دعوات للتحرك الفوري

غزة: وزارة الداخلية تتهم الاحتلال بإدامة الفوضى وهندسة التجويع واستهداف لجان تأمين المساعدات

profile
  • clock 13 أغسطس 2025, 1:51:12 م
  • eye 412
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في بيان عاجل صدر اليوم، اتهمت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة سلطات الاحتلال الإسرائيلي بانتهاج سياسة ممنهجة تهدف إلى إدامة الفوضى و"هندسة التجويع" عبر منع وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، وارتكاب مجازر بحق لجان تأمين تلك المساعدات، إضافة إلى رعاية مجموعات تقوم بنهب شاحنات الإغاثة.

إدامة الفوضى وحرمان المدنيين من الغذاء

أكدت الوزارة أن الاحتلال يتعمد خلق حالة من الفوضى في مناطق توزيع المساعدات، من خلال عرقلة دخول الشحنات أو تأخيرها لفترات طويلة، ثم السماح بدخولها في أوقات محدودة وبكميات قليلة، بما يضمن استمرار الأزمة الإنسانية.

وأوضحت أن ما وصفته بسياسة "هندسة التجويع" ليست نتيجة عرضية للحصار، بل خطة مدروسة تهدف إلى كسر إرادة السكان وإجبارهم على القبول بإملاءات الاحتلال السياسية والأمنية.

استهداف مباشر للكوادر الإنسانية

أشارت وزارة الداخلية إلى أن الاحتلال ارتكب مجازر بحق لجان تأمين المساعدات، وهي فرق محلية تتولى تنظيم توزيع المواد الإغاثية وحماية المدنيين أثناء تسلمهم للمساعدات.

وقالت إن هذه الفرق تعرضت للاستهداف المباشر بالرصاص والقصف، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى بينهم، رغم وضوح مهامهم الإنسانية وعدم مشاركتهم في أي أعمال قتالية.

رعاية اللصوص وعرقلة الإغاثة

اتهم البيان سلطات الاحتلال برعاية ودعم مجموعات وصفتها بـ"اللصوص"، تقوم بنهب شاحنات المساعدات قبل وصولها إلى مراكز التوزيع، في محاولة لحرمان الفقراء والمحتاجين منها.

كما أشار إلى أن هذه الممارسات تترافق مع حملات دعائية إسرائيلية تهدف إلى تشويه صورة الجهات المحلية المسؤولة عن الإغاثة في غزة، وتحميلها مسؤولية الأزمة، في حين أن الاحتلال هو من يتحكم بشكل كامل في إدخال المساعدات وكمياتها.

الصمت الدولي مشاركة في الجريمة

شددت وزارة الداخلية في بيانها على أن الصمت الدولي إزاء هذه السياسات يعد مشاركة فعلية في جرائم الاحتلال، داعية المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لوقف هذه الممارسات.

كما طالبت بفتح ممرات إنسانية آمنة ودائمة، تحت إشراف دولي مستقل، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها دون عراقيل أو تدخلات من قوات الاحتلال.

تداعيات إنسانية كارثية

تشير التقارير الأممية إلى أن أكثر من مليون شخص في قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يواجه مئات الآلاف منهم خطر المجاعة الفعلية إذا استمرت هذه السياسات.

ويحذر خبراء الإغاثة من أن هندسة التجويع، أي التحكم المتعمد في كميات ونوعيات الغذاء المسموح بدخولها، سيؤدي إلى أضرار صحية ونفسية طويلة الأمد، خصوصاً لدى الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن.

القانون الدولي وتجريم التجويع

ينص القانون الدولي الإنساني، وتحديداً المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، على تحريم استخدام التجويع كسلاح في النزاعات المسلحة، واعتباره جريمة حرب.

ورغم ذلك، ترى مؤسسات حقوقية أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم سياسة التجويع بشكل ممنهج ضد سكان غزة، في خرق واضح لهذه القوانين، دون أن يواجه محاسبة حقيقية أو إجراءات رادعة من المجتمع الدولي.

المساعدات الإنسانية بين السياسة والأمن

يؤكد مراقبون أن إدخال المساعدات إلى غزة لم يعد مسألة إنسانية بحتة، بل بات ورقة ضغط سياسية وأمنية بيد الاحتلال، يتم التحكم فيها وفقاً لمجريات الميدان والمفاوضات.

ويضيف هؤلاء أن أي مساعدات تدخل حالياً تمر عبر عملية معقدة تشمل موافقات أمنية إسرائيلية، وتفتيش دقيق، وأحياناً منع تام لدخول مواد أساسية مثل الأدوية وحليب الأطفال.

شهادات من الميدان

يقول أحد متطوعي فرق تأمين المساعدات: "كنا نحاول تنظيم صفوف الناس لتوزيع الدقيق، وفجأة سقطت قذيفة قربنا، فأصيب عدد من زملائنا، واضطررنا لإيقاف العمل"، مؤكداً أن الاستهداف المتكرر دفع الكثير من المتطوعين للتوقف عن العمل خوفاً على حياتهم.

كما تروي أم فلسطينية أنها وقفت ساعات طويلة في طابور للحصول على كيس دقيق، لكنها فوجئت بأن المساعدات نفدت قبل وصول دورها، مضيفة: "أعود إلى أطفالي كل يوم ويدي فارغة، ولا أجد ما أقدمه لهم سوى الماء".

 

طالبت وزارة الداخلية في غزة جميع المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بإرسال بعثات ميدانية لمراقبة عمليات توزيع المساعدات وتوثيق الانتهاكات، والعمل على ضمان وصول المواد الإغاثية بشكل مباشر إلى المحتاجين.

كما دعت إلى محاسبة المسؤولين عن استهداف فرق الإغاثة والكوادر الإنسانية، باعتبار ذلك انتهاكاً خطيراً للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية.

تصريحات وزارة الداخلية في غزة تضع المجتمع الدولي أمام حقيقة واضحة: الأزمة الإنسانية في القطاع ليست نتيجة الحرب وحدها، بل أيضاً نتيجة سياسات ممنهجة تهدف إلى إدامة الفوضى وحرمان المدنيين من أبسط حقوقهم في الغذاء والأمان.

إن استمرار الصمت إزاء هذه الممارسات يعني عملياً القبول بها، وترك أكثر من مليوني إنسان يواجهون خطر الجوع والموت تحت الحصار والقصف.

المطلوب اليوم تحرك فوري وحقيقي لوقف سياسة هندسة التجويع، وتأمين وصول المساعدات إلى مستحقيها دون عراقيل، وضمان حماية الفرق الإنسانية، لأن أي تأخير في ذلك يعني سقوط المزيد من الضحايا واستمرار معاناة لا تحتمل.

التعليقات (0)