسي القديم: "كما هو بالأعلى كذلك هو بالأسفل" ولهذا يحاول الشيطان جاهدا مضاهاة خلق الله سبحانه، في حين أنه يسعى دائما لتغيير خلق الله "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"}.

وهنا التفصيل بإذن الله:

إذا سألنا كثيرا من الناس: ماذا تعرف عن النجمة السداسية؟ سيقولون: هي تلك النجمة التي على علم كيان اليهود. وإذا سألتهم لماذا اختاروها هي بالتحديد دون غيرها؟ سيجيب البعض: لأنها نجمة داوود. وإذا سألت هذا البعض: وما علاقة هذه النجمة بداوود النبي عليه السلام؟ فإنه سوف يتلعثم ولن يأتي بإجابة شافية كافية، إلا ادعاءات باطلة لا يوافقها شرع، ولا عقل، ولا تاريخ. وفي هذا المقال المختصر سوف نتطرق بإذن الله إلى تفصيل الجذور التاريخية لهذه النجمة "الشيطانية" وما الذي تعنيه، وسوف ننسف -بإذن الله- بالحجة والبرهان بطلان الإدعاء القائل بنسبة هذه النجمة لداوود عليه السلام، فنقول مستعينين بالله وحده:

في بحث نشرته مجلة جامعة القدس بعنوان: القيم الرمزية للنجمة السداسية، جاء فيه: 

اعتبرت النجمة السداسية من أهم وأقوى الرموز في علوم وفنون السحر والشعوذة. وقد استخدمت في ممارسات قديمة لتفسير ما هو مجهول أو ما وراء الطبيعة، ففي مصر الفرعونية كانت النجمة السداسية رمزا هيروغليفيا لأرض الأرواح، وفي الحضارة الكنعانية كانت النجمة السداسية ترمز للآلهة مولك ورمفان وزحل. كما أن تلك النجمة كانت رمزاً للخصب عند قدماء الكنعانيين، كما كانت رمزاً لإتحاد القوى المتضادة مثل الماء والنار، والذكر والأنثى، في الثقافة الهندوسية، كما هو الحال في علم الكيمياء، وكانت النجمة السداسية من الرموز الفلكية المهمة في علم الفلك والتنجيم عند الزرادشتيين.

يرتبط ذكر النجم في التوراة بالآلهة الكاذبة التي كرمها اليهود تقليداً للوثنيين في الحقبة الأخيرة من تاريخ بني إسرائيل، ولم يكن هناك أي إشارة إلى رمز من رموز بني إسرائيل أو اليهود يشير إلى شكل النجمة السداسية.

ومن خلال تتبع النص الذي أوردته التوراة والأسفار اليهودية المقدسة في وصف الهيكل الذي بناه النبي سليمان عليه السلام لم يكن هناك أي إشارة إلى أي زخرفة أو رمز على شكل نجمة سداسية، بالرغم من إسهاب تلك الأسفار في وصف العمارة التي شيدها النبي سليمان سواء في الهيكل أو غيره من القصور والمباني.

ولقد كان للمسيحية دور كبير في تبني اليهود للنجمة السداسية، حيث أخذ اليهود يبحثون عن رمز لليهودية يكون مقابلا لرمز المسيحية الصليب الذي كانوا يجدونه في كل مكان.

ذلك أن انتشار ذلك الرمز في القرن التاسع عشر كان دليلا على أن اليهودية الحاخامية الدينية بدأت تضعُف وتفقد تماسكها الداخلي. فأخذت تبحث عن رمز يمكنها من خلاله أن تعيد صياغة نفسها على أسس مسيحية. انتهى.¹

وهذه القطعة على وجازتها، إلا أنها اشتملت على العديد من النقاط المهمة التي ينبغي شرحها وبيانها، إلا أنني سأكتفي بتفصيل ثلاث منها فقط؛ وذلك لأنها جوهر هذا المقال:

المحور الأول: علاقة النجمة السداسية بطقوس السحر والشعوذة.

المحور الثاني: علاقة النجمة السداسية بالحضارة المصرية القديمة.

المحور الثالث: علاقة النجمة السداسية بالثقافة الهندوسية.

