-
℃ 11 تركيا
-
26 يونيو 2025
لماذا ستجعل ضربات ترامب لإيران كوريا الشمالية أكثر إصرارًا من أي وقت مضى على الاحتفاظ بترسانتها النووية؟
لماذا ستجعل ضربات ترامب لإيران كوريا الشمالية أكثر إصرارًا من أي وقت مضى على الاحتفاظ بترسانتها النووية؟
-
26 يونيو 2025, 12:45:51 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
زار الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون قاعدة إنتاج المواد النووية ومعهد الأسلحة النووية في البلاد
سي إن إن
بينما كانت قاذفات B-2 الأمريكية تحلق فوق إيران مستهدفة منشآت مرتبطة بالطموحات النووية لطهران، كان صناع السياسات والمحللون في شرق آسيا يواجهون بالفعل سؤالًا محوريًا: ما هي الرسالة التي تبعثها هذه الضربات إلى كوريا الشمالية، الدولة التي تمتلك ترسانة نووية أكثر تقدمًا بكثير من إيران؟
يحذر خبراء من أن التحركات العسكرية الأمريكية قد تعزز تصميم بيونغ يانغ على تسريع برنامجها النووي وتعميق تعاونها مع روسيا، بالإضافة إلى ترسيخ قناعة زعيمها كيم جونغ أون بأن الأسلحة النووية تمثل الرادع الأقصى في وجه محاولات تغيير النظام التي تفرضها الولايات المتحدة.
فعلى الرغم من الجهود الطويلة التي بُذلت لإقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن برنامجها النووي، يُعتقد أن نظام كيم يمتلك بالفعل العديد من الأسلحة النووية، فضلًا عن صواريخ يُحتمل أن تصل إلى الولايات المتحدة، ما يعني أن أي ضربة عسكرية محتملة على شبه الجزيرة الكورية قد تنطوي على مخاطر أكبر بكثير.
وقال ليم يول-تشول، أستاذ دراسات كوريا الشمالية في جامعة كيونغنام الكورية الجنوبية: "ضربة الرئيس ترامب لمنشآت إيران النووية ستُعزز بلا شك شرعية سياسة كوريا الشمالية المستمرة القائمة على البقاء عبر تطوير الأسلحة النووية".

منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم في إيران بعد استهدافها بضربات أمريكية، الأحد
وأضاف: "كوريا الشمالية تنظر إلى الضربة الجوية الأمريكية الأخيرة كتهديد عسكري استباقي، ومن المرجح أن تسرّع جهودها لتعزيز قدرتها على تنفيذ هجمات نووية صاروخية استباقية".
دعم روسي متزايد
ويحذر محللون من أن هذا التسريع في برنامج كوريا الشمالية النووي قد يتحقق بمساعدة روسيا، في ظل الشراكة العسكرية المتنامية بين البلدين منذ غزو موسكو لأوكرانيا.
فمنذ تأسيس شراكتهما الإستراتيجية رسميًا عام 2024، أصبحت العلاقة بين كوريا الشمالية وروسيا بمثابة شريان اقتصادي وعسكري حيوي لبيونغ يانغ في ظل العقوبات الغربية المستمرة.
وقال ليم: "استنادًا إلى التحالف الإستراتيجي بين كوريا الشمالية وروسيا، من المرجح أن تتجه بيونغ يانغ نحو تطوير مشترك للأسلحة، وتدريبات عسكرية مشتركة، ونقل للتكنولوجيا، واعتماد متبادل أكبر في المجالات الاقتصادية والعسكرية".
ووفقًا لتقرير صادر عن "فريق المراقبة متعددة الأطراف للعقوبات" (MSMT)، وهو مبادرة مكونة من 11 عضوًا بالأمم المتحدة، أرسلت كوريا الشمالية أكثر من 14 ألف جندي وملايين الذخائر، بما في ذلك صواريخ وقذائف، لدعم الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفي المقابل، زوّدت روسيا كوريا الشمالية بأسلحة وتقنيات مختلفة، من ضمنها معدات للدفاع الجوي، وصواريخ مضادة للطائرات، وأنظمة للحرب الإلكترونية، ونفط مكرر.

