محمد أمقران عبدلي يكتب: في ذكرى استقلال الجزائر  دروس ورهانات

profile
محند امقران مدير مكتب شمال إفريقيا لموقع 180 تحقيقات
  • clock 5 يوليو 2025, 9:42:39 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
محمد أمقران عبدلي يكتب: في ذكرى استقلال الجزائر  دروس ورهانات

يمثل استقلال الجزائر حدثا مميزا في مسار تصفية الاستعمار في العالم . تميز الظاهرة الاستعمارية الفرنسية بالتوحش و الرغبة في اجتثاث الشعب الجزائري من أصوله التاريخية ،الثقافية،السياسية الضاربة في التاريخ وهو حدث متميز في حدة العنف الاستدماري الموجه نحو هذا الشعب و مقوماته .


طول مدة مكوث المستدمر الفرنسي ،هي ميزة أخرى تضاف لتاريخ الاستعمار في الجزائر . 132 سنة من التحريف و التحويل و التعنيف و التدمير لم تكن كافية لحسم نهائي للتواجد الفرنسي في الجزائر .


 

نأتي لتراكمية النضالات الجزائرية التي ساهمت في تشكل الوعي الوطني و التوجه نحو العمل العسكري التحرري ،الذي كان معقدا جدا في تنظيمه و منهجيته معبرا عن عبقرية في التخطيط و استشراف الأحداث في بيئة كانت تعج بالمخاطر و الرهانات من الداخل بوجود عملاء فرنسا،شح الموارد و حصار فئات الشعب المتضامن مع ثورته و من الخارج بوجود تحالف كبير مع فرنسا الاستدمارية .دون الخوض في تفاصيل الثورة التحريرية و عقبات المسار التحرري فإن استقلال الجزائر هو ظاهرة كذلك في مسارات التحرر الوطني .

بعد عقود من استقلال الجزائر ،ماهي دروس و رهانات مابعد الاستقلال على الجمهورية الجزائرية ؟ هل رهانات الأمس تختلف حقا عن رهانات اليوم ؟ ماهي سبل استيعاب سليم و عقلاني  لمسار الثورة و الاستقلال من طرف السلطة و الشعب ؟
تميز استقلال الجزائر بصراعات دامية حول السلطة ،التعطش للأخيرة كان مسيطرا على بعض القيادات ،تمرد،انقلاب،تصفيات و شمولية في الحكم كانت ميزة سنوات طويلة ، لم يهنأ الحاكم و الشعب بهذا الاستقلال الذي كان صعبا في كل شيء و كأن آلة النضال الجزائري توقفت عند عبقرية الستة التاريخين و الثوريين الحقيقيين. 
كيف تحكم بلدا بحجم الجزائر ،دون الاكتراث بالتغيرات المتسارعة على نظام الحكم و على الشعب و النخبة . عوامل داخلية و خارجية سوف تلقي بضلالها على الحكامة في الجزائر . 
بعد عقود من الاستقلال ،لازالت الرهانات تتفاقم داخليا و خارجيا مؤثرة على نظام الحكم،الحياة السياسية ،النخبة ،المجتمع ،الأمن و الاستقرار، مواجهة لهذه التحديات المتتالية وجب التوجه مرة أخرى لاستكمال مسارات المصالحة الوطنية ،درءا للخطر و جلبا للمنفعة الوطنية .

 

تكتسي الجلسة الوطنية للتشاور و الحوار الوطني ،لبنة نحو العودة لفضيلة الحوار المستدام بين السلطة و المجتمع عبر ممثليه الجادين ،بعيدا عن ثنائية الموالاة و المعارضة ،فحجم الرهانات الحالية تحتم على السلطة التوجه نحو حوار وطني شامل و جامع و عقلاني ضمن مقاربة التعبئة العامة .

تمثل المؤسسة العسكرية العمود الفقري للدولة الجزائرية ،دورها ثابت لا نقاش حوله ،أملته مسارات تاريخية جعلت من هذه المؤسسة محور الحكامة و وتد الاستقرار الوطني .ولهذا تبقى عملية تثمين وجودها حتمية وواجبا وطنيا ،دعما و تثبيتا لمركزها الوطني ودورها الريادي.

لا تناغم وطني دون التوجه نحو إصلاح شامل و كامل لمراكز الإشعاع العلمي و المعرفي و الديني ،المدرسة ،الجامعة ،المؤسسة الدينية ثالوث لاشعاع خطاب وطني مواطني جاد و مسؤول ،عماده العلم و العقلانية و التسامح الفكري .

مواصلة جهود دعم الهوية الوطنية و غلق الجدل العقيم حول الهوية و تطعيم ملف الهوية بخبرة تشريعية و استشرافية و توعوية تخدم الدولة الوطنية و الصبغة الجمهورية للدولة .

الإهتمام بالخبرة الوطنية في التنمية وتعزيز دورها في مجالات الشراكة مع الشركاء و إشعاع المقاربة الجزائرية في التنمية عبر الوكالة الجزائرية للتعاون.

  أعتقد أن رهانات التي سبقت ورافقت استقلال الجزائر ،تتشابه و تتقاطع إلى حد بعيد مع رهانات اليوم فيما يخص الرهانات الأمنية،  مناطق النزاعات ،الشراكات العسكرية و التعاون من أجل التنمية و توجه العالم نحو أزمات متعددة عنيفة في أغلبها و تحديات تتعلق بالبيئة و التكنولوجيا و التقدم الاقتصادي و الحفظ المستدام للثروة الوطنية و تموقعات تخص الدبلوماسية و العمل في إطار التجمعات العالمية و الإقليمية .
و في الأخير ،لتحيا الجزائر حرة أبية .فالاستثمار في مشروع وطني جامع و جاد أصبح حتمية وطنية مستعجلة .

التعليقات (0)