محند أمقران عبدلي يكتب: النضالات الانحرافية للحركة من أجل تقرير المصير في بلاد القبائل "الماك" بالجزائر (1).. جذور التطرف

profile
  • clock 26 أغسطس 2025, 12:47:43 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قد يبدو العنوان غريبا أو صادما، لكن الغرابة سوف تزول شيئا فشيئا. منطقيا لا غرابة في ظهور التطرف كممارسة نضالية، فالعالم يشهد بروزا متسارعا للتطرف كسلوك سياسي نضالي. ما يهم هنا  كيف تتراكم العوامل المساعدة على  بروز التطرف وهل للتطرف حقيقة منطلقات موضوعية، أم أنه موجه من طرف عوامل وأهداف قد تكون غير منطقية وصعبة المنال من الوهلة الأولى، لكن السكوت على الأمر، قد يترك للمتطرف مجالا وفضاءا يشعره بعدالة مسعاه.

وأد التطرف من المهد قد يكون صعبا،مكلفا، ويتطلب آليات حكامة غير معهودة، لكن ترك الظاهرة التطرفية تنمو وتقتات من إحباطات فئات من المجتمع وأخطاء فادحة في الحكامة وتسيير الشأن المحلي خاصة قد يساهم في بلورة التطرف وتمكينه من إيجاد مساحات استقطاب في السر والعلن، مما يجعل من مسار التعبئة عنده سلسا، خاصة باستهداف الفئات الهشة، المحبطة، الشباب وغيرهم من أفراد المجتمع.

يتطور التطرف وينمو ويظهر للعلن في عدة أشكال تجمع كلها على شحذ النفوس اليائسة، المتعطشة للتغيير. ولنا في العالم العديد من التجارب: النازيون في ألمانيا، اليمين المتطرف في فرنسا والبلاد الاسكندنافية، الاستقلاليون في كتالونيا وغيرهم.

يهمني هنا، تسليط الضوء على الجزائر، لموقعها المتميز، طبيعة حكمها والتحديات المحيطة بها. ما يشجع على هذه المقاربة ربما، شبه غياب الحوار البناء حول ظاهرة  التطرف في الجزائر، دولة ومجتمعا. خاصة مع مقاربة التعبئة العامة الذي أعتقد أنه ضروري لفهم التحديات المحيطة بالجزائر في خضم التراكميات السلبية الموجودة على مستوى العلاقات الدولية حاليا، وصراع المصالح، وتذبذب في تسيير الحكامة كما قلت على المستوى الداخلي والخارجي.

عرفت الجزائر التطرف الديني كظاهرة، وكانت الفاتورة ثقيلة جدا على  الدولة والمجتمع، هو تطرف كاد أن يأتي على أسس الدولة، لولا تضافر جهود الجزائريين من خلال المؤسسة العسكرية ومبادرات حل الأزمة (العشرية السوداء، سنوات الإرهاب، الحرب الأهلية) تختلف التسميات لكن المؤكد أنها حقبة لازالت تلقي بضلالها على المجتمع من خلال السلوكات والعلاقات الاجتماعية غير المستقرة، أحاديث الهوية المتكررة، محدودية آثار المشروع التنموي الوطني على حياة المواطنين، وضبابية على مستوى الحكامة الجهوية خاصة وهذا رغم الجهود المبذولة من طرف الدولة وبنيات المجتمع، هذا الأخير خاصة من خلال النضالات المشروعة لدمقرطة علاقات الدولة بالمجتمع وإرساء قواعد حكم يليق بالجزائريين. في خضم النضالات التي تتزعمها منطقة القبائل في كل مرة وهذا نظرا لاعتبارات موضوعية وتاريخية.

علاقة المنطقة بالحكم المركزي كانت متشنجة منذ البداية، أي بداية الاستقلال، سمحت طبيعة المجتمع المحلي، الهجرة الداخلية والخارجية، التحصيل العلمي والثقافي، في بروز تراكمية في النضال الذي أخذ أشكالا سياسية، ثقافية، نقابية..الخ. مما ساهم في تولد وعي سياسي متميز، في ظل مواصلة مسارات النضال التي اصطدمت مرات عديدة بقمع السلطة، بعنف لم تشهده الجزائر من حيث الحدة، رغم أن المنطقة ساهمت كثيرا في إطفاء نار الإرهاب، بحيث كانت أول منطقة، تهب لمحاربة الإرهاب بتشكيل فرق الدفاع الذاتي التي كانت عونا لقوات الجيش الوطني الشعبي.

"يتبع"

التعليقات (0)