الجدول الزمني للتجارب النووية لكوريا الشمالية - أجرت كوريا الشمالية ست تجارب نووية منذ عام ٢٠٠٦، معظمها بعد تولي كيم جونغ أون السلطة عام 2011.. يُعدّ العائد إحدى طرق قياس قوة القنبلة النووية - وهو مقدار الطاقة المنبعثة عند التفجير، بالكيلوطن (kt).. المصادر: مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وزارة الخارجية الأمريكية - الرسم البياني: CNN
ويشير التقرير إلى أن هذه المساعدات "تمكن كوريا الشمالية من تمويل برامجها العسكرية، ومواصلة تطوير برامجها للصواريخ الباليستية – المحظورة بموجب قرارات متعددة لمجلس الأمن الدولي – بالإضافة إلى اكتساب خبرة مباشرة في الحروب الحديثة".
العراق وليبيا وإيران… ودروس التدخل الأمريكي
من منظور كيم، تمضي التحركات العسكرية الأمريكية الأخيرة في إيران وفق منطق مقلق: الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية – مثل العراق وليبيا وإيران – تظل عرضة للتدخل الأمريكي، كما قال فيكتور تشا، رئيس قسم شؤون كوريا بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية.
وبعد أن أجرت كوريا الشمالية ستة اختبارات نووية ونجحت في تطوير صواريخ بعيدة المدى، أصبحت ترى ترسانتها النووية كخط أحمر لا يمكن التفاوض عليه.
ووفقًا لتشا، فإن الغارات الجوية الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية ستترك أثرًا طويل الأمد في ذهنية النظام الكوري الشمالي. وقال: "الضربات على إيران ستؤكد لكوريا الشمالية أمرين، وكلاهما لا يخدم السياسة الأمريكية".
وأضاف: "أولًا، الولايات المتحدة لا تمتلك خيار استخدام القوة ضد برنامج كوريا الشمالية النووي كما فعلت مع إيران. ثانيًا، الضربة تُرسخ في ذهن كيم جونغ أون قناعته بضرورة متابعة وتثبيت الترسانة النووية بأي ثمن".
فارق القدرات النووية بين البلدين
ويشير الأستاذ ليف-إريك إيزلِي، المتخصص في الأمن الدولي بجامعة إيوا النسائية في سيول، إلى أن هناك فرقًا شاسعًا في القدرات النووية بين إيران وكوريا الشمالية.
وأوضح: "برنامج بيونغ يانغ النووي أكثر تقدمًا بكثير، مع أسلحة ربما تكون جاهزة للإطلاق عبر أنظمة متعددة، بما في ذلك صواريخ باليستية عابرة للقارات (ICBMs)"، وهي صواريخ قادرة على الوصول إلى أي نقطة في العالم، وهي أكثر تطورًا من أي شيء تمتلكه إيران.
وأضاف: "نظام كيم يمكنه تهديد الأراضي الأمريكية، كما أن سيول تقع في مرمى العديد من الأسلحة الكورية الشمالية من مختلف الأنواع".
أما إيران، وعلى النقيض من ذلك، فلم تطور بعد سلاحًا نوويًا قابلًا للإطلاق، ويشير تقييم الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير إلى أن تخصيبها لليورانيوم لا يزال دون عتبة التسلح النووي.

صاروخ يطير خلال ما وصفته وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية بأنه اختبار إطلاق لصاروخ كروز استراتيجي، مصمم لإظهار جاهزية القدرات النووية المختلفة، قبالة الساحل الغربي لشبه الجزيرة الكورية، في 26 فبراير 2025، في هذه الصورة التي نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية في كوريا الشمالية. وكالة الأنباء المركزية الكورية/رويترز
كما أن طهران سلكت مسارًا دبلوماسيًا طويلًا مع الولايات المتحدة والدول الغربية حول برنامجها النووي، وهي دبلوماسية كانت – نظريًا – لا تزال جارية عندما أمر ترامب بإرسال قاذفات الشبح B-2 لإسقاط قنابل خارقة للتحصينات على منشآت نووية إيرانية.
مصفوفة من الردع
ويُعتقد أن كوريا الشمالية تمتلك بين 40 و50 رأسًا نوويًا، إضافة إلى وسائل لإيصالها إلى مختلف أنحاء المنطقة، وربما حتى إلى البر الأمريكي.
وحذر ليم من أن "الهجوم على كوريا الشمالية قد يؤدي إلى خطر اندلاع حرب نووية شاملة".
كما أشار إلى أن اتفاقية التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تفرض مشاورات مسبقة مع سيول قبل اتخاذ أي إجراء عسكري ضد بيونغ يانغ، وهو ما ينطوي على أبعاد سياسية وقانونية معقدة.
وهناك أيضًا قوى خارجية يجب أخذها في الاعتبار. فعلى عكس إيران، لدى كوريا الشمالية معاهدة دفاع مشترك رسمية مع روسيا، "تسمح لروسيا بالتدخل تلقائيًا في حال وقوع هجوم"، بحسب ما أكده ليم.
هذا المزيج من عوامل الردع – القدرة النووية، التحالفات الأمريكية الإقليمية، والدعم الروسي – على الأرجح يمنح بيونغ يانغ حصانة من أي عمل عسكري أحادي كالذي قامت به واشنطن ضد إيران.
ردع أم مبرر؟
وفي نهاية المطاف، يرى ليم أن الضربة الأمريكية لإيران قد لا تشكل رادعًا ضد الانتشار النووي، بل تصبح مبررًا له.
وقال: "هذا الهجوم سيُعمّق عدم ثقة كوريا الشمالية في الولايات المتحدة"، مضيفًا: "ومن المتوقع أن يُشكّل محفزًا لتحوّل في السياسة الخارجية الكورية الشمالية، وخاصة عبر تعزيز وتوسيع التعاون العسكري مع روسيا".