أما بالنسبة للمحور الأول؛ فلا أظن أن هذه العلاقة الوطيدة والواضحة بين النجمة السداسية والطقوس السحرية قد تخفى على أحد، فكل من أخذ نظرة خاطفة على الكتب السحرية، أو رأى حروزا وطلاسم شيطانية، فسوف يرى بكل وضوح هذه النجمة، وهذا يدل على الاستخدام الواضح لهذه النجمة في استدعاء الشياطين، والاستعانة بهم، والأمر ذاته أيضا مع علمي "الخيمياء" و "السيمياء"، فهما مرتبطان بالسحر الأسود والشعوذة، وطقوس استحضار الشياطين، لذا فقد كانت تستخدم النجمة السداسية فيهما أيضا؛ وذلك لاستحضار الشياطين، ولعلة أخرى ستأتي في آخر المقال إن شاء الله.

اللافت للنظر فيما يتعلق بالنجمة السداسية، أنه لم يتم ملؤها من الداخل! بل تظل خالية دائما، وهذا حتى تعطي الرمزية الحقيقية التي وضعت لأجلها، فملؤها من الداخل سيحيلها إلى شكل سداسي الرؤوس فحسب، بينما بقاؤها فارغة من الداخل يجعلها تظهر بوضوح على الشكل الذي أريد لها أن تظهر عليه، وهي أنها تتكون من مثلثين، رأس أحدهما إلى الأعلى، ورأس الآخر نحو الأسفل! فما هي الدلالة التي يشير إليها هذا الشكل يا ترى؟

وللجواب عن هذا التساؤل فلابد أن نرجع إلى الثقافة الهندوسية؛ لنتعرف على المدلول المناط بهذا الشكل، وسبب ارتباطه أيضا بالحضارة المصرية القديمة، والعقيدة الهرمسية.

قام الكهنة الهندوس في القرن التاسع قبل الميلاد بجمع الآلهة التي يعبدونها في إله واحد، فهو الذي أخرج العالم من ذاته، وهو الذي أسموه (براهمة) من حيث هو موجود، وسموه (فشنو) من حيث هو حافظ، وسموه (سِيفا) من حيث هو مُهلك (إله الدمار شيفا)، فهو ثلاثة وهو واحد في آنٍ واحد، وهذا مبدأ التثليث الذي قال به النصارى بعد ذلك، فمن يعبد أحد هذه الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعًا، كما أن الهندوس يعتقدون بأن آلهتهم حلّت كذلك في إنسان اسمه (كرشنال)، وقد يلتقي فيه الإله بالإنسان، أو حلَّ اللاهوت في الناسوت، وهم يتحدثون عن (كرشنال) كما يتحدث النصارى عن المسيح، ولهذا عقد بعض العلماء مقارنة بينهم وبين النصارى؛ تُظهر التشابه العجيب بين العقيدتين من ناحية التثليث.²

ﻭﻟﻴﺴﺖ اﻟﻬﻨﺪﻭﺳﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪﺓ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﺖ ﺑﺎﻟﺘﺜﻠﻴﺚ، ﺑﻞ ﺷﺎﺭﻛﺘﻬﺎ اﻟﺒﻮﺫﻳﺔ ﺃﻳﻀﺎ. ﻭﻛﺬا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻘﻴﺪﺓ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺃﻭﻻ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﺛﺎﻟﻮﺙ ﻣﻜﻮﻥ ﻣﻦ (ﺃﻭﺯﻳﺮﻳﺲ) ﺇﻟﻪ اﻹﻧﺒﺎﺕ ﻭاﻟﺨﺼﻮﺑﺔ، ﺃﻭ ﺇﻟﻪ اﻟﻨﻴﻞ، ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ (ﺇﻳﺰﻳﺲ) ﺇﻟﻬﺔ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭاﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻭاﻟﺴﺤﺮ، ﻭاﺑﻨﻪ (ﻫﻮﺭﻭﺱ) ﺇﻟﻪ اﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭاﻟﻌﻤﺎﺭﺓ، ﻭاﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﻪ ﻭاﺣﺪ.³

فانظر كيف أن هذه الديانات قد تأثرت بعضها ببعض من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد أريد لبعضها أن تتأثر بالبعض الآخر كما فعل "شاول اليهودي" الذي اخترق أتباع المسيح عليه السلام لأجل تحريف دينهم، وزرع الشركيات وعقيدة التثليث فيه، حتى أصبح يعرف "بالقديس بولس" وهو ليس إلا يهوديا مجندا من أتباع ما كان يسمى في ذلك الوقت "بالقوة الخفية" وهي ما نسميها اليوم "بالماس.ونية العالمية".

