تكبير الخط تصغير الخط

متابعة: شيماء مصطفى

قد يكون الغوص في أعماق البحار تجربة مذهلة، مع ما يحتويه من أسرّة مرجانية لا تُحصى وحياة بحرية غنية يمكن استكشافها. ومع ذلك، كما اكتشف أحد الغواصين مؤخرًا، فإن هذه المغامرات لا تخلو من المخاطر.

تُظهر مقاطع فيديو انتشرت عبر الإنترنت غواصًا يسبح في منطقة مشهورة بنشاط الأسماك، حين يصادف ثعبان البحر. وبينما بدا أن اللقاء سينتهي بسلام، تغيرت الأمور بسرعة عندما استدار ثعبان البحر وهاجم الغواص بعضة مفاجئة.

على الرغم من أن الغواص نجا بعضة واحدة وعدد من الغرز الجراحية، إلا أن الحادث يثير تساؤلاً هامًا:

"لماذا هاجم ثعبان البحر؟"

هذه الكائنات ليست معروفة بسلوكها العدواني، لكن العلماء أشاروا إلى أنها قد تتصرف بشكل إقليمي وتفاعلي أحيانًا.

في الأقسام التالية، سنُلقي نظرة فاحصة على ما يجعل ثعابين البحر فريدة من نوعها، ولماذا تحدث العضّات، ومدى تكرارها، وما يجب فعله إذا وجدت نفسك في موقف مشابه.

ما هي ثعابين البحر (Moray Eels)؟

ثعابين البحر هي عائلة من الأسماك الطويلة ذات الشكل الأفعواني، وتوجد في المحيطات حول العالم. ورغم أنها شائعة في الشعاب المرجانية والسواحل الصخرية والكهوف تحت الماء، فإن معظم الناس لن يصادفوا واحدة في الطبيعة إلا خلال الغوص.

هذه الكائنات المراوغة تميل إلى الاختباء في الشقوق خلال النهار، وتخرج في الليل للصيد.

الحجم واللون

تتراوح أحجام ثعابين البحر عادة بين قدم واحدة إلى أكثر من 10 أقدام، اعتمادًا على النوع. كما تأتي بألوان متعددة، منها الأخضر، والبني، والأصفر، وحتى بألوان مخططة كالحمار الوحشي.

وعلى الرغم من الاختلافات بين الأنواع، إلا أن جميعها تتميز بجلد ناعم بلا قشور، ومغطى بطبقة مخاطية واقية.

هيكل فك غير اعتيادي

للوهلة الأولى، تبدو ثعابين البحر وكأنها أسماك عادية. ولكن، في حلقها توجد مجموعة ثانية من الفكوك تُعرف باسم "الفك البلعومي" (pharyngeal jaw). وعلى عكس الفكوك البلعومية في باقي الأسماك، والتي تُشغل بواسطة عضلات داعمة، تمتلك ثعابين البحر عضلات تعمل مثل الحبال المطاطية، مما يتيح لها قذف الفك للأمام وسحب الفريسة إلى أعماق فمها.

هل ثعابين البحر خطيرة؟

عندما تكون حرة السباحة، تميل هذه الكائنات إلى التصرف بشكل دفاعي للغاية، وستحمي نفسها إذا شعرت بالتهديد. معظم اللقاءات بين ثعابين البحر والبشر تنتهي بسلام، لكن الحالات التي تنتهي بهجوم عادة ما تكون نتيجة لأحد العوامل التالية:

رد فعل دفاعي

خطأ في التقدير (اعتقاد أن اليد طعام مثلًا)

سلوك إقليمي وعدواني

ما مدى شيوع هجمات ثعابين البحر؟

بالمقارنة مع إصابات الكائنات البحرية الأخرى، فإن عضّات ثعابين البحر نادرة نسبيًا. فالغواصون أكثر عرضة للتعرض للسعات قناديل البحر، أو وخزات قنافذ البحر، أو خدوش بسيطة من الشعاب المرجانية، أكثر من التعرض لهجوم من ثعبان البحر.

لكن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من خطر التعرض للعض، مثل:

الغوص في مناطق ذات رؤية ضعيفة وظروف ضبابية

السباحة في موائل معروفة لثعابين البحر

محاولة لمس أو إطعام ثعبان البحر

ماذا يجب أن تفعل إذا عضك ثعبان بحر؟

قد تكون هجمات الكائنات البحرية مرعبة، خاصة إذا حدثت تحت الماء. وإذا عضك ثعبان بحر، فإن رد فعلك الفوري يمكن أن يقلل كثيرًا من حجم الضرر.

تتميز ثعابين البحر بفكوك قوية، وأسنان حادة موجهة إلى الداخل، وفم مليء بالبكتيريا، مما يجعل خطر الإصابة بعدوى كبيرًا. لذا، اتباع بعض الخطوات الأساسية يمكن أن يكون فارقًا في عملية الشفاء.

حافظ على هدوئك وتجنب الحركة المفاجئة

بغض النظر عن نوع الكائن، فإن رد فعلنا الغريزي الأول هو سحب أطرافنا بسرعة عند التعرض للعض. لكن هذا السلوك قد يزيد الأمور سوءًا مع ثعابين البحر.

إذا كانت القبضة قوية، فإن الحركة المفاجئة قد تعمق الجرح أو تمزق الأنسجة أو حتى تكسر العظام. من الأفضل البقاء ثابتًا قدر الإمكان لتقليل الضرر حتى يحرر الحيوان قبضته.

حاول فك الارتباط بأمان

في معظم الحالات، يعض ثعبان البحر ويطلق سراحه بسرعة. لكن إذا تمسك، حاول الضغط بلطف على رأسه أو جسمه لتشجيعه على الإفلات. ما لا يجب فعله هو السحب بعنف من فمه، لأن ذلك قد يؤدي لمزيد من الضرر. بعد الإفلات، حاول استخدام أي جسم للفصل بينك وبينه.

غادر الماء فورًا

بعد انفكاك القبضة، من الضروري مغادرة الماء بسرعة. فمواصلة الغوص مع وجود جرح مفتوح قد يزيد خطر العدوى أو يجذب كائنات بحرية أخرى أكثر خطورة.

اطلب الرعاية الطبية

نظرًا لأن ثعابين البحر تحمل أنواعًا من البكتيريا الضارة في أفواهها، حتى العضّات الصغيرة قد تؤدي إلى عدوى شديدة. من الضروري زيارة طبيب مختص لفحص الجرح. وفي معظم الحالات، ستكون هناك حاجة للمضادات الحيوية ولقاح ضد الكزاز لتقليل تأثير العضة.

نهاية غير متوقعة لغوص أعماق البحر

على الرغم من أن الغوص في أعماق البحر يمنح فرصة لاكتشاف عالم ساحر، إلا أن لقاءً غير متوقع مع ثعبان بحر ضخم حوّل مغامرة أحد الغواصين إلى مواجهة مؤلمة. الحادث يسلط الضوء على أهمية فهم سلوك الكائنات البحرية، والتصرف السليم عند الطوارئ لتقليل الأضرار الجسدية والنفسية.