"لا تنازل عن خطوطنا الحمراء".. الهند تتفاوض مجددا حول الرسوم الجمركية مع أمريكا

profile
  • clock 23 أغسطس 2025, 10:18:11 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جيشينكار يتحدث إلى وسائل الإعلام في برلين. 23 مايو 2025 - REUTERS

متابعة: عمرو المصري

أوضح وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جيشينكار، السبت، أن المفاوضات التجارية الجارية مع الولايات المتحدة ما زالت مستمرة، لكنه شدد على أن نيودلهي تضع خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها، خصوصًا في ما يتعلق بمصالح المزارعين وصغار المنتجين المحليين. وأكد الوزير أن هذه الفئات تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الهندي، وأن أي اتفاق لا يراعي مصالحها سيُقابل بالرفض، في إشارة إلى تمسك بلاده بحماية سوقها الزراعي من أي انفتاح مفرط قد يهدد الإنتاج المحلي.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه السلع الهندية رسوماً جمركية أمريكية إضافية قد تصل إلى 50%، وهي من بين أعلى المعدلات التي تفرضها واشنطن. ووفقًا لما أعلنه جيشينكار، فإن هذه الرسوم ترتبط بزيادة مشتريات نيودلهي من النفط الروسي، الأمر الذي تعتبره إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحديًا مباشرًا لعقوباتها على موسكو. ويكشف هذا الموقف عن صراع معقد يتجاوز التجارة ليشمل أبعادًا جيوسياسية أوسع، حيث تصر الهند على تنويع مصادر الطاقة دون الرضوخ للضغوط الأمريكية.

تصعيد جديد بالرسوم الجمركية

في السادس من أغسطس، أعلن ترامب فرض رسوم إضافية بنسبة 25% على واردات الهند، لتُضاف إلى رسوم أخرى بنفس النسبة سبق الإعلان عنها. وبهذا، تصبح الواردات الهندية خاضعة لرسوم مجمعة قد تصل إلى 50%، وهو ما اعتُبر ضربة مباشرة لأحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وتشير التقديرات إلى أن قيمة التبادل التجاري بين البلدين تتجاوز 190 مليار دولار سنويًا، ما يبرز حجم المخاطر التي تواجه العلاقات الاقتصادية إذا استمرت الأزمة.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تأتي في إطار حرب ترامب التجارية المتصاعدة، بعد انهيار جولات التفاوض حول تخفيض الرسوم الجمركية. فالهند، التي تُصنف خامس أكبر اقتصاد عالمي، رفضت الاستجابة لمطالب أمريكية بفتح قطاعي الزراعة والألبان بشكل واسع، معتبرة أن هذه القطاعات تمثل أمنها الغذائي والاجتماعي. كما تمسكت باستمرار شراء النفط الروسي، في تحدٍ واضح للضغوط الأمريكية.

إلغاء زيارات ومحادثات

وفي مؤشر إضافي على تعثر المفاوضات، كشف مصدر مطلع لوكالة "رويترز" أن الزيارة التي كانت مقررة لوفد تجاري أمريكي إلى نيودلهي بين 25 و29 أغسطس قد أُلغيت دون تحديد موعد بديل. وأوضح المصدر أن الجولة الحالية من المحادثات الخاصة باتفاقية التجارة الثنائية قد تُؤجل إلى أجل غير مسمى، ما يبدد الآمال في التوصل إلى حلول قبل دخول الرسوم الجمركية الإضافية على السلع الهندية حيّز التنفيذ في 27 أغسطس.

أما السفارة الأمريكية في نيودلهي فقد اكتفت بالقول إنها لا تملك معلومات إضافية بشأن مستقبل المفاوضات، مؤكدة أن إدارة الملف التجاري ما زالت بيد الممثل التجاري الأمريكي. وترافق هذا الغموض مع خطوة أخرى ذات دلالة سياسية، إذ ألغت الهند خطة إرسال وزير دفاعها راجناث سينج إلى واشنطن، حيث كان من المقرر الإعلان عن صفقات جديدة. ويُنظر إلى هذا الإلغاء باعتباره ردًا غير مباشر على الإجراءات الأمريكية، ورسالة تفيد بأن نيودلهي لن تُقبل على تعميق شراكتها الدفاعية في ظل تصعيد اقتصادي عدائي.

طريق مسدود

تعود جذور الأزمة إلى خمس جولات من المحادثات التي انتهت جميعها بالفشل بسبب الخلافات الجوهرية حول ملفات حساسة، أبرزها فتح السوق الهندية أمام المنتجات الزراعية والألبان الأمريكية، ووقف واردات النفط الروسي. وبدلًا من التوصل إلى تسوية، اتجه الطرفان نحو خطوات تصعيدية متبادلة، أدت إلى حالة من الجمود في العلاقات التجارية.

ويشير هذا المسار إلى أن العلاقات الاقتصادية بين واشنطن ونيودلهي تقف اليوم أمام منعطف خطير، إذ تزداد التوترات في ظل إصرار كل طرف على حماية أولوياته. وبينما تواصل إدارة ترامب الضغط بالرسوم الجمركية، تبدو الهند مصممة على الدفاع عن سيادتها الاقتصادية ورفض الرضوخ لشروط تعتبرها مجحفة. وفي حال استمرار هذا التباعد، فإن الشراكة التجارية التي طالما وُصفت بالاستراتيجية قد تتحول إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين قوتين اقتصاديتين كبيرتين.

التعليقات (0)