وكانت البعض أشبه ما تكون بالامتداد للديانات الوثنية القديمة، وليس هذا على مستوى عقيدة التثليث فحسب، فلعل الغريب جداً أن عقائد كل الفرق الوثنية في جميع أنحاء العالم على مر العصور فيها تطابق في بعض النواحي، فالهندوس يمثلون القوى الطبيعية بأصنام وتعبد هذه الأصنام، والصابئة كذلك، واليونان والفراعنة كذلك والسومريون، كلهم يسلكون نفس الطريق، والذين يعبدون الأصنام في وسط إفريقيا أو في الأمازون نفس الطريقة، فما الذي جعلهم يتوحدون بهذه الكيفية، نقول: إن الموحد لهم في هذه الكيفية في العبادة هو إبليس.⁴

وعودة للنجمة السداسية ففي الديانة الهندوسية تستعمل كرمز لاتحاد القوى المتضادة مثل الماء والنار، الذكر والأنثى ويمثل أيضا التجانس الكوني بين شيفا (الخالق حسب أحد فروع الهندوسية) وشاكتي (تجسد الخالق في صورة الإله الأنثوي) وأيضا ترمز النجمة السداسية إلى حالة التوازن بين الإنسان والخالق التي يمكن الوصول إليه عن طريق الموشكا (حالة التيقظ التي تخمُد معها نيران العوامل التي تسبب الآلام مثل الشهوة، الحقد والجهل).⁵

والحديث عن القوى المتضادة يدفعنا أيضا إلى الحديث عن ثقافة اليين واليانغ، وهي ثقافة صينية "طاوية" قديمة، فاليين واليانغ هما كلمتان تحملان معنى التضاد بين الطاقات المختلفة، وتعبر عن الازدواجية الثنائية في الكون والتي تبنى على أن لكل شيء ما يقابله ويكامله في نفس الوقت، وداخل الدائرة يوجد قسمان الأسود وبداخله دائرة بيضاء «اليين» والأبيض وبداخله دائرة سوداء «اليانغ» والخط الفاصل بينهما يعمل على إبقاءهما متحركين ومتغيرين، ولكن ليس لأي منهما وجود مطلق دون الآخر بل هناك تداخل بينهما وتكامل دائما بين الأبيض والأسود.⁶

والملاحظ للمحافل الماس.ونية يجد أن أرضيتها ملونة باللونين الأبيض والأسود، وهذا يدل على مدى لا أقول التأثر فحسب بالثقافات الوثنية القديمة بل أنا أرى أن الماس.ونية بالمعنى الأصح إنما هي امتداد لتلك الثقافات، فهي طريق واحد ممتد للجحيم والشيطان الرج.يم.

فالنجمة السداسية إذن ذات أصل هندوسي، وهي ترمز للحالة التي يكون فيها المخلوق مساويا للخالق، وهذا بلا شك هدف شيطاني بحت، فالشيطان منذ أن أهبطه الله إلى الأرض وهو يسعى دائما إلى إضلال بني آدم من ناحية، كما أنه يسعى أيضا إلى مضاهات الخالق سبحانه وتعالى، فهو يريد أن يكون إلها في الأرض، والله إله في السماء، وهذا الهدف قد غفل عنه كثير من الناس، فظنوا أن بغية اللعين مجرد الإضلال للخليقة، بينما الحقيقة أنه يريد أن يكون إلها يعبد في الأرض من دون الله سبحانه، "وتذكر كون اليين واليانغ مبنية على أساس المقابلة والمكاملة" فإله في السماء يقابله إله في الأرض، وكل منهما يكمل الآخر، تعالى الله عن هذا علوا كبيرا.

خاصة أن الماس.ون "ثنويون" يؤمنون بوجود إلهين، إله للخير يسمونه "لوسيفر" وتعني: حامل الضوء، وهو إبليس لع.نه الله، وهم يعبدونه ويتقربون له ويسمونه الملاك الساقط من السماء!، وإله للشر يسمونه "أدوناي" ويريدون به "الله" تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.

