-
℃ 11 تركيا
-
8 سبتمبر 2025
من "الدفاع" إلى وزارة الحرب.. أمريكا حين تكشف عن وجهها الحقيقي
من "الدفاع" إلى وزارة الحرب.. أمريكا حين تكشف عن وجهها الحقيقي
-
7 سبتمبر 2025, 8:49:00 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة في التاريخ السياسي والعسكري للولايات المتحدة، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الجمعة، أمرًا تنفيذيًا يقضي بتغيير الاسم الرسمي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إلى "وزارة الحرب". القرار أثار موجة واسعة من الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية داخل أمريكا وخارجها، نظرًا لما يحمله من دلالات سياسية ورمزية تتجاوز حدود اللغة إلى جوهر العقيدة العسكرية الأمريكية.
ترامب، الذي اعتاد أن يقدم نفسه باعتباره الرئيس الأكثر صراحة ووضوحًا، أعلن أن الاسم الجديد "يعكس حقيقة الدور الذي تقوم به المؤسسة العسكرية منذ تأسيسها"، معتبرًا أن وصفها بوزارة الدفاع "مجرد تجميل لفظي يخفي حقيقتها". وأضاف خلال مؤتمر صحفي مقتضب في البيت الأبيض: "لسنا بحاجة إلى عبارات ناعمة، هذه وزارة تخوض الحروب وتحسمها، ولذلك يجب أن تُسمى باسمها الصحيح: وزارة الحرب".
رمزية التسمية ورسائل مباشرة
قرار ترامب يفتح الباب واسعًا أمام قراءات متعددة. فمن الناحية الرمزية، يمثل هذا التحول إعلانًا صريحًا عن تبني عقيدة هجومية بحتة، في وقت تخوض فيه أمريكا حروبًا بالوكالة وتدعم صراعات دموية في أكثر من منطقة بالعالم، وعلى رأسها غزة وأوكرانيا. ويذهب مراقبون إلى أن ترامب، بتبنيه هذا القرار، يريد أن يوجّه رسالة مزدوجة: الأولى إلى الداخل الأمريكي مفادها أنه لا يتلاعب بالألفاظ بل يسمي الأشياء بأسمائها، والثانية إلى العالم الخارجي ليؤكد أن أمريكا لا تخجل من دورها العسكري الإمبراطوري.
الإعلام الأمريكي انقسم حيال القرار. فبينما اعتبره أنصار ترامب دليلًا على "الصدق والشفافية"، رأت الصحف الليبرالية أن الخطوة تمثل "شرعنة رسمية لعقيدة الحروب الأمريكية" وتكشف الوجه الحقيقي لسياسة واشنطن القائمة على عسكرة العلاقات الدولية.
ردود فعل داخلية وخارجية
ردود الفعل لم تتأخر كثيرًا. أعضاء في الكونغرس من الحزب الديمقراطي وصفوا القرار بأنه "استفزازي وخطير"، محذرين من أنه قد يستخدم كذريعة لتصعيد النزاعات القائمة. في المقابل، دافع بعض أعضاء الحزب الجمهوري عن ترامب، معتبرين أن الاسم الجديد "أكثر دقة" ويضع المؤسسة العسكرية في إطارها الطبيعي.
أما على الصعيد الدولي، فقد أثار الإعلان صدمة في العواصم الأوروبية التي طالما حاولت التخفيف من صورة أمريكا كقوة عسكرية مهيمنة. مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أعربوا عن خشيتهم من أن يؤدي هذا التغيير إلى تقويض أي جهود دبلوماسية، فيما وصفت صحف آسيوية القرار بأنه "إشهار رسمي لعقيدة القوة العارية".
بين الدعاية السياسية وتكريس الهيمنة
لا يمكن فصل هذا القرار عن السياق السياسي الذي يعيشه ترامب، إذ يأتي في ظل سعيه الدائم لإعادة رسم صورة أمريكا عالميًا كقوة لا تُخفي أجندتها. ورغم الطابع الدعائي الواضح للخطوة، فإنها تطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية. فهل نحن أمام تحول حقيقي في العقيدة العسكرية أم أمام مجرد مناورة سياسية تهدف إلى استقطاب القاعدة الشعبية المؤيدة لنهج ترامب؟
ومهما يكن الجواب، فإن إعادة تسمية البنتاغون إلى وزارة الحرب تعني أن واشنطن باتت أكثر جرأة في الإفصاح عن طبيعتها الإمبراطورية. فهي لم تعد تكتفي بخوض الحروب في الخفاء أو تحت شعار "الدفاع عن الأمن القومي"، بل باتت تعلن صراحة أنها دولة حرب، في لحظة تاريخية يتزامن فيها القرار مع استمرار المجازر في غزة ودعم أمريكا غير المحدود لإسرائيل، ومع تصعيد المواجهة المفتوحة مع روسيا والصين.









