-
℃ 11 تركيا
-
3 أغسطس 2025
كيف تطورت تكتيكات المقاومة الفلسطينية وزادت قدرتها على تنفيذ عمليات الاستنزاف؟
الباحث العسكري د.رامي أبو زبيدة يكشف:
كيف تطورت تكتيكات المقاومة الفلسطينية وزادت قدرتها على تنفيذ عمليات الاستنزاف؟
-
28 أبريل 2025, 1:32:57 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
جانب من كمائن المقاومة الفلسطينية في غزة خلال شهر أبريل 2025
شهدت العمليات الأخيرة للمقاومة الفلسطينية، لا سيما خلال شهر أبريل، تحوّلًا وتكيفًا واضحًا في أساليبها القتالية. يشير ذلك بقوة إلى أن المقاومة استفادت من دروس الجولات القتالية الممتدة خلال الفترة الماضية التي تجاوزت عامًا ونصف. طبيعة الوضع الميداني والضغط الحالي ومتغيرات الميدان فرضت على المقاومة ضرورة تطوير تكتيكاتها بما يتناسب مع مجريات الأحداث. وبالفعل، استطاعت المقاومة أن تعتمد بشكل أكبر على حرب العصابات، والعمليات الخاطفة، والكمائن المركبة، مستغلة طبيعة الجغرافيا التي يتواجد فيها الاحتلال الإسرائيلي، خاصة أن هذه المناطق شهدت توغلات سابقة أضرت ببنيتها التحتية.
من خلال تتبع العمليات الأخيرة، يتضح أن المقاومة تعمل على استدراج القوات الإسرائيلية إلى مناطق محددة لتنفيذ كمائن محكمة، باستخدام عبوات ناسفة معدة مسبقًا، أو الاشتباك المباشر من مسافات قريبة، أو عبر عمليات قنص دقيقة.
كما لوحظ اعتمادها على الأنفاق كوسيلة أساسية للتنقل وتنفيذ عمليات مفاجئة خلف خطوط العدو أو في محيط تجمعاته. تتجنب المقاومة في كثير من الأحيان الدخول في مواجهات كلاسيكية مفتوحة مع القوات الإسرائيلية المدججة بالقدرات النارية المتفوقة والتكنولوجيا المتقدمة، مفضلة العمليات التي تعتمد على عنصر المباغتة والتخفي. هذا التحول يعكس فهمًا أعمق من المقاومة لنقاط القوة والضعف لدى الطرفين، وسعيًا حثيثًا لتعظيم خسائر العدو الصهيوني.
دقة التخطيط والاستخبارات المسبقة في الكمائن الناجحة
بدوره، أوضح د. رامي أبو زبيدة، الباحث في الشان العسكري، أن تحقيق المقاومة الفلسطينية لخسائر واضحة في الكمائن الأخيرة لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تخطيط محكم ودقيق. سر النجاح الذي ميز هذه الكمائن يعود إلى عدة عوامل، أبرزها وجود تخطيط مسبق وجمع معلومات استخبارية دقيقة. الكمائن التي أسفرت عن خسائر واضحة سبقتها عمليات رصد دقيقة لتحركات القوات الإسرائيلية وتمركزاتها ونقاط ضعفها المحتملة، مما مكن المقاومة من اختيار الزمن والمكان الأنسب لتنفيذ الهجمات.
وأكد “أبو زبيدة” أن المقاومة استفادت ببراعة من البيئة العملياتية لقطاع غزة، حيث استغلت الطبيعة الجغرافية للمناطق المدمرة والمباني المهدمة وشبكة الأنفاق، مما وفر لها غطاءً فعالًا لتحقيق عامل المبادأة في ظل بيئة حضرية معقدة. كما أن شبكة الأنفاق أتاح لها التحرك والاختفاء بعيدًا عن رصد الاحتلال، مما زاد من صعوبة استهدافها. العمليات الأخيرة أظهرت مرونة وسرعة عالية في الحركة، حيث اعتمدت على مجموعات صغيرة سريعة، قادرة على الاشتباك السريع مع العدو وإلحاق أضرار ملموسة به قبل انسحابها الآمن قبل وصول تعزيزات الاحتلال.
عنصر المباغتة والمرونة في التنفيذ
ووفقا لـ"أبو زبيدة"، كان لعنصر المباغتة دور حاسم في نجاح العمليات الأخيرة. قدرة المقاومة على الظهور فجأة في أماكن غير متوقعة، سواء عبر الأنفاق أو من بين الركام أو من خلف خطوط العدو، مكّنتها من تنفيذ هجمات مباغتة قبل أن يتمكن الجنود الإسرائيليون من الرد بفاعلية. هذه المباغتة أسهمت بشكل كبير في تحقيق خسائر واضحة في صفوف قوات الاحتلال.
وأشار الباحث في الشأن العسكري إلى أن الاعتماد على تكتيك الكرّ والفرّ ساعد المقاومة في إلحاق أضرار موجعة بالعدو مع تفادي الخسائر الكبيرة في صفوفها. سرعة الحركة، استخدام المجموعات الصغيرة، والاعتماد على مفاجأة العدو في نقاط اعتقد أنها مؤمّنة، جعلت من هذه الكمائن أداة فعالة لاستنزاف الاحتلال.
أثر عمليات الاستنزاف على معنويات الجيش الإسرائيلي
وقال “ألو زبيدة” إن التطور النوعي في تكتيكات المقاومة والدخول في مرحلة الاستنزاف أثرا بشكل واضح على معنويات الجيش الإسرائيلي. تعرض القوات الإسرائيلية المستمر للكمائن المتفرقة، وسقوط القتلى والجرحى بشكل مستمر، أوجد حالة من عدم الأمان لدى الجنود في كل المحاور، سواء في المناطق الشرقية أو في أي منطقة يحاول الاحتلال التقدم إليها.
وأضاف: “هناك شعور دائم بالخطر وسط الجنود، حتى في المناطق التي كانت إسرائيل قد أعلنت تأمينها سابقًا. هذه الحالة تفرض على الجنود حالة من التوتر واليقظة الدائمة، ما ينهكهم ذهنيًا وبدنيًا، ويؤثر على أدائهم الميداني. كذلك، تتزايد الشكوك داخل القوات بشأن فعالية الإجراءات الدفاعية المتخذة لحمايتهم، لا سيما مع استمرار نجاح المقاومة في تنفيذ عمليات ناجحة رغم كل التحصينات”.
من ناحية أخرى، أدت الضغوط النفسية الناتجة عن فقدان الزملاء ورؤية الإصابات إلى تزايد مشاعر الإحباط والغضب بين الجنود، مما دفع بعضهم إلى التشكيك في جدوى العمليات المستمرة. هذا التشكيك يتزامن مع قناعة آخذة بالاتساع بين الجنود والجبهة الداخلية الإسرائيلية بأن استمرار العمليات العسكرية يخدم أهدافًا سياسية وشخصية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكثر مما يخدم أهدافًا أمنية حقيقية، وفقا لـ"أبو زبيدة".
وتابع: “أضف إلى ذلك، أن طول فترة العمليات أدى إلى شعور بالعجز عن تحقيق الحسم الكامل والقضاء على قدرات المقاومة، وهو ما يزيد من التأثيرات السلبية على الروح المعنوية للوحدات القتالية، ويؤدي إلى تآكل تدريجي في الثقة بقدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق أهدافه المعلنة”.