وبهذه المناسبة أحب أن أحذر من إحدى الإشارات اليدوية التي يستخدمها الناس كثيرا في هذا الزمان جهلا بمعناها ومدلولها، وهي الإشارة بالسبابة والوسطى هكذا  والتي يظن البعض -جهلا بالحقيقة- أنها إشارة النصر أو الشهادة، والحقيقة أنها تشير إلى العقيدة "الثنوية" التي يؤمن أتباعها بوجود إلهين، إله للخير، وإله للشر، أما الإشارة التي تشير إلى وحدانية الله تعالى فهي هذه  الإشارة بالأصبع السبابة، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يشير بأصبعين في التشهد في صلاته، قال له: "أحِّد أحِّد". فالله واحد لا شريك له، والماس.ون من عادتهم أنهم يأتون بكل ما يخالف منهج الله سبحانه، فهم يتعمدون وضع هذه الإشارات التي تفسد على الناس توحيدهم دون أن يشعروا، وهكذا أيضا هذه الإشارة  التي ترمز لقرني الشيطان، وعب.اد الشيطان يعظمون هذا كثيرا، وقد أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن الشمس تطلع بين قرني شيطان، حينها يسجد لها كل كافر، ولذا فهم يعظمون هذه الإشارة، وهذه الإشارة مأخوذة من طقوس التأمل البوذية والهندوسية، ومع ذلك تجد الناس يستخدمونها دون علم بالحقيقة، والقائمة تطول مما ينبغي التحذير منه من الرموز الشي.طانية، والإشارات الوثنية.

ويؤكد ما ذكرناه عن إيمان الماس.ون بالثنوية: العقيدة الهرمسية القديمة (وهي من أهم العقائد الماس.ونية) "كما هو بالأعلى هو بالأسفل" وفي اللوحة الزمردية التي تنسب "زورا" لهرمس الهرامسة: "إن الأعلى من الأسفل والأسفل من الأعلى"، وعنها انبثقت الفلسفات الغنوصية الباطنية، والقبالية اليهودية.

فاليهود لديهم التوراة، وهو كتاب الله الذي حرفوه، والتلمود: وهو شرح أحبارهم ونتاج تجاربهم وأفكارهم دونوها أثناء تواجدهم في "بابل" أثناء ما يعرف "بالسبي البابلي"، ولهذا يسمى بالتلمود "البابلي" وزعموا أن الله أوحاها إلى موسى مشافهة، وعن هذه الثقافة انبثقت "القبالاه" اليهودية أو "الكابالا" وهي طقوس شي.طانية سحرية اكتسبوها بمساعدة الشيطان لهم، فقد كانت بابل "أرض السحر" وأول ساحر "في التاريخ الإنساني" تعاقد مع الشيطان كان "النمرود" حاكم "بابل وآشور" وهو أحد الأربعة الذين حكموا الأرض، وقد بلغ من طغيانه أن أمر ببناء برج "هو برج بابل الشهير" وأعلن الحرب على رب العالمين، فما كان إلا أن أرسل الله على جيشه -استهزاء به- جيشا من بعوض، فأهلك الله جيشه بالبعوض، ودخلت بعوضه إلى رأسه فلازالت فيه حتى مات.

فالكاباليين هم فسقة اليهود الذين حرفوا توراة موسى عليه السلام، وهم أنفسهم أيضا الذين حرفوا إنجيل عيسى عليه السلام كما سبق، وهم الذين حاولوا قتل عيسى عليه السلام، وحاولوا تحريف الإسلام إلا أنهم عجزوا أمامه فهو نور الله في الأرض، عن الماس.ون طبعا أتحدث فهل عرفت الآن شيئا أيها القارئ الكريم عن خطرهم؟!

قال الدكتور المسيري في حديثه عن الكابالا: فالمتصوف اليهودي لا يتجه نحو تطويع الذات الإنسانية الفردية، وخدمة الإله، وإنما يحاول الوصول إلى فَهْم طبيعة الإله، من خلال التأمل والمعرفة الإشراقية الكونية (الغنوص أو العرفان)، بهدف التأثير في الإله، والتحكم الإمبريالي في الواقع [أقول: تأمل العلاقة الواضحة بين الفكر القبالي وبين الفلسفتين الطاوية والهندوسية من حيث النظرة التقابلية والتكاملية بين المخلوق والخالق] ومن هنا كان ارتباط التصوف اليهودي أو القبَّالاه بالسحر، ومن هنا أيضاً كانت علاقة السحر بالعلم والغنوصية... فالتصوف اليهودي الحلولي يتجه نحو الاتحاد مع الإله، والالتصاق به، وهو اتحاد يؤدي إلى وحدة الوجود، ووحدة الوجود يُفترض أنها تؤدي إلى الكشف الصوفي لطبيعة الإله، وإمكانية التواصل معه، ثم التحكم فيه! ولعل سمة التصوف اليهودي الأساسية: أنه يدور في معظمه في إطار حلولي، الأمر الذي يجعله يختلف عن التصوف الذي يدور في إطار توحيدي، ولذا فنحن نؤثر أن نشير إلى التصوف اليهودي بكلمة "قبَّالاه"، فهي أكثر دقة وتفسيرية. انتهى.⁷

ولا يحتاج الأمر -حسب ظني- إلى إيضاح مدى تأثر بعض الفرق الباطنية المنتسبة للإسلام بهذه العقيدة "وحدة الوجود" إنه حقا طريق متصل بالجحيم والشيطان الرجي.م!

