-
℃ 11 تركيا
-
12 يونيو 2025
كمال يونس يكتب: المناهج التعليمية العربية.. وعملية تغييب العقل العربي (1)
كمال يونس يكتب: المناهج التعليمية العربية.. وعملية تغييب العقل العربي (1)
-
25 أبريل 2025, 4:04:09 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مما لا شك فيه أن التعليم في أي دولة هو الركيزة الأساسية لأي دولة، وقوة بنائها، وسبب لتقدمها وجعلها في مقدمة الأمم. من أجل ذلك دعا الإسلام إلى العلم، وكانت أول آية كريمة أنزلت في القرآن الكريم هي: (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم) – سورة الأعلى. بل وهناك سورة كاملة سُمّيت بسورة القلم، للدلالة على أهمية العلم والعلماء!
من أجل ذلك نرى الدول الغربية هي التي تهتم بالعلم والعلماء، فجعلتهم في مقدمة الصفوف، فنفعوا بلادهم وارتقوا بها، وجعلوها في مقدمة الأمم، مثل اليابان التي مرّت بحادثة هي الأسوأ في تاريخها إبان الحرب العالمية الثانية، والصين، وكوريا، وألمانيا، وغيرها من الدول الغربية!
أما الدول العربية فأهملت العلم والعلماء، وجعلتهم في مرتبة أقل وأقل، وقدّمت عليهم لاعبي الكرة، والفنانين، والممثلات، والراقصات!
من أجل ذلك فقد هرب العلماء وأصحاب العقول إلى بلاد الغرب، حيث المناخ الملائم والاهتمام والمناخ المناسب، والأمثلة على ذلك كثيرة، فنبغ هؤلاء العلماء ونفعوا بلاد الغرب، مثل العالم المصري أحمد زويل، والدكتور بازل هلال أستاذ جراحات العظام، والدكتور مجدي يعقوب، وغيرهم!
وكل هذا ليس اعتباطيًا، بل هذا هو المخطط له، لأن الأنظمة العربية تريد شعوبًا جاهلة غير متعلمة، حتى يسهل عليهم اقتيادها والتحكم فيها!
وليت الأمر اقتصر على هذا العبث، بل رأينا الأنظمة العربية تطبق سياسات وتوصيات غربية صهيونية على صناعة المناهج التعليمية العربية، بزعم "قبول الآخر"، ومحاربة "الإرهاب والتطرف"، فتم حذف النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وسير الصحابة والتابعين، والقادة الفاتحين، أمثال القائد عقبة بن نافع، والصحابي خالد بن الوليد، وأسامة بن زيد، وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.
وحذفوا كل الآيات التي تدعو إلى الدفاع عن الأوطان وجهاد الأعداء، واستبدلوها بسير الفنانين والفنانات، الأحياء منهم والأموات، ولاعبي الكرة وغيرهم!
والغرض من هذا هو تخريج أجيال ليست لها هوية إسلامية، ولا عربية! أجيال تهوى الرقص واللعب، لا علاقة لها بالدين! وهذا أخطر شيء يواجه هذه الشعوب!
فعلى سبيل المثال، لا الحصر، نجد أن النظام التعليمي في كل الدول العربية قد انحرف تمامًا عن القيم والمبادئ والأخلاق!
والأغرب من ذلك أن هناك هيئات عالمية مشبوهة هي التي تضع هذه السياسات التعليمية في كل الدول العربية!
ففي العام الدراسي 2023/2024، تم إجراء مسح شامل لمناهج الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثالث الإعدادي، وتم حذف كل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وسيرة الصحابة والتابعين والقادة الفاتحين. فتم استبدال سيرة عقبة بن نافع في الصف الأول الإعدادي بسيرة أحد الرياضيين اسمه علي فرج، لاعب الاسكواش، وأتحدى أي معلم في وزارة التربية والتعليم أن يقول ما هي رياضة الاسكواش!
كما تم حذف سيرة السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها، وتم استبدالها بسيرة الفنانة سميحة أيوب، ولسنا ندري ماذا قدمت هذه الفنانة وغيرها للحياة في مصر وفي غيرها؟!
كما تم إزالة الصور النمطية من المناهج بحجة "معاداة السامية"! كما حُذفت الخرائط التي تصوّر اغتصاب الكيان الصهيوني على أنه محتل ومغتصب، ولُجئ إلى تحسين صورته، وتحسين صورة اليهود في السياقات التاريخية، واعترف بحضورهم التاريخي في مصر وغيرها!
كما لجأت وزارة التربية والتعليم المصرية إلى تعديل كتب الجغرافيا والتاريخ في كل السنوات التعليمية، فعلى سبيل المثال، وصف كتاب "الجغرافيا وتاريخ مصر الحديث" للصف الثالث الإعدادي إسرائيل بأنها "شريكة بعلاقات صداقة مع مصر"، وركّز على شرعيتها كطرف رئيسي في عملية السلام، كما روج لاتفاقية كامب ديفيد على أنها كانت ضرورية لتحسين الوضع الاقتصادي في مصر، في حين لم يذكر بعض بنود هذه الاتفاقية التي تتعلق بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني ومفاوضات تقرير المصير!
وقد أهمل المنهج الجديد تفاصيل الحروب التي خاضتها إسرائيل ضد مصر!
ومن ينظر إلى كتاب التاريخ، نجد أن كتاب عام 2002 كان يضم 32 صفحة عن الحروب العربية ضد إسرائيل، و3 صفحات تتحدث عن السلام، الآن تبدل الوضع تمامًا!
ففي طبعة 2015، تم تخصيص 12 صفحة فقط عن الحروب العربية ضد إسرائيل، و4 صفحات فقط عن السلام... تم حذف كل هذا، وتم حذف فكرة "الصراع العربي الإسرائيلي"، وتم استبدالها بـ "مميزات السلام"، مما دفع معهد صهيوني يهتم بهذه الأمور في المناهج التعليمية العربية إلى القول: "إننا نشعر بالارتياح إزاء هذه المناهج الجديدة التي تجعل من إسرائيل شريكًا وصديقة".
ولعل هذه التغييرات بدأت في العشر سنوات الأخيرة، وهناك خطة لاستكمال التغييرات في المناهج التعليمية العربية تنتهي بحلول 2030.
حتى التدريبات والمناقشات تم استبدالها بتدريبات تدعو علانية إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، فعلى سبيل المثال، لا الحصر، في أحد الكتب تدريب بعنوان: "لنتعلم":
"وجّه حسام دعوة إلى صديقه بيتر الذي يعيش في بريطانيا لزيارة مصر، وكتب له رسالة يوضح له فيها برنامج الزيارة لبعض الأماكن السياحية في مصر، ذكر له فيها: مجمع الأديان، ويقع في مصر القديمة، ويضم مجموعة من الآثار الرومانية واليهودية والقبطية والإسلامية، مثل حصن نابليون الذي بُني في عهد الاحتلال الروماني، والكنيسة المعلقة، والمعبد اليهودي الذي يقع في نهاية منطقة الكنائس القبطية في الفسطاط، ثم جامع عمرو بن العاص..." إلخ.
هذا بعض ما تضمنته المناهج التعليمية العربية، وما خفي كان أعظم، ولا يختلف الحال كثيرًا في الدول العربية الأخرى عن مصر. هذا ما سنذكره – بعون الله – في مقال آخر.
والله المستعان.









