-
℃ 11 تركيا
-
12 يونيو 2025
كمال يونس يكتب: المناهج التعليمية العربية.. وعملية تغييب العقل العربي (2)
كمال يونس يكتب: المناهج التعليمية العربية.. وعملية تغييب العقل العربي (2)
-
6 مايو 2025, 2:45:28 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
صورة متداولة من مناهج التعليم في الإمارات
تحدثنا في مقال سابق عن أيادي العبث في المناهج التعليمية العربية بمختلف مراحلها، وكيف امتدت هذه الأيادي إلى كل المناهج في كل المواد التعليمية، وبصفة خاصة مناهج اللغة العربية، التي تم فيها حذف كل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وكتب التربية الإسلامية التي تم فيها حذف القصص التي كانت مقررة على التلاميذ، مثل قصة عقبة بن نافع، والسيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وقصة أسامة بن زيد رضي الله عنه، وغيرهم.
وما حدث في كتب التاريخ والجغرافيا حيث تم حذف كل خرائط فلسطين، حتى ثورة يناير تمت الإشارة إليها بصورة قليلة، في حين أن المناهج ركزت على ما يسمى بثورة 30 يونيو، وعلى حركة تمرد كمثال لمشعلي ما يسمى بهذه الثورة التي أطاحت بحكم الإخوان. وذكرت الكتب معلومات مغلوطة وحقائق تاريخية مزيفة عاشها أكثر هذا الجيل المعاصر.
وليت الأمر اقتصر على هذا التضليل، بل ذكرت المناهج التعليمية قصص حياة الممثلين والممثلات، وقدمتهم على أنهم القدوة التي يجب أن يُقتدى بها. فعلى سبيل المثال، نموذج للصف السادس الابتدائي جاء كالتالي:
اختر الإجابة الصحيحة:
لُقبت السيدة سميحة أيوب بسيدة...... العربي
أ. التلفزيون ب. الشاشة ج. المسرح د. الإعلام
حصلت السيدة سميحة أيوب على ميدالية............ الذهبية
أ. النجمة ب. النيل ج. الشخصية د. الطريقة
درست السيدة سميحة أيوب...............
أ. الطب ب. الهندسة ج. الرسم د. التمثيل
هذا ما جاء في كتاب المهارات للصف السادس الابتدائي، ولست أدري ما الذي سيعود على التلاميذ من هذا العبث واللهو!
وفي دولة الإمارات لا يختلف الحال كثيرًا عن مصر، فكل المناهج التعليمية فيها تدعو علانية إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني. ففي إحدى كتب اللغة العربية درس بعنوان (جارنا الجديد يوسي)، جاء فيه:
وقف ولد غريب أمام سور المزرعة، كان يشير إلى الحيوانات مبتسمًا ويتحدث بلغة غريبة أيضًا.
سألته نور: من أنت؟ اختفت ابتسامة الولد وظهرت على وجهه علامات القلق!
أضافت نور: هل تريد أن تلعب معي؟ تعالَ إلى المزرعة. ابتعد الولد خائفًا منزعجًا.
سألت نور أولاد الجيران: من هذا الولد؟
إنه يوسي، جارنا الجديد، جاء مع أسرته من تل أبيب (لاحظ!)، ولكنه يبقى طول الوقت وحيدًا، لا يكلم أحدًا، ولا يلعب مع أحد، وقد لاحظنا وقوفه مرارًا أمام سور المزرعة!
استغربت نور وأخبرت أباها سالمًا بالأمر.
الوالد: إنه من تل أبيب، ولا يعرف لغتنا، لذلك يبقى وحيدًا... لمَ لا تدعينه يلعب معك؟
نور: دعوته لكنه لم يتجاوب وركض بعيدًا.
الوالد: حاولي أن تدعينه من جديد عندما ترينه في المرة القادمة. قدمي له قطعة من الحلوى فيطمئن إلى نواياك الحسنة. يوسي جاء من تل أبيب ولا يعرف أحدًا هنا، ولا بد أنه يشعر بالغربة والقلق.
نور: كيف يعرف ذلك يا أبي؟
... واستغرقت نور في التفكير!
لاحظ أن هذا الدرس يمثل دعوة صريحة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وأنه يغرس في نفوس التلاميذ أن هذا ليس عدوًا، بل صديق ودود!
أما في المملكة الأردنية، فقد تم حذف كل آيات الجهاد، وتم حذف كل الشخصيات التاريخية المجاهدة، وتم استبدالها، أيضًا مثل مصر، بسير الفنانين والفنانات والمغنيين والمغنيات. فمثلًا، في إحدى مناهج اللغة العربية درس بعنوان "تعرّف إلى فنان":
سميرة توفيق
مغنية اشتهرت باللهجة البدوية، قدّم لها الشعراء والملحنون من لبنان وسوريا والأردن العديد من الأغاني التي نالت شهرة عربية كبيرة مثل أغنيات:
(بالله بصبّوها القهوة، وفدوى لعيونك يا أردن، وحسنك يا زين، وأسمر خفيف الروح، وغيرها...)
كما شاركت في العديد من الأفلام والمسلسلات، ممثلة ومغنية أمام كبار الفنانين!
ولسنا ندري ما الذي يعود على التلاميذ والطلاب من هذه السير لهؤلاء المغنيين والمغنيات، سوى تغييب العقول العربية عن قضاياها؟!
ومن سيرة سميحة أيوب في مصر، وسيرة سميرة توفيق في الأردن، إلى دعوة الطلاب في الإمارات إلى التطبيع وكيفية معاملة يوسي ابن تل أبيب، إلى الدعوة الصريحة في مناهج التعليم بأن القدس عاصمة إسرائيل، كما جاء في كتب التاريخ المصرية صراحة، كما جاء:
(مدينة القدس هي أكبر مدينة في إسرائيل من حيث عدد السكان، والقدس هي عاصمة إسرائيل...)
وهكذا تبدلت المناهج التعليمية العربية عن قصد وعمد، حتى إن إحدى التقارير الإخبارية أشارت إلى أن من يشرف على صناعة المناهج التعليمية العربية هي هيئة صهيونية، هي التي تراقب وتضع هذه المناهج التعليمية العربية!
فمن مناهج تعليمية كانت تدعو التلاميذ والطلاب إلى الدفاع عن الوطن، مثل درس يحكي عن افتخار أحد التلاميذ بأخيه المجند، فيقول:
لي أخ مجند، اسمه محمد
قام في الصباح، يحمل السلاح
قال: إني ذاهب، يا أخي، أحارب
مصر تنادي، أمّنا تنادي
اكسروا القيود، اعبروا السدود...
إلى مناهج تعلّم التلاميذ والطلاب بأن الصهاينة أحبابنا وجيراننا الأوفياء!
ولله الأمر من قبل ومن بعد!