ولأجل إيضاح العلاقة الوطيدة مابين الماس.ونية ومابين الفلسفات الوثنية القديمة وأنها جميعها ينتظمها سلك واحد، هو سلك الشيطان، فإن "بافوميت" وهو معبود "فرسان الهيكل" وهذه الجماعة هي إحدى صور الماس.ونية عبر التاريخ، فإن "بافوميت" هذا قد صوروه بجسد إنسان، ورأس وقدمي ماعز، وله صدر أنثى، يشير بأصبعين من يده اليمنى نحو السماء، وأصبعين من يده اليسرى نحو الأرض، وأحيانا يصورونه وهو جالس على كرة "إشارة منهم لإرادة حكمه للأرض"، وسواء قلنا أن "بافوميت" هذا هو نفسه "لوسيفر" إبليس لع.نه الله، أو أنه شيطان غيره كما صور ذلك الماس.وني السابق "بوبي فرانك" في رواية "انتيخريستوس" والتي شخصيا لا أنصح بقراءتها لغير المطلع إطلاعا جيدا على العقيدة الإسلامية الصحيحة وصحيح قصص الأنبياء والتاريخ الإنساني، فكما أن فيها العديد من الفوائد الجيدة إلا أنها تحتوي على "فخاخ خفية" والذي يهمنا هنا: أن "بافوميت" في إشارته نحو السماء والأرض إنما يقصدون منها العقيدة الهرمسية "كما هو بالأعلى كذلك هو بالأسفل" أي كما أن الله إله في السماء، فإبليس إله في الأرض "تعالى الله" وهذا هو المعنى الحقيقي للمثلثين المتقابلين اللذان يشكلان النجمة السداسية وأما كون "بافوميت" قد خلط جسده مابين النوع البشري والحيواني، ومابين الجنس الذكري والأنثوي فهذا من ناحية إشارة لعقيدة التضاد التي سبق شرحها، وعقيدة اليين واليانغ واللذان هما -شأنهما شأن الكثير من العقائد الوثنية القديمة- امتداد للفلسفة الهرمسية، فقد قامت الفلسفة الهرمسية على سبعة مبادئ أساسية، منها: مبدأ النوع أو الجنس "Gender": فالجنس موجود -عندهم- في كل شيء، كل شيء له ذكوريته وأنثويته، ومن ناحية أخرى فهو تغيير لخلق الله سبحانه وتعالى، ولو نظرت للمجتمع الأوروبي الآن لرأيت المثلية والشذوذ والتغيير الجنسي في ذروته، وكل هذا إنما هو تحقيق للوعد الإبليسي "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله".

وأما عن علاقة النجمة السداسية بالحضارة المصرية القديمة، فهي أيضا علاقة وطيدة، وذلك بالنسبة للعلاقة مع العقيدة المصرية القديمة "الهرمسية" ومما أراه أن الفلسفات والعقائد الباطنية الغنوصية قد انبثقت أساسا عن الفلسفة الهرمسية ثم تشعبت بعد ذلك.

قال خبير الآثار المصري عبد الرحيم ريحان: إن النجمة السداسية تاريخيا، وكما أكدت الحقائق الأثرية، لم تشكل رمزا من الرموز التوراتية إلا فى الأزمنة الحديثة، ولا يوجد لها ذكر فى التاريخ العبري والعهد القديم والكتب اليهودية الأخرى، ولا توجد إشارة عن استخدامها فى زمن نبي الله داود أو نبي الله سليمان (1010 - 935 ق.م).

