مواجهة سياسية أم صراع عسكري محتمل؟

لبنان على شفا مواجهة مع حزب الله: تحليل للوضع السياسي والعسكري الراهن

profile
  • clock 9 أغسطس 2025, 7:43:42 م
  • eye 422
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
حزب الله

شهد لبنان مرحلة حرجة بعد إعلان الحكومة خطة "تجريد حزب الله من سلاحه"، وهي خطة أميركية منظمة تهدف إلى استعادة سلطة الدولة وسيادتها الكاملة على السلاح في البلاد. هذه الخطة، التي من المتوقع تنفيذها بحلول نهاية عام 2025، تفتح الباب أمام مواجهة قد تكون سياسية أو عسكرية بين الحكومة اللبنانية وحزب الله، الذي يُعتبر قوة مسلحة وسياسية فاعلة في لبنان والمنطقة.

خلفية الأزمة: سلاح حزب الله وتحدي السيادة اللبنانية

ووفق الكاتب تسفي برئيل تتزامن هذه المرحلة مع تزايد الدعوات داخل لبنان وخارجه لوضع حد للنفوذ العسكري لحزب الله، الذي يشكل تهديداً للدولة اللبنانية وأمن مواطنيها، وفقاً لرؤية الحكومة اللبنانية ورئيسها ميشال عون. إذ أكد عون في خطابه تنصيبه أن "جميع الأسلحة يجب أن تكون في يد الدولة" وأنه "لن يكون هناك سلاح غير شرعي". بالمقابل، يرفض حزب الله هذه الخطوة واعتبر نزع سلاحه "خط أحمر"، مشدداً على ضرورة مناقشة ذلك ضمن حوار شامل حول "استراتيجية دفاع وطنية".

هذا التوتر يعكس الصراع بين رغبة الدولة في فرض سيادتها الكاملة وبين موقف حزب الله الذي يرى نفسه قوة دفاع وطنية، خاصة في مواجهة إسرائيل. ويشير الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، في حديثه إلى غياب الدولة والجيش اللبناني عن حماية الحدود، وهو ما يبرر حسب رأيه وجود الحزب كقوة مسلحة.

تفاصيل الخطة الأميركية: جدول زمني دقيق وحسم مرتقب

تتضمن الخطة الأميركية التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية جدولاً زمنياً مفصلاً، مع مراحل وإنجازات محددة لتنفيذها بحلول 31 ديسمبر 2025. وتهدف الخطة إلى تجريد حزب الله من ترسانته العسكرية دون حل الحزب كحركة سياسية، ليبقى لاعباً سياسياً ولكنه بلا قوة عسكرية تمكنه من التأثير العسكري والسياسي الكبير في لبنان والمنطقة.

ورغم تأييد الرأي العام اللبناني والرؤساء الآخرين لخطة نزع السلاح، فإن هناك شكوكاً حول استعداد الجيش اللبناني لمواجهة حزب الله، خاصة في ظل التحالفات السياسية التي تجمع الحزب مع حركة "أمل" برئاسة نبيه بري، والتي قد تعرقل تنفيذ الخطة.

التوتر السياسي والردود المتباينة

تجلى التوتر في اختيارات حزب الله، إذ لم يوجه تهديدات مباشرة للحكومة، ولكنه شكك في شرعية قرار نزع السلاح ورفضه باعتباره خضوعاً لإملاءات إسرائيلية وأميركية. من جهة أخرى، لم تتضمن الخطة أي مطلب بحل الحزب السياسي، ما يعني استمرار وجوده في المشهد السياسي اللبناني.

المبعوث الأميركي طوم باراك هدد بتوقف الدعم الدولي والاقتصادي للبنان حال عدم تنفيذ الخطة، ما يزيد الضغوط على الحكومة اللبنانية. ويُخشى أن يؤدي تعطيل حزب الله وحركة "أمل" للحكومة أو البرلمان إلى تجميد تنفيذ الخطة، مما يهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان.

السيناريوهات المحتملة: مواجهة سياسية أم عسكرية؟

الأسئلة التي يطرحها المراقبون ترتكز على طبيعة المواجهة التي قد تنشأ بين الحكومة وحزب الله. فهل ستكون مواجهة سياسية تنحصر في تعطيل عمل المؤسسات، أم قد تتطور إلى مواجهة عسكرية مباشرة؟

حتى الآن، اختار حزب الله وحلفاؤه المقاطعة السياسية كوسيلة للاعتراض، حيث تغيبوا عن جلسات الحكومة، وحذروا من اعتبار قرارات نزع السلاح ملزمة لهم. هذه الخطوة قد تفتح باب أزمة دستورية طويلة، قد تؤخر تنفيذ الخطة وتجمّدها.

من جهة أخرى، يبقى الجيش اللبناني أمام اختبار حقيقي في كيفية التعامل مع حزب الله، الذي يمتلك ترسانة عسكرية ضخمة وتجربة قتالية واسعة. أي تحرك عسكري ضد الحزب يحمل مخاطر كبيرة على الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة بأسرها.

الوضع الإقليمي والدولي وتأثيره على الأزمة اللبنانية

ترتبط الأزمة اللبنانية بمستجدات إقليمية ودولية عديدة، منها العلاقة بين إيران وحزب الله، دور الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، فضلاً عن تأثير الأزمات في سوريا وفلسطين.

فقد خسر حزب الله بعض أذرعه في سوريا ولبنان نتيجة تغيرات ميدانية وسياسية، مما قد يؤثر على موقفه الداخلي. بالمقابل، تشدد الولايات المتحدة وإسرائيل على ضرورة نزع سلاح الحزب كشرط للاستقرار.

الضغط الدولي يترافق مع مخاوف من انهيار اقتصادي وازدياد التوتر السياسي في لبنان، خصوصاً مع وجود ملف إعادة الإعمار والتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد.

توقعات مستقبلية

في ظل هذه المتغيرات، يبدو أن لبنان على مفترق طرق حاسم. إما أن تتمكن الحكومة اللبنانية من فرض سيادتها كاملة عبر تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله، مما قد يعزز استقرار الدولة ويفتح الباب أمام إعادة بناء المؤسسات بشكل مستقل.

أو أن تستمر المواجهة السياسية وربما العسكرية، مما يعمق الأزمة ويعرض لبنان لمخاطر أمنية وسياسية واقتصادية كبيرة.

في كل الأحوال، يبقى الحوار السياسي الوطني الشامل هو السبيل الأفضل لتجنب الانزلاق في صراعات مفتوحة، وضرورة تفعيل دور الجيش اللبناني كمؤسسة وطنية تحفظ أمن البلاد وسيادتها.

كما أن الدعم الدولي، خصوصاً الأميركي والأوروبي، يلعب دوراً محورياً في دفع لبنان نحو الحلول السلمية، مع ضرورة مراعاة تعقيدات الواقع اللبناني الداخلي والتحالفات السياسية المختلفة.

المصادر


المصدر: هآرتس
 

التعليقات (0)