وأشار إلى أن شواهد التاريخ تؤكد أن مصر أول من عرفت زخرفة النجوم حيث نجد فى معبد دندرة رسم لمسارات النجوم ومدارات الأفلاك، وسقف مقبرة سنفرو من الأسرة الرابعة مزين بالنجوم السداسية. وحسب المعتقد المصرى القديم فإن النجمة السداسية كانت رمزا للمعبود (أمسو) الذى كان أول إنسان تحول إلى إله وأصبح اسمه (حورس).⁸ 

أيام إدريس عليه السلام (الذي يسمى بهرمس الهرامسة) كانت أيام إيمان بالله سبحانه، وتوحيد وعقيدة صافية، بدليل أن الشرك بالله إنما طرئ على الأرض أيام نوح عليه السلام، وبعد أن حصل ما حصل في أيام نوح عليه السلام، حصل التحريف بعد ذلك لديانة إدريس عليه السلام، وتم استخدام العلوم التي خلفها وراءه لنهضة البشرية، تم استخدامها في الشر، والاستعانة بالشياطين واستحضارها (كما فعل الشياطين بعد موت سليمان عليه السلام).

وقد كانت نشأة علم الخيمياء المرتبط بالسحر الأسود في مصر القديمة، وعبدوا الكواكب والنجوم من دون الله سبحانه، ونسبوا بعض النصوص "الوثنية" إلى إدريس عليه السلام، وأسموها "اللوحة الزمردية" وضعوا فيها طلاسم وهرطقات وثنية لا علاقة لإدريس النبي عليه السلام بها، عرفت هذه الفلسفة بالفلسفة الهرمسية، وعنها تفرعت الكثير من الثقافات الوثنية، ومن نصوص اللوح الزمردي: "حق لا شك فيه صحيح... إن الأعلى من الأسفل والأسفل من الأعلى" والذي الهدف الحقيقي منها إنشاء عالم على الأرض يحكمه إبليس لع.نه الله، والله إله في السماء "تعالى الله عن هذا علوا كبيرا"، فما هي إلا غرغرة ألقاها الشيطان في عقول أوليائه الذين باعوا أرواحهم له، فالنجمة السداسية المكونة من مثلثين متقابلين رأس أحدهما إلى الأعلى والآخر إلى الأسفل، ماهو إلا إشارة إلى هذه العقيدة الوثنية القديمة، فتم استخدام هذه النجمة السداسية في طقوس السحر الأسود والسفلي، وعلمي الخيمياء والسيمياء، وكل هذا تقربا للشيطان لع.نه الله بهذه العقيدة الكفرية، وعن الثقافة الهرمسية القديمة أخذتها بقية الثقافات ممن أسلفنا ذكرها.

فالشيطان الرج.يم يسعى لمضاهاة الله سبحانه، فكما أن للرحمن عرش على الماء، جعل الشيطان لنفسه عرشا على الماء أيضا، وكما أن الله له عباد يعبدونه، فالشيطان قد جعل لنفسه خدما شياطين الإنس والجن يعبدونه من دون الله، وكما أن عباد الله يصلون له ويسجدون له، فالشيطان كذلك يسجد له أولياؤه وأما صلاتهم فما تسمى "باليوجا" طقس من طقوس الهندوس والبوذيين، وكما أن عباد الله يذكرون ربهم بالأذكار الشرعية، جعل الشيطان لأوليائه طلاسم وهرطقات وحروز يتقربون له بها ويدعونه ويستحضرونه، وغير هذا من الأمثلة الكثيرة في حلم إبليس أن يكون إلها في الأرض لمن تأمل هذا.

حقا... إنها طريق متصلة نحو الجحيم والشيطان الرجيم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

¹- بحث نشرته مجلة جامعة القدس المفتوحة للبحوث الإنسانية والاجتماعية، بعنوان: القيم الرمزية للنجمة السداسية، للدكتور عدنان أحمد أبو دية، أستاذ مشارك/قسم التاريخ والآثار/كلية الآداب/جامعة الخليل/فلسطين، العدد الحادي والثلاثون، الجزء الأول، ذو القعدة 1434هـ/تشرين الأول 2013م.

²- موقع الإسلام سؤال وجواب.

³- أثر الملل والنحل القديمة في بعض الفرق المنتسبة للإسلام لعبد القادر صوفي ص ٥٧.

⁴- دروس للشيخ إبراهيم الفارس ج١٦ ص ٤ على موقع الشاملة.

⁵- الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

⁶- الموسوعة الحرة ويكيبيديا.

⁷- الدكتور عبد الوهاب المسيري في كتابه "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" (5/ 163-164).

⁸- من مقال نشره موقع R.T بالعربي بعنوان: "أزمة في مصر بعد اكتشاف نجمة داود السداسية على آثار فرعونية بتاريخ 03.04.2016".

التعليقات (0)